رئيسية

نص إحاطة المبعوث الأممي غريفيث إلى مجلس الأمن بشأن اليمن

نص إحاطة المبعوث الأممي غريفيث إلى مجلس الأمن بشأن اليمن يوم الثلاثاء 19 فبراير / شباط 2019.


ينشر نشوان نيوز نص إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث والمقدمة في جلسة مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء 19 فبراير / شباط 2019.
نص إحاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، السيد مارتن غريفيث إلى مجلس الأمن
السيد الرئيس، شكرا جزيلا،
أود أن أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لي لكي أقدم احاطتي للمجلس اليوم.
لقد أحرزنا تقدما كبيرا، منذ أن تحدثت إليكم آخر مرة، في تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في أواخر العام الماضي في استوكهولم، وقد أكد لي الطرفان وللجنرال مايكل لولسغارد موافقتهما على المرحلة الأولى من خطة إعادة انتشار في الحديدة. أرحب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، وبالالتزام الذي أبداه الطرفان بتنفيذ اتفاق استكهولم وبالالتزام بالوعود التي قُدمت في ذلك الاجتماع في أوائل ديسمبر الماضي.
بقيادة الجنرال لولسجارد، وافق الطرفان على إعادة الانتشار من موانئ الصليف ورأس عيسى كخطوة أولى، تليها إعادة انتشار من ميناء الحديدة وأجزاء مهمة من المدينة المرتبطة بالمرافق الإنسانية في الخطوة الثانية. سيسهل هذا وصول المساعدات الإنسانية إلى مطاحن البحر الأحمر، حيث كما نعلم ان هناك كمية كبيرة من الحبوب تنتظر أن يتم توزيعها على الشعب اليمني. أنا ممتن هنا لكلا الطرفين لما قدماه من موائمات للسماح بحدوث ذلك، وأدعوهم إلى البدء فوراً بتنفيذ الاتفاقية دون مزيد من التأخير، وللاتفاق على تفاصيل المرحلة الثانية من عمليات إعادة الانتشار في الحديدة، والتي نأمل أن تؤدي إلى انهاء المظاهر المسلحة في المدينة.
لم يكن هذا الاتفاق ممكنا من دون القيادة القوية للجنرال مايكل لولسغارد، الذي قاد هذه المفاوضات بالصبر والمثابرة. أنا شخصيا ممتن جدا له وممتن لتحليه بتلك الصفات.
لم يكن ذلك ممكنا لولا الالتزام القوي الذي أبداه الطرفان. وبالرغم من التأخير في الجداول الزمنية لتنفيذ الاتفاق، فقد أبدى الطرفان باستمرار التزامهما بتنفيذ الاتفاق، وقد أكدا لي هذا الالتزام مرارا. انا لا أنكر التحديات التي نواجهها. لكن يمكننا اليوم أن نتشجع بهذا الالتزام، بدلاً من أن نجزع بشأن التحديات. ومما يثلج صدري ان الطرفان يقومان بتذكيري انا وزملائي بشكل متكرر بأن هذه فرصة فريدة.
سيدي الرئيس، منذ آخر إحاطة قدمتها لهذا المجلس، كان لي شرف الاجتماع ثلاث مرات مع فخامة الرئيس هادي بشأن مجموعة واسعة من القضايا التي تهمه وبالطبع تهمنا. أنا ممتن للمرونة التي أظهرها، وللمشورة التي قدمها لي ولزملائي بشأن المفاوضات حول الحديدة. ان التقدم الذي نعلنه اليوم هو نتاج تلك اللقاءات. أنا أعتمد عليه لمواصلة ذلك في المستقبل.
وأود أيضا أن أضيف أننا نثمن للغاية الاجتماعات المتعددة التي عقدناها يوميا تقريبا مع التحالف، حيث كانت هذه الاجتماعات لإلقاء الضوء على المسائل المطروحة على الطاولة بما يساعد على التقدم نحو حلها.
السيد الرئيس،
هناك زخم حول الصراع في اليمن، وتم وصف الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ديسمبر العام الماضي في استوكهولم بالاختراق، وأعتقد أن هذا وصف في محله. لقد كان تحولًا كبيرًا وأظهر لشعب اليمن أن شيئًا ما يمكن أن يحدث بالفعل. كما ذكرت من قبل، كانت هناك مؤشرات على نشاط حركة المدنيين بشكل متزايد في الحديدة، ويشهد سكان المدينة بالفعل بشائر الفائدة الملموسة في الانخفاض الملحوظ والمتواصل في الأعمال العدائية في تلك المنطقة نتيجة لاتفاق استوكهولم.
إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن المرحلة الأولى لإعادة الانتشار في الحديدة هو علامة على التزام الأطراف بالحفاظ على الزخم الذي أتحدث عنه. ذلك يوضح أن الأطراف قادرة على الوفاء بالتزاماتها، وتحويل التعهدات إلى تقدم ملموس على أرض الواقع. إنه يعزز الثقة، وهذا امر في غاية الاهمية بين الأطراف، وربما الأهم أيضا أنه يظهر وجود الإرادة السياسية.
مع هذه البداية، ربما اليوم أو غداً مع بدء تنفيذ ذلك الجزء من اتفاق الحديدة، سيكون لدينا فرصة، سيدي الرئيس، للانتقال من الوعد الذي قطعناه في السويد نحو الأمل في اليمن.
ان الاتفاق على إعادة الانتشار مهم أيضا بالنسبة للجهود الإنسانية الأوسع في البلاد. وبما أن مارك سوف يصف لنا الوضع في غضون دقيقة. فقد أكدت انا ومارك معًا، في الأيام القليلة الماضية، على مسئولية الأطراف بشأن منح برنامج الأغذية العالمي إمكانية الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر وإلى مخزون الحبوب الذي يحوي ما يكفي من الغذاء لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر.
السيد الرئيس،
في الأسابيع الأخيرة ومن أجل إحراز تقدم في الاتفاقات التي أبرمت في السويد، قمت بالعديد من الزيارات إلى صنعاء والحديدة، حيث التقيت هناك في كل مرة مع السيد عبد الملك الحوثي وزملائه في حركة أنصار الله. يسرني أن أبلغ هذا المجلس بانخراطه الايجابي والمستمر في جميع المناقشات التي أجريناها حول الحديدة، بشأن القضايا اللوجستية الحيوية اللازمة لنشر بعثة الأمم المتحدة إلى الحديدة، وبشأن إطلاق سراح أفراد محددين وإطلاق سراح السجناء بشكل عام. وأنا ممتن لالتزامه بدعم جميع جهودنا. لقد عدت يوم أمس من صنعاء، ومن الواضح لي أن الالتزام من هناك بتنفيذ اتفاق الحديدة هو بالفعل حقيقي، وبالتالي فهو موضع ترحيب كبير.
السيد الرئيس،
لقد كنا مشغولين أيضا في الأسابيع الماضية بالسعي لإتمام الاتفاق بشأن إطلاق سراح وتبادل السجناء والمعتقلين. وسوف تتذكرون ربما أن التوصل إلى اتفاق حول هذا الامر وعلى آلية لتوفير مثل هذا الإفراج والتبادل كان في الواقع أول اتفاق بين الطرفين وتم التوصل إليه قبل أن نذهب إلى السويد في نوفمبر الماضي. في الأسابيع الأخيرة، عقدنا اجتماعين جوهريين وموضوعيين بين الطرفين هنا في عمان التي أتحدث منها. إنني ممتن لحكومة المملكة الأردنية الهاشمية وانا ممتن شخصيا لمعالي وزير الخارجية الأردني لتسهيل عقد تلك الاجتماعات.
بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتي هي شريكة في رئاسة الجنة الإشرافية، تمكنا في هذه الاجتماعات وفي المناقشات الثنائية مع الأطراف من إحراز تقدم نحو ما نأمل أن يكون الإفراج عن الدفعة الأولى من السجناء. وأود أن أؤكد هنا ان نية اتفاق تبادل الأسرى الذي أشرت إليه، كما عبر الأطراف وقادتهم بشكل مباشر في أكثر من مناسبة هي الإفراج عن جميع لأسرى من جميع الأطراف ومن كلا الجانبين في هذا الصراع. الكل مقابل الكل، هو مبدأ هذه العملية، ويبقى هذا التزامنا ومسؤوليتنا كما هي مسؤوليتهم.
أعتقد أننا لسنا بعيدين عن إطلاق سراح الدفعة الأولى من الأسرى والمعتقلين. وأنا ممتن جدا للطرفين على تعاونهم لتحقيق هذه الخطوة. ما زال أمامنا بعض العمل الذي يجب القيام به قبل إتمام ذلك، ليس أقله ضمان أن تكون هذه الدفعة جزءًا من عملية أكبر لإطلاق سراح باقي الأسرى والمعتقلين. آمل أن يتمكن الطرفان من الاستمرار في دفع هذه الجهود قدما، حتي يمكن جمع شمل آلاف العائلات وانهاء المعاناة الانسانية للقابعين في السجون في هذا الصراع.
أرجو أن تسمحوا لي بالإعراب عن امتناني لبيتر ماورر، صديقي العزيز، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي أوجد وقتاً ضمن جدول أعماله المزدحم للغاية للمشاركة في افتتاح آخر تلك الاجتماعات التي عقدت في عمان. إن مشاركة منظمته، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في هذه العملية يضمن النزاهة والمهنية.
السيد الرئيس،
كلا الطرفين أكدا لي مجددا التزامهما بإعلان التفاهمات حول تعز المتفق عليه في استوكهولم. تذكرون أني أشرت إلى هذا في إحاطتي السابقة، ومدى أهمية ورمزية تعز في هذا الصراع. هذه الأهمية تكمن في أنه يمكننا تحسين حرية الوصول وحركة الأشخاص في تلك المنطقة. سأركز جهودنا على احراز خطوات ذات مغزى لتحقيق تقدم في هذا الامر. نحن بحاجة إلى الاتفاق على خطوات صغيرة الآن، وليس خطوات كبيرة في وقت لاحق. لا أحد يشير إلى أن العملية ستكون يسيرة: تعز هي المكان الذي شهد بعض أسوأ مراحل الصراع. لكننا نعتقد أن لدينا فرصة جيدة لرؤية بعض التقدم الملموس في الأسابيع القادمة.
السيد الرئيس،
لقد قلت من قبل لهذا المجلس في أكثر من مناسبة أن الحديدة هي مركز ثقل هذا الصراع، وربما هي كذلك. ولكن في الحقيقة، فإن اهتمامنا الرئيسي، وبمعنى ان مركز الثقل الحقيقي لهذا الصراع بالنسبة لنا، هو المضي نحو حل سياسي. يمنحنا الاتفاق حول المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في الحديدة، كما تم تأكيده اليوم، الفرصة للتطلع إلى ما بعد اتفاق ستوكهولم. بينما نحتاج إلى إحراز تقدم ملموس بشكل واضح، قبل أن نتحرك إلى الأمام، يمكننا الآن أن نتخيل كيف سنبدأ في معالجة هذه الأمور الصعبة والجوهرية. نحن ملتزمون بالعمل على إيجاد هذا الحل السياسي. ونحن بحاجة إلى البدء في الحديث عن المستقبل، حيث سيكون بدء النقاش حول الترتيبات السياسية والأمنية خطوة كبيرة إلى الأمام، وسيكون دليل هام على جدية الطرفين في وضع نهاية لهذا النزاع، معًا ومعنا ومع دعمكم لإنهاء هذا الصراع.
سيتذكر أعضاء هذا المجلس أن اتفاق استوكهولم كان الغرض منه أن يكون خطوة أولية وخطوة إنسانية، وكان لحظة عظيمة. لكن هذه ليست نهاية القصة. في الواقع، أن الأطراف والمجتمع المدني وممثلي المرأة والمجتمع الدولي ذكّروني مراراً وتكراراً كما فعلتم عندما اجتمعنا آخر مرة حول هذا الموضوع، بأن الحل الشامل هو السبيل الوحيد لوضع حد لهذا الصراع. وأنوه خصوصا بالدعم المتزايد من قبل المجموعات الجنوبية لجهودنا ورغبتهم الواضحة في التوصل إلى تسوية سلمية للصراع ولمخاوفهم الكبيرة بشأن مستقبل البلاد.
ولذلك، لدينا مسؤولية جسيمة للبناء على الزخم الناتج عن استوكهولم من أجل انهاء الصراع. أقول ذلك وآمل ألا أكون ساذجا بشأن الصعوبات التي نواجهها في تنفيذ الوعود والاتفاقات. ستكون هناك انتكاسات، لكن علينا أن ننظر إلى أبعد من ذلك، إلى الأفق المفتوح أمامنا. الأسبوع القادم – كما سيخبرنا مارك – سيتم تذكيرنا في جنيف بالاحتياجات المالية للبرامج الإنسانية في اليمن وأبعادها الضخمة، وشجاعة هؤلاء الزملاء الذين ينهضون يوميا بمسؤولياتهم وواجباتهم هناك. يذكرنا ذلك بأن تكلفة الحرب، إذا فشلت جهودنا الجماعية سيدي الرئيس، ستستمر في الارتفاع الحاد على حساب شعب اليمن، بشكل مأساوي.
شكرا جزيلا، سيدي الرئيس.

زر الذهاب إلى الأعلى