آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

لابد من صنعاء

لا بد من صنعاء وإن طال السفر، لابد منها لتنظيم القاعدة الذي ينشط في أفغانستان وعينه على الجزيرة العربية، ولا بد منها للأمريكيين الذين ركزوا نظامهم العالمي الجديد، وامبراطوريتهم على الخليج العربي.

وهكذا يتزامن إعلانان:

الإعلان عن مساعدات عسكرية خاصة لليمن، تأكيد “نيويورك تايمز” على وجود قوات خاصة أمريكية لدعم القوات الحكومية في صنعاء، وعلى أن الرئيس أوباما قد أعطى بنفسه الضوء الأخضر للقيام بعمليات ضد أنصار القاعدة.

وإعلان القاعدة عن نفسها في الخليج العربي، وتبنيها لعملية الطائرة الفاشلة، علماً بأنه من المعروف لمتابعي الأسلوب الخاص بالمنظمة، أنها لا تتبنى أبداً، علناً، الفاشل من عملياتها.

كما يتزامنان مع تصاعد الإخفاقات الهائلة في أفغانستان، حيث تقول الصحافة الغربية إن الثلاثاء الأخير كان الأكثر دموية (ربما اعتبروه كذلك لأن ضحاياه كانوا من الأوروبيين).

خبراء الإرهاب في الإعلام الغربي ومنهم الفرنسي المعروف جان بيير فيليو، يعددون العناصر التي تؤهل اليمن للحلول محل أفغانستان:

لقد كان دائماً قاعدة خلفية للجهاديين (بحسب تعبير الباحث) 91% من معتقلي غوانتانامو هم يمنيون.

الاسلام المتشدد هو المسيطر في البلاد. حكومة مركزية ضعيفة. مقابل تركيبة سكانية قبلية وتركيبة جغرافية جبلية وعرة. الاتجاهات الانفصالية والأحقاد الناجمة عن حربي الحكومة ضد الجنوب قبل خمس عشرة سنة وحربها ضد الحوثيين حديثاً.

فهل يؤشر ذلك كله إلى انتقال المواجهة الدموية إلى اليمن؟

الأمريكيون والغرب لهم مصلحة أكيدة في ذلك، لأنهم يجدون حجة لاستباحة اليمن، والقاعدة لها مصلحة في ذلك لأنها تقترب من أهدافها، كما تؤمن متنفساً جديداً لها، إذ توسع جبهتها من أفغانستان وباكستان إلى اليمن، خاصة بعد أن تراجعت حدة وجودها في العراق. أما من يدفع الثمن فهو الشعب اليمني المسكين، ومن بعده، من يدري؟ طالما أن التنظيم الجديد لم يختر اسم القاعدة في اليمن كما كان الحال عليه في العراق، وإنما في الجزيرة العربية.

واليمنيون العقلاء منهم يدركون خطورة ذلك، يحركهم وعيهم السياسي وحساسية عميقة وقديمة إزاء أي وجود أجنبي على أراضيهم، فهذه بلاد الثورة الممتدة جذورها حتى سيف بن ذي يزن، ولذلك خرجوا في الشوارع محتجين محذرين.

فإلى أين؟ كنا نبكي مع غوّار لأن “اليمن صارت يمنين” ثم صفقنا لأن اليمنين صارا واحداً، فهل ستضربنا تدريجياً صدمة تحول البلاد التي وصفها أدونيس محقاً ب “المهد” إلى “أفغانستان أخرى، أم أن مخزون اليمن التاريخي، وحكمة بعض قادتها سيجدان متنفساً للمشكلة ويوفران على العرب عراقاً ثانياً؟

زر الذهاب إلى الأعلى