[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الاستثمار في عوالم الشياطين!!

موسى مهدي الفاخر

عادة ما تطلق كلمة الاستثمار في الحقل الاقتصادي أو هكذا أصبحت تعرف بين الناس. فنسمع باستمرار عن الاستثمار في السوق والتجارة والبورصة وفي الصناعة بأنواعها وغيرها الكثير.

والهدف من وراء الاستثمار في كل هذه المجالات هو الربح المادي. ولكن كما لكل حقل من الحقول كالعلوم وأساليب الحياة رجال يبدعون طرقا حديثة تؤدي بهم وبمجتمعاتهم إلى التطور. في الاستثمار أيضا هناك من يبدع ويخترع ويكتشف طرقا تجعل من الاستثمار أكثر فاعلية وانتاجا. وأهم المبدعين في مجال الاستثمار هم من أخرجوا الاستثمار من بوتقة الاقتصاد البحت إلى مجالات أخرى. وأكثرها تعقيدا المجالات المستحدثة المسجلة باسم الدولة الفارسية (إيران) ولا يجيد الربح فيها إلا الفرس لأنهم ذووا خبرة في هذا المجال ويملكون قيمها الخاصة!

إن المجالات الاستثمارية المستحدثة إيرانيا هي الاستثمار في الجهل والاستثمار في الدين والاستثمار في بؤر التوتر والاستثمار في الجنس البشري وغيرها. وكل هذه المجالات من العوالم الشيطانية الخبيثة. إيران ومنذ عشرات السنين دأبت على الاستثمار في الجهل ونشرت البدع والخرافات والدجل والشعوذة بين الأوساط الشعبية خاصة في الوسط الشعبي الأحوازي لأن الفرس يعلمون أنهم في بيئة الجهل فقط يمكنهم الاستمرار في احتلالهم للأحواز العربية.

لهذا لا تجد شارعا أحوازيا واحدا خاليا من رجل دين معمم يمارس الشعوذة وكتابة السحر دون أن تحاول السلطات منعه رغم إن ممارسة هذه الخرافات محرمة شرعا في الدين الإسلامي وتحرمها الأديان الأخرى أيضا.

أما الاستثمار في الدين فهو واضح للعيان من خلال ما نشهده اليوم من تناقضات في السياسة الإيرانية تجاه الصراعات الدولية القائمة التي تتجلى في شكل صراعات دينية. فلو كانت إيران تتحرك من منطلق المبادئ الدينية المطلقة، لماذا إذن لم تناصر المجاهدين الأفغان في صراعهم ضد الأمريكان وهم أي الأمريكان قالوا مرارا وتكرارا إن هذه حرب صليبية. ولماذا لم تناصر المجاهدين في الشيشان وهم يجاهدون من أجل دينهم. وغيرها الكثير الكثير من القضايا الإسلامية التي لاتهتم إيران بها على الإطلاق.

وعلى العكس من ذلك تجد إيران تقحم نفسها في الصراع العربي الإسرائيلي والصراع العربي الأميركي. أليس من أجل ربح ما تتدخل إيران في صراعات دون غيرها؟

أما الاستثمار في بؤر التوتر أصبح سياسة إيرانية بامتياز. فأي بقعة توتر قد تخطر في بالنا نجد إيران قد اكتشفتها عن طريق سفاراتها التي جلَ نشاطها التجسس. وتجدها سبقت غيرها في استثمارها أو إذا كانت مشكلة بسيطة أذكت نار الفتنة فيها كي تكون مربحة أكثر.

والسودان وفلسطين ولبنان والعراق واليمن والسعودية والبحرين وغيرها أمثلة حية على هذا الاستثمار الإيراني الحديث الخبيث. والمثير للقلق هو إن هذه البؤر حتى وإن كانت عبارة عن مشاكل صغيرة وجزئية تستطيع إيران وبسرعة فائقة تطويرها لتصبح قضايا من الطراز الأول ودورها صب الزيت على النار ولا يهمها من يحترق.
أما الاستثمار في الجنس البشري فلا يقصد به المتاجرة بأعضاء البشر مثل الكلى والعيون وغيرها من أعضاء الإنسان لتباع إلى المحتاجين لها من المرضى. ولا يقصد به أيضا الاتجار في الرق, بل ما يقصد بالاستثمار في البشر هو شراء الذمم وخاصة التي تملك طاقة فكرية أو إعلامية مؤثرة, هذه الظاهرة التي أصبحت تتجلى بشكل أوضح من ذي قبل.

فتكاد لا تجد فضائية عربية أو جريدة عربية واحدة إلا وفيها من يروج لإيران ويزوّر من أجلها الحقائق وأكثرهم ميلا لإيران من ينكر أن إيران باتت تشكل خطرا على الأمن القومي العربي, دون أن يعير اهتماما إلى احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث والأحواز العربية والعراق والتهديدات المتكررة الصادرة من المسؤولين الإيرانيين ضد الدول العربية الصغيرة، حيث أصبح المواطن العربي لا يعرف ما هو معنى الأمن القومي العربي.

لكن قد يتبادر في أذهاننا ماذا قد تستفيد إيران من هذا الاستثمار حيث لا يقوم الإنسان في مشروع ما إلا بعد أن يتأكد من جدواه. وجدوى الاستثمار الفارسي في كل هذه المجالات التي ذكرت أن يكون لها الأوراق المؤثرة في مشروعها الطموح. الذي يلبي الطموح الإيراني السائد وهو أن تكون إيران الدولة الأقوى في المنطقة وأن تكون هي صاحبة الحل والربط في منطقة الخليج العربي بالذات، ما لم يحسبه الغرب وأمريكا عندما دعموا شاه إيران لكنه فاجأهم حين أصبح يفكر في السيطرة على الخليج دون أن يعير إهتماما لأسياده آنذاك مما جعلهم يتخلون عنه ليأتي الخميني بدلا منه وعلى متن طائرة من منفاه في باريس العاصمة الفرنسية العتيدة.

وهذه المرة أيضا أخطأ الغرب فما أن وصل الخميني إلى سدة الحكم حتى عبر عن مشروعه في تصدير الثورة إلى الدول العربية الآمنة بحجة إن هذه الدول كافرة ولابد من تغييرها وهذا أيضا ينافس المشروع الغربي في الاستحواذ على مقدرات المنطقة واستثمارها.

• موسى مهدي الفاخر
• كاتب أحوازي
• خاص بنشوان نيوز

زر الذهاب إلى الأعلى