أرشيف محلي

قرارات حوثية تثير جدلاً في الوسط الأكاديمي اليمني

أثارت قرارات جديدة صادرة عمّا يسمى ب "اللجنة الثورية العليا" التابعة للحركة الحوثية، أمس السبت، جدلاً قانونياً وسياسياً واسعاً بعد أن قضت بتعيين أكاديميين رؤساء ونواب لجامعات في مدن مختلفة، في حين أن العملية التعليمية الأساسية والثانوية والجامعية متوقفة تماماً منذ 26 مارس/ آذار الماضي.

وقررت اللجنة المذكورة برئاسة رئيسها محمد علي الحوثي، بتعيين كل من الدكتور طارق أحمد قاسم المنصوب رئيساً لجامعة إب، والدكتور محمد يحيى يحيى الرفيق رئيساً لجامعة ذمار، والدكتور محمد ضيف الله علي القطابري رئيساً لجامعة عمران، والدكتور حمود مطهر العزاني رئيساً لجامعة البيضاء. وقضت ستة قرارات أخرى بتعيين نواب لكل من جامعتي إب وذمار.

وعلق مصدر رفيع في جامعة صنعاء على هذه القرارت بقوله إنها تفتقد للشرعية والقانونية، مشيراً إلى أنها "لا تتوافق مع شروط قانون الجامعات اليمنية لعام 1995 وتعديلاته، ولم تتوافق أيضاً مع قرار مجلس الوزراء الصادر في 22 يناير/كانون الثاني 2013، بالإضافة إلى غياب الصفة القانونية والدستورية لمُصدر القرار الذي أشار في ديباجته إلى الدستور والقانون اليمني".

وأضاف المصدر مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن الحكومة في العام 2013 "لبّت مطالب أعضاء هيئة التدريس منذ سنوات، وأقرت مبدأ انتخاب القيادات الأكاديمية وفق ضوابط الإعلان والدرجة العلمية والأقدمية ثم المفاضلة بين المتقدمين، وعرضها على الجمعية العامة لأعضاء هيئة التدريس لإقرارها"، مبينا أن "معارضة بعض القيادات والشخصيات الأكاديمية، أدت إلى الاتفاق على أن يتم الانتخاب لمثل تلك المناصب من بين أعضاء هيئة التدريس، ثم يترك لرئيس الجمهورية اختيار أحدهم". وبهذا يشارك أعضاء هيئة التدريس في صنع قرار اختيار قياداتهم، وفي ذات الوقت يتم مساعدة السلطة السياسية على اتخاذ القرار في هذا الشأن.

وأشار المصدر إلى أن أغلب من تم تعيينهم من قبل الحوثيين غير معروفين في الوسط الأكاديمي، باستثناء بعضهم.

من جانبه، استنكر أستاذ الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة صنعاء الدكتور عبد الواسع الحميري، ما وصفه ب "القرارات الباطلة"، مشيراً إلى أنها قرارات "من لا يملك لمن لا يستحق"، ومؤكداً أن ما بني على باطل فهو باطل، وقال ل "العربي الجديد"، إن هذه القرارات "كارثية على مستقبل المؤسسة الجامعية في اليمن لأنها تستهدف الإضرار بها وتشويه صورتها حاضراً ومستقبلاً محلياً وإقليمياً وعالمياً".

وخاطب الحميري جماعة أنصار الله (الحوثيين) قائلاً: "لا أعتقد أنّ يمنيّاً عاقلاً واحداً يمكنه أن يسكت عن جنونكم وعبثكم"، واصفاً قرارات الحوثيين ب "القصف على مؤسسات أكاديمية علمية".

أما الدكتور عبد الحميد الكمالي، فقد نشر تغريدة في صفحته يعزي فيها أحد الأكاديميين المعينين من قبل الحوثيين، أشار فيها إلى حزنه وصدمته بمثل هذا القرار. ويقول: "ببالغ الأسى والحزن تلقيت اليوم نبأ تعيينكم رئيساً لجامعة ذمار، ولا أخفيك أن الخبر كان بمثابة صاعقة، ليس لأنك لا تستحق المنصب، بل لأني أستغرب انخراطك مع عصابة القتل والإجرام"، مضيفاً "كم أتمنى أن يكون الخبر كاذباً أو أن يكون هناك تشابه في الأسماء، أو أن أسمع من قبلكم خبراً يشير إلى رفضكم القرار لأحاسب نفسي عندها عن سوء ظني بكم".

ومن باب السخرية انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عبارة "مقوّت (بائع القات) يعيّن رئيس جامعة"، في إشارة إلى محمد الحوثي الذي عرف عنه نشاطه السابق ببيع نبتة القات، مستنكرين قيامه باتخاذ قرارات تعيين رؤساء ونواب جامعات.

[b]استقالة قيادة التعليم العالي[/b]

وكانت قيادة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المتمثلة بالقائم بأعمال الوزير الدكتور محمد المطهر ونائبه لشؤون الوزارة الدكتور أحمد سهل وحدين، قد قدمت استقالتها لرئيس اللجنة الثورية الحوثية محمد علي الحوثي عقب وقفات احتجاجية نفذها موظفو الوزارة.

وأوضح خطاب الاستقالة، أن "القيادة قامت بواجبها في تسيير وإدارة العمل في وزارة التعليم العالي في ظل الظروف الصعبة التي مرت وتمر بها البلاد، حرصاً منها على تسيير العمل في الوزارة والجامعات وعلى استمرار دراسة الطلاب المبتعثين في الخارج بشكل طبيعي، ودون أن يتأثروا بما يجري داخل الوطن"، مشيرة إلى أنها بذلت الجهد كي "يستمر العمل وفق الأسس المؤسسية".

وأضافت قيادة الوزارة أنها حاولت بكل ما تستطيع للحد من أي تصرفات لامسؤولة يمكن أن تخلق مشكلات لسير العمل التعليمي في الداخل والخارج، ونجحت في ذلك بقدر ما تستطيع، لافتة إلى وجود خلافات حول العمل المؤسسي مع اللجنة الثورية الحوثية في الوزارة، ومؤكدة أن قيادة الوزارة كانت تتجاوز ذلك.

وأشارت المذكرة إلى "أن قيادة الوزارة أصبحت غير قادرة على أداء أعمالها وفق الأسس المؤسسية ووفقا للقانون"، ما دفعها إلى اتخاذ قرار التوقف النهائي عن تصريف الأعمال بالوزارة ودون عودة، مطالبةً رئيس اللجنة الثورية الحوثية بتكليف من يراه لإدارة الوزارة.

وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي قد وافق نهاية العام الماضي على تعيين وزير التعليم العالي نزولاً عند رغبة الحوثيين، وتنفيذاً لاتفاقية السلم والشراكة الوطنية.

ويعاني آلاف من الطلاب اليمنيين المبتعثين في الخارج من توقيف مخصصاتهم المالية بشكل أكبر من أي وقت مضى، حيث لم يتسلموا مستحقاتهم منذ دخلت الجماعة المسلحة العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول الماضي.

زر الذهاب إلى الأعلى