[esi views ttl="1"]
من الأرشيف

المملكة.. الدولة الراسخة

لم يكن مفاجئاً للكثيرين ان تظل المملكة العربية السعودية هي (الاستثناء) من بين جميع دول المنطقة في ثباتها ورسوخها وتماسكها الداخلي امام كل العواصف والنوائب والعوارض التي تلاحقت على هذه المنطقة وآخرها موجة تسونامي (الربيع العربي) التي اجتاحت مساحة واسعة من بلاد العرب بدايات عام 2011م وأحدثت فيها اهتزازات عاتية من موطن سد مأرب جنوب الجزيرة العربية حتى بلاد قرطاج في المغرب العربي وكان من نتائجها ان تحولت اجزاء عربية عدة اما إلى مناطق صراع أو إلى ساحات حرب تغرق بالدماء أو إلى مربعات تنهشها الفوضى والفتن الطائفية والمذهبية والعرقية.

وبالتأكيد فلم يكن لهذا البلد العربي الذي ميزه الله باحتضان قبلة المسلمين ان يكون بهذه المناعة وهذا الثبات من دون رؤية ومنهجية فكرية وقيمية تستمد منها قياداته المسارات الصحيحة للحفاظ على مفاصل الدولة وحمايتها من الهزات العارضة والطارئة وتضمن لها العبور إلى افاق جديدة من التطور والتحديث في كل الميادين والمجالات.. بل ما كان لهذه الدولة ان تصون وحدتها التي صارت مثال اً يحتذى به من دون ارادة تقوم على حالة من الانسجام بين الحكم والشعب والتقائهما معاً حول مجموعة من الثوابت الوطنية الراسخة التي يصعب العبث بها أو النيل من قوة منطقها من ذوي المفاهيم الضبابية أو التابوهات المنغلقة.

لقد استوقفتني وكل من استمع لكلمة ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبدالعزيز بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الـ83 للمملكة والتي كانت بدت ايجابيتها في كونها التي كشفت عن منظومة القيم والمبادئ التي تستند اليها الدولة السعودية خصوصاً وان سموه قد اعاد إلى هذه القيم سر نجاح المملكة في اجتياز كل المنعطفات القاسية والصعبة التي احاقت بالأمة العربية خلال العقود الخمسة الماضية والتي حافظت فيها المملكة على اعلى درجات الاستقرار على الرغم من كل حالات الاستهداف التي ظل يقودها بعض الكارهون الذين طالما مثل مسلسل النجاحات السعودية بالنسبة لهم كابوساً يؤرق مضاجعهم وحقدهم العقور على أي انجاز يحققه هذا البلد أو غيره من البلدان العربية.

وكما اسلفنا فان ما ميز كلمة ولي العهد السعودي ليس فقط مضمونها الذي يؤشر على ثقة كبيرة بقوة الدولة السعودية ورسوخها وأنها التي اصبحت تستند إلى انجاز متراكم استطاعت من خلاله تجاوز كل المعوقات وإلحاق الهزيمة التامة والكاملة بتيار الشر وثعابين الارهاب وإنما لتأكيدها على عدة حقائق يغفلها ربما البعض وبالذات ما يتصل منها بالموجهات التي كان من شأنها بروز صورة الدولة السعودية القوية خارجياً والمتماسكة داخلياً وهي الصورة التي اسهمت في جعل الربيع السعودي ربيعاً مزهراً في حين كان ربيعاً دامياً في بلدان عدة من ارض العرب.

وليس سراً ان المملكة العربية السعودية التي تبدو اليوم اكثر الدول المؤهلة للقيادة العربية في مواجهة التحديات الدولية والإقليمية قد برهنت انها من تمتلك الرؤية والمنهج والعقلية والإرادة الواعية التي منحتها الفرصة لتجديد نفسها عن طريق اتخاذ العديد من الاجراءات الاصلاحية التي اسهمت في جعل كل مواطن مهما كان اتجاهه الفكري والسياسي جزءا اصيلا وأساسيا من الوطن لإيمان الجميع كما قال الامير سلمان بن عبد العزيز ان استقرار الدول هو اهم عوامل الازدهار والرقي الحضاري وان مثل هذا الاستقرار هو من يضمن تطبيق القوانين ويحفظ الحقوق ويهيئ بيئة العمل والإنتاج ويحفز على النمو والتطوير والتحديث وإقامة العدل بشكل منهجي وعلى النحو الذي يصون حقوق المواطنين وكرامتهم وأموالهم وأعراضهم ورفاهيتهم على درجة من المساواة.

وإذا ما كانت المملكة وهي تحتفل بالذكرى الـ83 لليوم الوطني تفخر بما حققته من انجازات في مختلف الميادين فإن من حقها ايضاً ان تفخر من انها كانت السباقة للاخرين في اتخاذ العديد من الاجراءات الاصلاحية المهمة على صعيد بناء الدولة ومن ذلك اقرارها لنظام هيئة البيعة لتعزيز البعد المؤسسي في تداول الحكم واطلاق مشروع تطوير التعليم والقضاء وتشكيل هيئة حقوق الانسان فضلاً عن اشراك المرأة في مجلس الشورى وبالنسبة تزيد على 20% من عدد اعضاء المجلس وغير ذلك من القرارات والإجراءات الصائبة التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بهدف تكريس قيم الحوار والتسامح والقبول بالآخر والتي شكلت في مجملها علامة بارزة في نهار العرب اللاهب.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فلا بد ان الكثير من العرب يسجلون للمملكة الثناء الخالص لدورها في مساندة شعوبهم وبالذات تلك التي تعاني من ازمات خانقة ونخص هنا بالذكر موقف المملكة الاصيل تجاه اشقائها في اليمن والذي تجلى في رعايتها للمصالحة الوطنية والمبادرة الخليجية التي مثلت خارطة طريق لإنقاذ اليمن من وهدة ازمته الخانقة التي كادت ان تقذف به إلى اتون حرب اهلية مدمرة حيث اكدت المملكة بهذا الموقف وكذا الجهود التي يقوم بها سفيرها في صنعاء سعادة الأستاذ علي الحمدان انها فعلاً من تنظر إلى امن اليمن كجزء لا يتجزأ من امن واستقرار المملكة.

زر الذهاب إلى الأعلى