[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

ضرورة توحيد الفكرين الأمني والاستراتيجي للسعودية واليمن

هل يتحالف انفصاليو الجنوب مع تنظيم القاعدة، المتحالف لجهة الهدف العام، مع الحوثيين؟ أياً كانت الإجابة عن هذا السؤال فإنها تفتح «جروح الاستعدادات» الغائرة في الجسدين السعودي واليمني منذ أكثر من عقدين، على رغم «التنسيق الأمني» الكامل بينهما.

التنسيق الأمني قد يُخترق، إن لم تغلفه أفكار استراتيجية لأناس أكفاء. رجال الأمن يجيدون الضربات الاستباقية وإدارة المعارك. صناع الاستراتيجيات يقرأون التحولات المستقبلية ويضعون خططهم على أساس العلم لا الحدس الأمني. من خلال معرفتي البسيطة بمساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف، أستطيع أن أقول إنه رجل يعتمد الأشياء العلمية في منهجه العملي، فهو يحب قراءة الدراسات الفكرية التي تقدّم إليه، قبل أن يحيلها إلى جهات الاختصاص، لكن الإجابة عن السؤال أعلاه، تحتاج إلى «قرار دولة» يلتقي خلاله الأمني بالاستراتيجي في جلسة «عصف ذهني» يخرج خلالها المجتمعون بإجابة تضع الدولة ورجالها التنفيذيين أمام مسؤوليتهم التاريخية لحماية الكيان/ الدولة ومكتسبات الأجيال.

ما حصل في الكويت أخيراً من تفكيك خلية للحرس الثوري الإيراني تعمل من داخل الكويت لرصد تحركات الجيش الأميركي وتصوير مناطق استراتيجية ومنشآت كويتية حساسة ومهمة، أمر يثير القلق، ليس لدى الكويت فحسب، بل في جميع دول الخليج العربي واليمن وفلسطين ومصر التي أسدلت الستار أخيراً على ما اصطلح على تسميته: «خلية حزب الله»، وهو حزب إيراني الأصل والمنشأ والولادة، وإن اتخذ من جنوب لبنان مقراً له.

خلية الحرس الثوري الإيراني في الكويت، اخترقت وزارتي الدفاع والداخلية الكويتيتين، وأشارت وسائل إعلام إلى أنها تعمل على رصد تحركات الجيش الأميركي وتصوير منشآت استراتيجية.

إن خطورة الخلية لا تكمن في طبيعة عملها، إذ إن التقنية الحديثة تتيح لقائد الحرس الثوري الإيراني أن يتعرف على مقار الجيش الأميركي في الكويت وغيرها من الدول وهو جالس في مكتبه، بل إن خطورتها، من وجهة نظري، تكمن في عملها على تحريك الرأي العام الكويتي للتعاطف مع طهران، والعمل على تفكيك الجبهة الداخلية للكويت بهدف نشر الفوضى داخلياً في حال وقعت المواجهة بين إيران والغرب، وهي لن تقع. قبل سنوات انشقّ أحد قناصل إيران في إحدى الدول العربية على بلاده، ولما وصل إلى أوروبا أعلن أن طهران رصدت للقنصلية التي يعمل فيها نحو 20 بليون دولار بهدف استمالة الشباب العربي نحو إيران واستصدار صحف وقنوات تلفزيونية باللغة العربية، وإن بأسماء تجار عرب أو صحافيين عرب، كما هي حال إحدى الصحف اللبنانية التي تمولها إيران. مبلغ بهذه الضخامة بإمكانه أن يشتري 30 في المئة من ولاءات الشباب العربي المحبط بأمنه وتنميته، المبهور بأكاذيب وعنتريات أحمدي نجاد، وانتصارات حسن نصر الله المزيفة، لكن أحداً من «العربان»، كما يسميهم الصديق الدكتور عدنان عيدان، لم يأخذ تصريح القنصل الإيراني المنشق، على محمل الجد، والنتيجة اختراق أمني في الكويت، وصواريخ وقذائف إيرانية في صعدة وجواسيس في مصر وفيلق إيراني في جنوب العراق لتحرير مكة المكرمة والمدينة المنورة، اتفق على تسميته «فيلق مكة»، ومقره في محافظة السماوة العراقية، التي لا تبعد سوى نحو 200 كيلومتر من محافظة حفر الباطن. بعد كل هذا يريد منا رؤساء التحرير أن نكتب بلغة مهذبة وأن لا نقول للواطي إنه «واطي»، وأن نبتعد عن كل ما يثير الحساسيات التاريخية، ولا نقول إلا لعنة الله على من أحيا عيد «عبدة النار» في 21 آذار (مارس) الماضي وأعلن عن حلف اسمه حلف دول حوض النيروز، في الوقت الذي يعقد زعماء عرب قمة عربية في سرت.

وفي العودة إلى السؤال الذي طرحته في بداية الحديث، أقول: نعم. إن تحالف انفصاليي الجنوب والقاعدة والحوثيين، أمر وارد في ظل تلاقي المصالح المرحلية لكل من الفصائل الثلاثة، وعليه يجب أن نعمل على توحيد الفكرين الأمني والاستراتيجي، وأن نخرج برؤية موحدة، لكي لا نفاجأ بخلية أخرى للحرس الثوري تعمل على هدم مكتسباتنا.

العنوان: الأمن السعودي وجروح الاستعدادات

زر الذهاب إلى الأعلى