إزاحة الستار عن تمثال المفكر اليمني عبدالله باذيب في موسكو.. صور وسيرة ذاتية
إزاحة الستار عن تمثال المفكر اليمني عبدالله باذيب في العاصمة الروسية موسكو
شهدت العاصمة الروسية موسكو إزاحة الستار عن تمثال للشخصية اليمنية البارزة والذي يوصف برائد الاشتراكية في اليمن المفكر الراحل عبدالله باذيب.
ووفقاً للإعلامية اليمنية في قناة روسيا اليوم، رويدا الشرجبي، فقد ازاح الدكتور عبد الرحمن السقاف الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ومع فيتالي ناؤومكين مدير معهد الاستشراق في موسكو الستار عن تمثال المفكر ورائد الاشتراكية اليمنية عبدالله باذيب في المعهد.
وجرت عملية إزاحة الستار في الصور الي يعيد نشوان نيوز نشرها بحضور اعضاء المكتب السياسي في الحزب الاشتراكي اليمني محمد سعيد عبدالله (محسن) و علي منصر؛ و علي الصراري.
يشار إلى أن وفداً رسمياً من الحزب الاشتراكي بدأ منذ أيام بزيارة إلى روسيا لإجراء لقاءات ذات علاقة.
ويعد الراحل عبدالله باذيب من أبرز الشخصيات اليمنية والعربية التي كان لها بصماتها الفكرية والثورية في اليمن والمنطقة العربية منتصف القرن الماضي.
وفيما يلي يعيد نشوان نيوز نشر السيرة الذاتية للمفكر عبدالله باذيب كما نشرت في سنوات سابقة بموقع الحزب الاشتراكي:
ولد في منطقة الشحر بمحافظة حضرموت في 1931 وتوفي في 16 آب (أغسطس) 1976 إثر نوبة قلبية.
* تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في عدن، واضطر إلى ترك السنة النهائية قي المرحلة الثانوية لظروف أسرته الصعبة. وعلى الرغم من ذلك تمكن عبدالله باذيب بالاستناد إلى ثقافته الذاتية أن يلفت الأنظار إليه في الوسط الثقافي والاجتماعي وهو ما يزال طالباً.وتنوعت قراءاته بين الأدب والتاريخ والفلسفة والسياسة.
* في عام 1949 أصدر مجلة "المستقبل" الشهرية وهو في السنة الأولى من المدرسة الثانوية، وكان المحرر الرئيس في المجلة.
واتسمت "المستقبل" بمستوى رفيع في اللغة والمضمون الأمر الذي جعلها تقف في مصاف المجلات الثقافية والأدبية التي كانت تصدر في الوطن العربي في ذلك الوقت. ومثلت ’المستقبل‘ مرحلة هامة في حياة عبدالله باذيب بما عكسته من طموح في تجديد الحياة الأدبية والثقافية والاجتماعية بعيداً عن أنماط التفكير التقليدية، الأمر الذي جعلها تواجه بحملات مضادة من الأوساط المحافظة وبعض المتاجرين بالدين لكنها مضت في خطها غير عابئة بكل ذلك، إلا أنها اضطرت إلى التوقف بعد عامين ونَيف من صدورها.
* عمل عبدالله باذيب بعد ذلك محرراً في صحيفة "النهضة " ثم سكرتيراًً لتحريرها وكانت أشهر الصحف الأسبوعية التي تصد ر حينذاك.
* وفي هذه الفترة برز اسم باذيب كاتباً سياسياً مرموقاً ومفكراً وطنياً تقدمياً يتسم بوضوح الرؤية وبعد النظر واستشراف المستقبل، إضافة إلى أسلوبه اللاذع.
لم تتحمل السلطات الاستعمارية البريطانية كتاباته بما حملته من مفاهيم وطنية جذرية، فما أن نشر مقاله "المسيح الجديد الذي يتكلم الإنجليزية" الذي يرد فيه على الكتابات التي كانت تدعو في تلك الفترة ( 1955 )إلى التعايش مع الحكام حتى اعتقلته السلطات وقدمته للمحاكمة بتهمة "إثارة الكراهية والعداء ضد الحكومة وبين طوائف وطبقات السكان".
وقوبل هذا الإجراء بغضب شديد في أوساط واسعة من الشعب، وتنادت كثير من الشخصيات الوطنية والمنظمات السياسية للوقوف ضد المحاكمة. وعقدت المحاكمة وسط تظاهرات وحشود للجماهير، وهو أمر لم تشهده مدينة عدن من قبل. وأرغمت ردَة الفعل الشعبية المحكمة على أن تصدر حكماً مخففاً في القضية.على أن المحاكمة شكلت نقطة تحول في مسار الحركة السياسية الناشئة، وكانت مؤشراً قوياً لنهوض سياسي أخذت ملامحه تبرز بعد عام واحد فقط من هذه المحاكمة.
* أولى باذيب في منتصف الستينات اهتماماً خاصاً لتنمية الوعي السياسي والفكري للمجاميع العمالية والنقابية الناشئة وتوجيهها لتنظيم صفوفها، وعندما شعر أن السلطات تنوي نفيه خارج عدن، بعد أن تسربت معلومات حول هذا الموضوع، قرر الخروج إلى تعز في شمال اليمن في أواخر 1958.
ومن هناك أخذ يواصل نشاطه السياسي والفكري من خلال إصدار صحيفته "الطليعة". وبالرغم من كل الصعوبات التي واجهها في مستقره الجديد إلا أنه مضى بدأب وإصرار يحمل لواء الدعوة لوحدة كل القوى الوطنية من أجل مواجهة المشاريع المشبوهة المطروحة حينذاك والتي تمثلت في "اتحاد إمارات الجنوب" و "الحكم الذاتي لعدن" وربطها بعلاقات أوثق بالاتحاد، تعزيز القواعد العسكرية في المنطقة، إضافة إلى التسلل الاقتصادي والسياسي الأميركي في الشمال.
وبعد فترة قصيرة من صدورها ( 13 عدداً ) أغلقت السلطات الصحيفة بتحريض من الدوائر المرتبطة بالمصالح الأميركية.
* كان العمل الصحفي هو الغالب على نشاط عبدالله باذيب في البداية، وتعددت الصحف التي عمل بها لفترات قصيرة : النهضة،البعث، الفجر، الجنوب العربي و الفكر إلى جانب إسهامه في تحرير صحف أخرى وفي كل مرَة كان يترك هذه الصحف بعد وقت قصير من العمل فيها إما لخلاف مع أصحابها أو لغلقها من قبل السلطة.
* ما إن عاد عبدالله باذيب إلى عدن في 1962 حتى بدأ يفكر جدياً في تأسيس تنظيم سياسي بعد أن أخذ التوجه الذي عمل من أجله يبرز كتيار نامٍ مؤثر في الحركة السياسية، وفي 22 أكتوبر من نفس العام تأسس "الاتحاد الشعبي الديمقراطي" بقيادته لتبدأ مرحلة نوعية جديدة في حياته الحافلة بالأحداث الهامة.
* كان "الميثاق الوطني" للحزب هو أول برنامج سياسي في تاريخ الحركة اليمنية يعلن الاسترشاد بمبادئ الاشتراكية العلمية كدليل للعمل، على أن "الميثاق" نصً على أهمية الاستناد في تحديد مهمات الحزب الجديد إلى واقع البلاد وخصائص ظروفها وطبيعة المرحلة التي تمر بها.
كما أن من أبرز ما ميَز التنظيم الجديد شعاره "نحو يمن ديمقراطي موحد" وبذلك كان قي طليعة التنظيمات اليمنية التي أكدت على وحدة الشعب اليمني وعلى الطابع الديمقراطي لهذه الوحدة. وعدّ "الميثاق" الاستعمار هو "العدو الأساسي والأشد خطراً... وإليه يجب أن توجه الضربة الرئيسية".
* فور قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962، سارع عبدالله باذيب إلى تأييدها بمختلف السبل , وأصدر التنظيم الذي يرأسه بيانا يحدد الأهداف والمهام التي تنتصب أمام الثورة الوليدة، فأكد البيان أن "المهمة الرئيسية المطروحة الآن أمام شعبنا...هي صيانة الجمهورية الفتية وضمان سيرها في طريق التطور الوطني المستقل" وأكد البيان بصورة خاصة على أن من أبرز مهام الثورة مساندة الشعب في الجنوب في نضاله ضد الاستعمار.
* في عام 1963 أعتقل عبدالله باذيب مع عدد من العناصر الوطنية القيادية البارزة إثر حادث إلقاء قنبلة في مطار عدن على المندوب السامي البريطاني وبعض السلاطين، ثم أفرج عنهم جميعاً تحت ضغط الرأي العام المحلي والدولي.
* عندما قامت ثورة 14 أكتوبر المسلحة في جنوب اليمن كان عبدالله باذيب من أوائل الذين أيدوا الثورة فهو قد رأى فيها طريق الخلاص الحقيقي من الاستعمار، وأدرك منذ وقت مبكر أن الثورة تملك كل شروط البقاء والانتصار.
* أصدر عبدالله باذيب، في هذه الفترة صحيفة "الأمل" في يونيو 1965، واستخدم هذه الإمكانية بذكاء وفعالية لمصلحة الثورة، وقد دفع هذا بعض القوى المناوئة لتنظيم الثورة إلى إحراق مطبعة الأمل ونتيجة لذلك توقفت عن الصدور.
* في يناير 1968 أي عقب الاستقلال مباشرة أصدر عبدالله باذيب وثيقة تحليلية هامة بعنوان "وجهة نظر حول المرحلة الراهنة – ثورة 14 أكتوبر.. طبيعتها.. مهماتها.. وآفاق المستقبل"، واعتبرت الوثيقة أن المهمة الرئيسية للثورة، بوصفها ثورة تحررية ديمقراطية، هي إقامة حكم وطني ديمقراطي أساسه تحالف قوى الشعب العاملة. وفي هذه الوثيقة طرح باذيب، لأول مرة بعد الاستقلال،. ضرورة وحدة كل القوى السياسية المتقدمة.
* منذ الأيام الأولى للاستقلال لم يكف عبدالله باذيب عن التحذير من أية محاولة للاستئثار بالعمل الوطني واحتكار العمل السياسي، كما فعلت عدد من "الحركات الثورية" في بعض دول العالم الثالث، الأمر الذي أعاق تطور الثورة في تلك البلدان في الاتجاه الصحيح. وبالفعل حدث ما كان يتوقعه عبدالله باذيب عندما حاول عدد من القادة العسكريين مع بعض العناصر في التنظيم الحاكم للاستحواذ على السلطة فيما عرف حينذاك ب "حركة 20 مارس1968" واعتقل جَراء هذه المحاولة باذيب مع عدد كبير من قادة اليسار في التنظيم الحاكم غير أن الحركة فشلت في تحقيق أهدافها وأفرج عن جميع المعتقلين.
* بعد خطوة "22 يونيو التصحيحية 1969" ووصول يسار الجبهة القومية إلى السلطة، اتخذت عدد من الخطوات للانفتاح على بعض القوى السياسية الأخرى. وفي منتصف 1970 بدأ الحوار الفعلي بين الأحزاب الثلاثة: الجبهة القومية، الاتحاد الشعبي الديمقراطي وحزب الطليعة الشعبية. ولعب باذيب دوراً رئيساً في مناقشة وبلورة الصيغة التوحيدية الملائمة والممكنة في تلك الظروف حتى تكلل هذا الحوار بالتوقيع على اتفاق 5 فبراير 1975 الذي وضع أسس وحدة الفصائل الثلاث.
* تولى باذيب وزارة التربية والتعليم في نهاية عام 1969، وخلال توليه الوزارة أسهم في حل عدد من المشكلات المتعلقة بالتعليم الأهلي وألحقه بالوزارة من حيث الإشراف والتوجيه وأعفى طلبته من الرسوم. كما تحققت للمدرسات إجازة الولادة مدفوعة الأجر، وأنشئت الإدارة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، وتأسست أول كلية للتعليم العالي وهي كلية التربية العليا التي غدت فيما بعد نواة جامعة عدن.
* في عام 1972 عين عبدالله باذيب وزيراً للثقافة والسياحة التي كانت مجرد إدارة صغيرة للثقافة. وخلال فترة قصيرة تحولت هذه الإدارة إلى وزارة وصار لها كثير من المشاريع في مجالات الآثار والدورات الأكاديمية والفنون بمختلف أنواعها، وفي عهده أنشئ لأول مرة المسرح الوطني وأول معهد للموسيقى والفنون الشعبية.
* بعد قيام التنظيم السياسي الموحد - الجبهة القومية - أنتخب عبدالله باذيب عضواً في لجنته المركزية والمكتب السياسي وسكرتيراً للثقافة والإعلام. وكان هم الفقيد الرئيس في سنواته الأخيرة إرساء أساس متين للعمل الأيديولوجي في الحياة الداخلية للتنظيم السياسي.