[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

المتحاورون ينقصهم أدب الحوار

كانت تطلعاتنا وآمالنا المعلقة على مؤتمر الحوار الوطني كبيرة جداً , لأن نتائج الحوار ستكون اللبنة الأساسية لبناء اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة , ومادام الحوار بهذه الخطورة والأهمية , فينبغي أن يكون الحرص والجدية والانتباه والاحترام المتبادل من أهم ما يتصف به المتحاورون , ولكن للأسف الكثير من أعضاء المؤتمر لم يستشعروا أهمية وعظمة الأمانة الملقاة على عاتقهم , وساهموا في فقدان المؤتمر لكثير من الهيبة والاحترام , والذي نتج عنه ضعف الاهتمام الشعبي بما يدور هناك .

من خلال متابعتي للجلسات العلنية لفت انتباهي الكثير من الظواهر السلبية التي تجعلك كمشاهد ومتابع تقتنع أن الحوار ليس على ما يرام , مثلاً رؤساء الجلسات لا يكادون ينطقون جملة أو جملتين إلا وهي مقترنة بعبارات نرجو الهدوء , اهدأوا وأحياناً كثيرة تتم مناداة الأعضاء بالاسم اهدأ يا فلان أو يا فلانة بصراحة تذكرني هذه المشاهد بمسرحية مدرسة المشاغبين .

عندما يتكلم أي عضو لا يجد من يستمع إلى ما يقوله , هذا يتحث مع ذاك وتلك توزع العنب وأخرى تصب شاي الحليب الذي أعدته في البيت وتوزع على صديقاتها , وآخران يقرآن صحيفة وهذا يمازح ذاك , وفلان يتجاوز الصفوف ليسلم على علان ومن خلال متابعة المشاهد التي ترصدها الكاميرا , لا أحد يستمع أو يهتم وإذا كانت من تسمية تناسب ذلك الحوار فهي ( حوار الطرشان) .

ومن الظواهر السلبية الأخرى أن الكثير من الأعضاء اعتبروا مؤتمر الحوار منصة لخلق العديد من المشاكل , و التي من المفروض أن يجلسوا ليحلوها ولكنهم للأسف عملوا على تعقيدها , فضاع الكثير من الوقت في المهاترات والاحتجاجات والتعطيل والانسحابات وغيرها . كذلك شهدت الجلسات العامة والجلسات الخاصة بكل فريق مقاطعات فوضوية وتلاسن وعراك وتهديدات وصلت حد التهديد بالقتل , بل قام بعض أعضاء المؤتمر با قتحام القاعة بالمسلحين وبعضهم تهجم واعتدى على أعضاء اللجنة الأمنية والكثير من المواقف المخجلة التي تتناقض مع أبسط آداب ومقومات الحوار .

في كل أنحاء العالم يجلس الناس في المؤتمرات بكل أدب واحترام ينصتون للمتحدثين يدونون الملاحظات يعترضون بأدب ولكن ما شهده مؤتمر الحوار الوطني هو أمر مؤسف وكان المفروض أن يتم تثيقفهم في أولى جلسات المؤتمر حول آداب وسلوك الحوار التي من المفترض أن يلتزموا بها .

قد يقول البعض هذه ملاحظات هامشية ولكن الأهم والأخطر هو ما سينتج عن المؤتمر من قرارات والتي يعتبرها الكثيرون غير مبشرة في بعض القضايا وهذا صحيح من جانب ولكن الحقيقة الكامنة والواضحة هي أن الفوضى والارتجالية والظواهر السلبية التي شابت المؤتمر هي تعكس أيضاً فوضوية وعشوائية وإرتجالية المخرجات وتعطي الانطباع أن الحضور كومبارس وديكور والقرارات الحاسمة يتخذها قلة أو نخبة قد يكونوا ضمن المؤتمر أو خارجه والبقية يتجابرون ويجاملون بعضهم ويأكلون وبشربون ويتضاربون ويوقعون على المخصصات المالية ولليمن رب يحميها .

زر الذهاب إلى الأعلى