[esi views ttl="1"]
arpo23

الحوثيون يكتمون أصوات الصحافيات: "عورة"!

كانت الإعلاميّات اليمنيّات أقوى منبر يعبّر عن رأي المرأة بحرية ويناصر حقوقها المختلفة، لا سيما وأنها تحتل المرتبة 136 والأخيرة في العالم لتسع سنوات متتالية بحسب مؤشر فجوة حقوق النساء والرجال التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي.

وقد عملت جماعة الحوثي على كمّ أصوات النساء ومن يمثلهن في الإعلام، بالرغم من ضآلة أعدادهن، لتخفت أصوات الإعلاميات بشكل غير مسبوق.

وليس قمع الحوثيين للإعلاميّات اليمنيّات بأمر منفصل عن انتهاكاتهم بحقّ الصحافيين اليمنيين. فالحوثيون منذ انقلابهم وسيطرتهم على صنعاء، مارسوا كُلّ أنواع الانتهاكات بحق الصحافيين، من غلق مؤسسات إعلاميّة إلى اقتحام ونهب المقار، وصولاً إلى خطف الصحافيين واستخدامهم كدروع بشريّة. ولا يزال 15 صحافياً مخطوفاً من دون أية معلوماتٍ عن مصيرهم في اليمن.

[b]قلمها عورة! [/b]

ومثلت فترة سيطرةجماعة الحوثي على السلطة مؤخراً نكسة تاريخية على حرية التعبير في اليمن، بحسب مبعوث أمين عام الأمم المتحدة في اليمن السابق، جمال بنعمر. وكانت ممارسات الجماعة أهم أسباب اختفاء الإعلاميات وتراجع إنتاجهن بشكل غير مسبوق في البلاد.

تصف وزيرة الثقافة والكاتبة، أروى عثمان، حضور الصحافيّات في المشهد اليمني ب"النادر". وتقول عثمان إنّ "الجماعة أغلقت كل الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعات الأخرى في البلاد لتحتكر كل فضاء الإعلام لها فقط". وتضيف: "كان ذلك سبباً في ترك بعض الصحافيّات القلم، والاتجاه للعمل الخيري والإغاثة. أما الإستطلاعات والتحقيقات التي تتطلب نزولاً ميدانياً، فتغيّب وجودهن نتيجة الظرف الأمني".

اختفت الإعلاميّات بعد أن تمتّعن خلال السنوات الثلاث، التي تلت الربيع اليمني، بطفرة إعلاميّة كثيفة في حريّة التعبير، ووفرة الإنتاج وغزارة كوادرهن، بعد أن تمّ فتح المضمار على مصراعيه للجميع دون أية حادثة قمع أو اعتقال للجنسين. وواكبت النهضة الإعلاميّة تخرُّج عشرات الفتيات من كليّات الإعلام في المدن الرئيسيّة. وكان دليلاً على ذلك ما قالته الكاتبة الحوثيّة، إشراق المأخذي، على صفحتها على "فيسبوك" أنّ "صوت الإعلاميّة عورة كسائر النساء".

[b]في الاعتداءات فقط يعاملن كالرجال[/b]

بالرغم من مراهنة بعض الناس على استحالة اعتداء جماعة الحوثي على الإعلاميات كون ذلك يُعتبر "عيباً قبلياً"، إلا أنّ عدداً منهنّ تعرّضن للاعتداء أو التحريض على مسّ سلامتهن وكانت أولاهنّ، توكل كرمان، رئيسة منظمة "صحافيات بلا قيود" والحائزة جائزة نوبل. وقد اقتحم مسلحو الحوثي منزل كرمان في نهاية العام الماضي، ليكتشفوا عدم وجودها فيه ويعبثوا بمحتوياتها الشخصيّة ويحاصروا المنزل لمدة أسبوع كامل. وكان الناطق باسم الحوثيين وقتها، علي البخيتي، ضمن من تضامنوا مع كرمان وكشف عن هذه الحادثة على صفحته في "فيسبوك".

تقول إحدى الإعلاميات إن هذه الحادثة صدمت زميلات كرمان واعتبرنها رسالة تستهدفهن جميعاً. ورغم كشف البخيتي عن ممارسات كهذه، ترفض الحركة السياسية للحوثيين الحديث والإعلان عن مثل هذه الحوادث التي تطاول الإعلاميّات والحقوقيات، وتصفها ب"المزاعم". ويطالب القيادي الحوثي، صلاح عبد الصمد، بالأدلة عليها.

[b]تهديدات واتهامات [/b]

يسأل متابعون عن سرّ اختفاء الصحافيّة، سامية الأغبري، الرفيقة الاشتراكية صاحبة الشكيمة التي لم يهن صوتها أمام أقوى المواقف، حتى أنها لم تتوقف عن انتقاد رؤوس الأنظمة بعد أن تم اعتقالها قبل أعوام كثاني صحافية تُعتقل بعد الصحافية كرمان في ظلّ الثورة اليمنيّة. ونهاية العام الماضي، أي بعد انقلاب الحوثيين، فاجأت الأغبري الأوساط الإعلاميّة والسياسيّة بأنّها تلقّت رسالة تهددها بالاغتصاب، لتكون تلك الحادثة بمثابة مَعْلمٍ يُشير إلى بدئها مرحلة "السبات الإعلامي".

وقالت الأغبري إنّ تلك الرسالة اتهمتها بأنها من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مشيرة إلى أنّ فيها دعوة لقتلها. وتابعت: "من يقف ضد الحوثيين يُتّهم بالانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية".
ودعمَ الانتهاكات والتهديدات الحوثية، موقعُ "الصرخة نيوز" الحوثي، والذي نشر اسم الأغبري ضمن قائمة باسم "كتاب ومثقفون وناشطون داعمون للإرهاب".

كاتبة العمود، منال الأديمي، ترى أنّ إيقاف المؤسسات الإعلاميّة كان الضربة القاضية لمستقبل الصحافيات والصحافيين. وتقول إنّ ما زاد الطين بلّة، تعرض الكثير من الإعلاميات للتجريح والتهديد والإساءة، بالإضافة إلى ظروف الحرب والنزوح وانعدام الكهرباء الذي فرض واقعاً صعباً أمام التواصل واستمرار الكتابة، ومنهنّ سامية عبدالمجيد الأغبري، مدرسة الإعلام في كلية الإعلام، والتي نزحت إلى إحدى قرى محافظة تعز.

وتعترف الأديمي أيضاً بأنها وإحدى صديقاتها الإعلاميّات لا زلن يتلقين من قبل الحوثيين رسائل تهديد أمني بألفاظ غير ملائمة. وتحمل الرسائل بحسب الأديمي، عناوين سكنهما وتهديدات بأنّ الحوثيين قادرون على الوصول إليهما.

[b]الكتابة ممنوعة... حتى على "فيسبوك" [/b]

منذ بدء الحرب ضد مناطق الجنوب، كرست الدكتورة، غيداء المجاهد، نفسها تمامًا لكتابة المقالات الصحافية والمنشورات على "فيسبوك"، لتوعية القراء بحقيقة المشروع الحوثي. لكن لم يمضِ شهران، حتى قام الحوثيون بوضع اسمها على قائمة "العار الأكاديمية"، لاتهامها ب"خيانة البلاد وتحريض قوات التحالف العربي على قتل اليمنيين"، مهددين بتقديمها إلى "محكمة الشعب" بحسب وصفهم.

وبالرغم من أنها تنشط في الجانب الإنساني، ترى الصحافية، بشرى العامري، أنّ الظروف تكالبت عليها كأنثى أكثر من الصحافيين الذكور. وتضيف"اسْتَعْدوا الجميع ضد الصحافي، لينظروا إليه كعدو. أصبحتُ لا أجرؤ على القول للناس إنني صحافية، خصوصاً بعد أن خلق تقرير سابق مشكلة لي واضطررتُ لإصدار تكذيب خطي لكُلّ ما نشرته مع أنه صحيح". وتقول: "كنتُ أكتب لأكثر من صحيفة وصرتُ عاطلة عن العمل، بدون أي راتب، بعد إغلاق كل الصحف والمواقع بالرغم من غنى فترة الحرب الحالية بالمواد الإنسانية".

وتشير العامري إلى أنّ "جميع من حولها يخشى عليها حتى من إبداء الرأي على مواقع التواصل اﻻجتماعي، خوفاً عليها من أي مكروه"، وتضيف: "ما نعيشه رعبٌ حقيقي يجعلنا نحن النساء نفكر كثيرًا في ما نكتبه. لكن ما زال هناك الكثير من العقبات تقف حائلا أمام ممارسة العمل الصحافي بقوة وزخم كالسابق".

زر الذهاب إلى الأعلى