[esi views ttl="1"]
arpo28

اليمنيّون يشتاقونَ إلى "الكهرباء"

نادراً ما يلتقي اليمنيون من دون الحديث عن معاناتهم مع انقطاع الكهرباء.

منذ حوالي ثلاث سنوات تقريباً، ومع ازدياد الهجمات على أبراج الكهرباء، باتوا يرتبون حياتهم بطريقة مختلفة، تبعاً لمواعيد انقطاعها وقدومها.

وأحياناً كثيرة، يمضون يومهم فقط في انتظارها. وقد أُضيف التقنين إلى مشكلة أساسية، تتمثل في عدم قدرة محطة الكهرباء الرئيسية في محافظة مأرب (وسط اليمن) على تغطية جميع المناطق، لتغرق البلاد في العتمة.

[b]خسائر [/b]

يدفعُ الانقطاع المتكرر للكهرباء الناس إلى اقفال محالهم ومؤسّساتهم التجارية. ويقول بندر محمد راشد، الذي يملك محل نجارة في العاصمة صنعاء، إن "انقطاع خدمة الكهرباء يكلفه خسائر كبيرة، ويفسد علاقته بالزبائن الذين لا يتفهمون أسباب تأخر إنجاز أعمالهم". ويضيف: "خسرت خلال الأشهر الماضية مبالغ مالية كبيرة، ما اضطرني إلى الاستغناء عن أكثر من نصف العاملين لعجزي عن دفع رواتبهم".

لا تقتصر تداعيات انقطاع الكهرباء على إغلاق المحال. وهيب الشرعبي، وهو صاحب متجر صغير لبيع المواد الغذائية، يضطر إلى "إتلاف بضاعته، وخصوصاً اللحوم ومشتقات الألبان كل فترة"، لافتاً إلى أنه "خسر حوالي 80 ألف ريال (400 دولار أميركي) الأسبوع الماضي".

[b]موت [/b]

أمام هذا الواقع، لا خيار أمام اليمنيين سوى اللجوء إلى المولدات الكهربائية. لكنها ليست حلا مثالياً دائماً، في ظل الانقطاع المتكرر للمحروقات، إضافة إلى أسعارها المرتفعة، ما يدفع المواطنين إلى إغلاق محالهم لفترات طويلة.

عدا ذلك، شهد عدد من المدن حوادث اختناق بالغازات السامة الناتجة من المولدات الكهربائية، كان آخرها وفاة 13 شخصاً من أسرة واحدة اختناقاً داخل منزلهم في محافظة ريمة (وسط اليمن).

تتعدّد قصص الموت الناتجة من انقطاع الكهرباء، الذي يجبر الناس على البحث عن بدائل قد لا تكون دائماً آمنة. ويقول عبده محمد طه من أهالي منطقة سعوان، إن "جاره توفي بصعقة كهربائية أثناء محاولته مدّ خط كهرباء إلى منزله".

وسجلت السلطات الأمنية حوادث حريق ناتجة من نسيان بعض المواطنين إطفاء الشموع قبل النوم، أو جراء استعمالها أثناء القيام بتشغيل المولدات.

ويعدّ الوضع في المناطق الساحلية والصحراوية أكثر مأساوية، وخصوصاً أنها تعتمد على المكيفات بشكل تام بسبب الحر الشديد. وتقول دلال الهيثمي القاطنة هناك إن "الكهرباء تنقطع ثلاث مرات يومين أي بمعدل ست ساعات، الأمر الذي يؤثر على صحة الناس، وخصوصاً الأطفال وكبار السن".

ماذا عن المستشفيات؟ يقول مدير المستشفى العسكري في صنعاء خالد باكر إنه "تم تزويد المستشفى بمولدات كهربائية بمبالغ باهظة. وتم ربط الآلات وغرف العناية على سبيل المثال، بآلات ضخمة لتخزين الكهرباء تمنع انقطاع التيار المفاجئ. رغم ذلك ما زلنا قلقين على حياة المرضى، وخصوصاً في حال حدوث أعطال مفاجئة".

ويضيف أن "المستشفى تكبد ما يقارب 700 ألف دولار خلال عام ونصف عام فقط، لصيانة الأجهزة الطبية التي تضررت بسبب انقطاع الكهرباء".

[b]امتحانات.. ومونديال [/b]

وللطلاب، الذين يخوضون امتحانات نهاية العام، معاناتهم أيضاً. باتوا يضطرون إلى الدراسة في أجواء رومانسية على ضوء الشمعة في كثير من الأحيان. أما في المحافظات الحارة، فيبحث البعض عن عمود إنارة في ناصية أحد الشوارع أو الحدائق، هرباً من "الحرّ" داخل بيوتهم.

هكذا أصبح على اليمنيين تكييف حياتهم بناء على الكهرباء. في المقابل، أكثر ما يضايق أمين الآنسي المولع بالرياضة، هو عدم قدرته على مشاهدة جميع مباريات "المونديال". يقول: "نحن شعب ميت، محروم من المتعة.

ننتظر كأس العالم كل أربع سنوات لننسى همومنا. لكن الكهرباء حرمتنا هذه الفرحة أيضاً".

[b]إيجابيات [/b]

ويقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة "صنعاء" إن "انقطاع الكهرباء يؤثر على نفسية الناس، وخصوصاً أن جميع وسائل الترفيه مرتبطة بها".

ولا ينفي أنيس ياسين انزعاجه من انقطاعها المتكرر. لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أنه عاد إلى ممارسة هواية القراءة التي كان قد انقطع عنها لفترة طويلة. ويقول عدد من السيدات إن "انقطاع الكهرباء أعاد أزواجهن إلى المنازل، بعدما كانوا يقضون اوقاتهم في مقاهي الانترنت".

أيضاً، تقول إحدى ربات المنازل إن "الزغاريد تعمّ الحي الذي تقطنه حين تأتي الكهرباء. وتسارع النساء إلى ملء خزانات المياه".

زر الذهاب إلى الأعلى