[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مناقشة هادئة لأفكار تنظيم القاعدة!!

طرح زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في الحوار الذي أجراه الزميل عبدالإله حيدر شائع ونشرته صحيفة "الناس" وتداولته بعض المواقع الالكترونية، طرح عدداً من القضايا والمسائل والتي تتطلب وقفات وتحتاج رداً وتصحيحاً وحذفاً وإضافة وفق ما أراه وحسب اجتهادي وفهمي خاصة في القضايا التي عليها إجماع أو شبه اجماع واتفاق بين جمهور علماء أهل السنة والجماعة.

ومن ذلك ما ذهب إليه ناصر الوحيشي "ابو بصير" الذي ذكر "أن قتل السياح والمستأمنين نصرة للإسلام.. لأن هؤلاء هم جزء من الحملة الصليبية"!! فهذا قول خاطئ وتصور باطل من عدة وجوه وجوانب، فمن قال بأن قتل السياح والمستأمنين جائز فضلاً عن أن يكون نصرة للإسلام، فهذا عمل يشوه الإسلام ولا ينصره، والقتل ليس نزهة ولا هواية، وفتوى سهلة يصدرها البعض بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، حتى قتل من يستحق القتل ليس من حق أي أحد، وإنما من حق الدولة وأجهزتها المختلفة، حتى لو فرضنا أن بعض السياح والأجانب العاملين في بلادنا "جواسيس" فمن يملك حق القبض عليهم ومحاكمتهم-؟ إذا كان الأمر بدون ضوابط ولا معايير فالمسألة تصبح فوضى وغوغائية وزعزعة للأمن والاستقرار، فالسياح والأجانب العاملين في بلادنا سواء في السفارات أو الشركات أو غيرها يعتبرون مستأمنين ومعاهدين وليسوا محاربين ولا يجوز شرعاً قتلهم أو التعرض لهم بأذى، وإذا ثبت على أحدهم عملاً خيانياً أو مضراً بالدين والبلد فينبغي إبلاغ الجهات الرسيمة وليس على الرسول إلا البلاغ وليس على الداعية إلا الاحتساب، وهذا ليس رأيي واجتهادي وإنما هو مذهب علماء الأمة المعتبرين والائمة المجتهدين، وعليه فإن قتل من ذكرهم الوحيشي لا يجوز شرعاً وليس فيه نصر للإسلام ولا انتصار للمسلمين، أما استهداف أو إباحة دماء الجنود والعسكر المسلمين الذين يعملون في حراسة السفارات والشركات بحجة أن هذا الجندي فقد قلبه وعقله "حد تعبير الوحيشي" حتى يحمي وكراً من أوكار محاربة الله ورسوله.. وعلى الجندي إذا أمره احد بمعاونة الحملة الصليبية فليقل إني بري منك إني أخاف الله رب العالمين، هذا إذا كان الجندي يؤمن بالله واليوم الأخر، وإن أبى إلا أن يكون عوناً للحملة الصليبية فلا يلومن إلا نفسه!!

هكذا يتحدث الأخ ناصر الوحيشي ويبرر قتل الجنود الأبرياء الذين يعملون في حراسة السفارات الأجنبية، والغريب أن الوحيشي بنى رأيه على أن هذا الجندي والجنود يحمون أوكاراً تحارب الله ورسوله وأنهم أعوان للحلمة الصليبية، وهذا اعتقاد خاطئ وتصور باطل، فالجندي يقوم بعمله ووظيفته المكلف بها، هذا أولاً، ثانياً فإننا لم نتفق على أن هذه السفارات أوكار للحلمة الصليبية وإن كنا لا نرضى على بعض أعمالهم وأنشطتهم، وكما قلنا سابقاً فإن الأجانب العاملين في هذه السفارات مستأمنين لا يجوز قتلهم، فكيف بالمسلم الذي يؤدي عمله ويقوم بواجبه، كيف يصبح هذا الجندي المسلم هدفاً للقتل تحت مبرر أنه عون للصليبية، إن هذا القول من باب إلزام الآخر ما لا يلزم نفسه به، وقتله بالالزام على وزن وقياس –التكفير بالالزام الذي يقول به بعض الهادوية، وهو نفس المنطق والمنطلق الذي قام به الإمام المنصور عبدالله بن حمزة عندما كفر -فرقة المطرفية بالالزام، ونتج على تكفيرهم –بالالزام استباحة دمائهم وأموالهم، فكان منهم –أي عبدالله بن حمزة- أن قتل أكثر من مائة ألف من المطرفية- الذين هم فرقة من فرق الزيدية- وقد رد عليه عدد من علماء الزيدية والهادوية، واثبتوا أن التكفير بالالزام باطل ولا يصح، وما بني على باطل فهو باطل.

وهذا ما يقوم به تنظيم القاعدة أثناء عملية تفجيرات السفارة الأمريكية في 17 رمضان الماضي، والتي سقط فيها أيضاً مدنيون وأبرياء كانت لديهم معاملات في السفارة أمثال سوزان البناء وزوجها التي لم تكن تحرس السفارة ولا تحمي الصليبية، فأين الضوابط الشرعية من هذه الحالات حيث يتم الاستهانة بالدماء والأرواح وزعزعة الأمن والاستقرار بالإضافة إلى المفاسد الكثيرة التي جاءت كنتيجة لهذه الأعمال، ومن ذلك الأجواء الأمنية المشددة على الساكنين جوار السفارة، والخسائر التي يتكبدها أصحاب المحلات والمتاجر المجاورة الذين خسروا خسائر كبيرة، فمن يتحمل هذه الخسائر وهذا الخوف الذي يعيش فيه أهالي المنطقة، ولا شك أن الدول تتحمل المسؤولية بالإضافة للسفارة ذاتها وتنظيم القاعدة، وأنا هنا لا أريد إصدار أحكام ولا اتهامات وإنما أبحث القضية من زاوية فكرية وشرعية ومنهجية، في محاولة لمعالجة ظاهرة العنف واستخدام القوة والسلاح في عملية التغيير والإصلاح، وخاصة عندما ترتبط الظاهرة بالإسلام والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه السطور ليست ضد شخص أو أشخاص بأعيانهم وإنما ضد الأفكار الخاطئة والمفاهيم المغلوطة وفي مقدمتها الغلو في الدين والتشدد في الحكم والتعامل مع الآخرين.

وفي كل الأحوال فإن هذا المقال وأي مقال أخر يتناول هذه القضية لا يعني دفاعاً عن السلطة ولا تبريراً لما يحدث من أخطاء وتجاوزات وظلم وفساد، فقد نتفق مع هذا الطرف أو ذاك حول تشخيص المشكلة والنظر للأزمة، ولكن العلاج والحلول قد تختلف، ومثال ذلك ما ذكر ناصر الوحيشي بأن الداعم الرئيس للاحتلال في فلسطين هي أمريكا وأوروبا، فهذا أمر لا خلاف عليه والجميع يعرف ذلك، بل إن أمريكا تحتل العراق وافغانستان وليس تدعم فحسب، والذي نؤمن به ونعتقده أن مقاومة الاحتلال الأمريكي في العراق وافغانستان لا يختلف عن مقاومة الاحتلال الصهيوني في فلسطين، أما ما يذهب إليه تنظيم القاعدة "بتدمير المصالح الأمريكية والأوروبية المنتشرة في جزيرة العرب ومنها اليمن"، فإن هذا التوجه والتصور غير صحيح شرعاً وواقعاً، فإذا كان تنظيم القاعدة في حالة حرب مع أمريكا والدول الغربية فإن لهذه الحرب ضوابط وحدود وميادين، فالجهاد والقتال في سبيل المستضعفين في الأرض ليس متاحاً على الإطلاق بل له في كتب الفقه والشرع ابواب ومعالم وضوابط مأخوذة من الكتاب والسنة وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والتاريخ الإسلامي، فإذا كانت أمريكا تحتل العراق وافغانستان وتدعم الصهاينة في احتلال فلسطين، فهل يجوز بناءً على ذلك استهداف وتدمير المصالح والأشخاص الأمريكيين في جزيرة العرب أو غيرها من الدول العربية والإسلامية؟! وهل هؤلاء محاربين أم معاهدين ومستأمنين، والمشكلة أن الأمر لا يتوقف عند استهداف المصالح الأمريكية، وإنما يتجاوز ذلك لاستهداف المصالح الحكومية والرسمية في البلاد العربية بحجة إن الحكام عملاء وخونة، وأن قتالهم مقدمة لمقاومة المحتلين وطرد الأمريكيين والأوروبيين من جزيرة العرب حسب رؤية القاعدة، وهكذا نجد أنفسنا أمام قضية مركبة بل قضايا متراكمة ومترابطة وسلسلة من المسائل التي تتطلب توضيحا وتفكيكا برؤية منهجية ونظرة موضوعية.

لمصلحة من تحديد سن الزواج؟

لماذا في هذا التوقيت يقوم مجلس النواب بتشريع قانون يحدد سن الزواج بسبعة عشر عاماً، في مصادمة واضحة للشريعة الإسلامية التي لم تحدد الزواج بسن محدد، فالفتاه التي وصلت مرحلة البلوغ وأصبحت امرأة متكاملة أصبح زواجها جائزاً، فلماذا تحرمون ما احل الله، وتصادمون ما تعارف عليه المسلمون، أليس في مثل هذا القانون ما يغذي التيارات المتشددة وجماعات العنف، ويعطي هؤلاء مبررات للخروج باعتبار أن البرلمان يشرع ويسن قوانين تخالف وتصادم الشرع.

لا شك أن إصدار مثل هذا القانون السيئ يخدم أجندة المنظمات الأجنبية والتيارات العلمانية ويوسع دائرة السخط الشعبي والاستياء الجماهيري من الحكومة والسلطة، فالناس ينتظرون إصلاح الأوضاع المعيشية الصعبة ومعالجة الانفلات الأمني. إن التصويت على مثل هذا الأمر وتعديل قانون الأحوال المدنية بهذه البساطة والسذاجة يعتبر عملاً ترفياً واستفزازياً بالإضافة إلى كونه مخالفاً للأصل الذي هو الاباحة، ولعدم وجود أي مصالح وراء تحديد سن الزواج بـ17 عاماً، أما زواج القاصرات والصغيرات ما دون 12سنة فإن وقوع بعض الحوادث والحالات لا يعني أن المسألة أصبحت ظاهرة واسعة ومنتشرة، فالأباء الذين يزوجون بناتهم في سن الثامنة والعاشرة وحتى الثانية عشرة هم قلة قليلة وشخصيات نادرة؟ ممن أعمى الله أبصارهم وبصائرهم.. لا شك أن زواج طفلة في الصف الرابع الابتدائي أو الخامس جريمة ومخالفة لمقاصد الشريعة الإسلامية في سنة الزواج، ولكن لا تكون معالجة القضية بهذه الصورة، المنظمات المحلية والدولية تضغط على الحكومة لتقديم مشروع قانون إلى مجلس النواب، القانون المقدم من الحكومة يقضي بتحديد سن زواج الأنثى بـ18 سنة، وكل ما قام به المجلس هو حذف سنة ليكون السن المحدد 17سنة رافضاً مقترح لجنة تقنين أحكام الشريعة بتخفيض السن إلى 15 سنة.

لمصلحة من هذا العبث بقانون الأحوال الشخصية والتلاعب بأحكام الشريعة الإسلامية، والسير وراء ضغط المنظمات الأجنبية وخاصة في قضايا المرأة، هل أصبح الزواج المبكر في سن معقولة مشكلة وأزمة، أم أن المشكلة في ظاهرة العنوسة بين الرجال والنساء، ثم إن معالجة قضية زواج القاصرات والصغيرات جداً لا يحتاج إلى قانون وإنما إلى توعية، أما القانون فإن التحايل عليه في اليمن من أسهل الأمور، وفي كل الأحوال فإن هناك معالم شرعية ينبغي الوقوف عندها، وهناك علماء ينبغي عليهم بيان الموقف الشرعي من هذه التعديلات والقوانين، وآثم من يسكت ويكتم البيان الشرعي المعتبر في هذه المسألة، وهل فيها مخالفة شرعية أم أنها تتفق مع مقاصدها العظيمة؟!.

جديد المشترك

في مؤتمره الصحفي الذي عقده اللقاء المشترك يوم الخميس الماضي، لم يظهر إي جديد أو مستجد يستحق هذا اللقاء وذلك الحضور الكبير من الصحفيين والإعلاميين الذين توافدوا لسماع ومعرفة موقف اللقاء المشترك وتحديد موقف واضح وحاسم من الانتخابات بالمشاركة أو المقاطعة لأن الوقت لم يعد يسمح للغموض والكلمات المتقاطعة والمواقف الرمادية، وترديد المقولة التي أصبحت مأثورة "لن ندخل الانتخابات وفق شروط الحزب الحاكم ولن نقاطع بحسب مزاجه" إذاًَ ماذا أنتم فاعلون؟.

_________
صحيفة الناس

زر الذهاب إلى الأعلى