اليمن بين التمديد للرئيس والتوريث لابنه

اليمن بين التمديد للرئيس والتوريث لابنه

لا زالت قضية "التمديد" و"التوريث" باليمن تثير جدلا واسعا، في وقت بدأت تنتشر فيه صور تجمع الرئيس علي عبد الله صالح ونجله الأكبر أحمد، مرة بالزي العسكري،وأخرى بالزي التقليدي، وترفع بالمحلات وعلى الزجاج الخلفي والجانبي والأمامي لبعض السيارات.

ويعتقد محللون سياسيون أنه مع مرور32 عاما على حكم الرئيس صالح، تبدو مؤشرات التمديد والتوريث إحدى أولويات السلطة التي قبلت أخيرا بالالتقاء مع أحزاب اللقاء المشترك المعارضة، والاتفاق على بدء حوار وطني شامل، يقر تعديلات دستورية، ويهيئ البلد لـ"شراكة سياسية" وحكومة وحدة وطنية.

وفي حديث للجزيرة نت، قال الباحث الاجتماعي شاهر سعد إن التمديد والتوريث ليسا شأنا يمنيا خالصا، بل هناك أكثر من دولة عربية تسير على قدم وساق في هذا الدرب.

واعتبر أن هذه السياسة لم تأت من فراغ، بل تباركها قوى الهيمنة الدولية، كما تباركها قوى النفوذ بالداخل، مشيرا إلى توقيع اتفاق بين أحزاب المشترك مع السلطة "يوم عيد الجلوس" بمناسة مرور 32 عاما على حكم صالح الذي بدأ يوم 17 يوليو/ تموز 1978.

وباعتقاد سعد فإن ثمة صفقة ربما تمنح الرئيس تمديدا بالحكم مقابل شراكة المعارضة بالسلطة، خاصة في ظل تفاقم الأزمات السياسية والحروب الداخلية التي تهدد استقرار ووحدة البلد.

التوريث أو التمديد

من جانبه يؤكد رئيس التحرير السابق لصحيفة "الشورى" عبد الكريم الخيواني أن "التمديد" أمر تسعى له السلطة بقوة، ولذلك كان توقيع الحزب الحاكم وأحزاب المشترك المعارضة على محضر تنفيذ اتفاق فبراير لبدء الحوار الشامل، يوم 17 يوليو/ تموز الجاري.

وقال الخيواني في حديث للجزيرة نت "التعديلات الدستورية التي تريدها السلطة لها أهداف محددة تلبي أهداف الرئيس في التمديد له، من خلال جعل مدة الرئاسة خمس سنوات بدلا عن سبع" وهو بحسب التفسيرات القانونية ما يعطي الرئيس حق الترشح فترة جديدة ربما تمتد لعشر سنوات.

وأضاف "مسألة بقاء الرئيس في كرسي الحكم تم التوافق عليه داخليا وخارجيا، والدليل أن التقاء السلطة وأحزاب المشترك المعارضة وتوقيعهم اتفاق الدخول في حوار وطني جاء نتيجة تدخل خارجي أميركي أوروبي تحديدا" وذلك "تحت يافطة الحرص على استقرار ووحدة اليمن".

ويرأى الخيواني أن "التوريث هو المشروع الرسمي الموجود في البلد، وبقدر ما يروج له شعبيا، نجد أن هناك محاولات تبشيرية به من خلال حمل نجل الرئيس لرسائل إلى الحكام العرب، وإعطائه صلاحيات واسعة، إلى جانب كونه قائد قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، وهي في مجملها تكرس حكم أسرة الرئيس".

من جهة أخرى، قال المحلل السياسي صادق ناشر في حديث للجزيرة نت "إن مبدأ توريث الحكم في اليمن يبدو صعبا في ظل نظام الحكم القائم في البلد، على الرغم من تواتر المعلومات عن هذه القضية".

ويشير المحلل السياسي إلى أن الرئيس علي عبد الله صالح أكد أكثر من مرة أنه ليس من الوارد توريث الحكم لنجله أحمد "وإن كان يرى أن نجله أحد أبناء الشعب ومن حقه أن يترشح لمنصب رئيس الجمهورية شأنه شأن أي مواطن آخر".

ثعابين غير مروضة

في المقابل، يرى ناشر أن الكثيرين باتوا يربطون انتهاء فترة حكم الرئيس صالح بعد نحو ثلاث سنوات، بمجيء نجله إلى الحكم، بحكم الصلاحيات الكبيرة التي يتمتع بها الابن، خاصة لجهة تحمله قيادة أكبر الوحدات العسكرية وأكثرها تأثيراً، وهي قيادة قوات الحرس الجمهوري.

وباعتقاد ناشر فإن الواقع اليمني وتعقيداته السياسية والاجتماعية تمنع بروز مثل هذا التوجه، فهناك معارضة قوية لمثل ذلك، ناهيك عن معارضة داخل المؤسسة الحاكمة نفسها.

وقال المحلل السياسي إن الرئيس صالح لا يظهر بشكل مفضوح حماسه لتوريث نجله الحكم، لأنه يعتقد أن هذا الموضوع سابق لأوانه، والحالة اليمنية لا تسمح له بأن يجازف في هذا الأمر في الوقت الحاضر.

وأضاف "ربما ينتظر ظروفا تكون مناسبة لذلك، لأن الحديث عن التوريث في هذا الظرف الذي تواجه فيه البلد تحديات كبيرة من الشمال إلى الجنوب وتحدي تهديدات تنظيم القاعدة وتمرد القبائل، تبدو مغامرة لا يريد الرئيس الخوض فيها".

وفسر المحلل السياسي وجهة نظره بالقول "لا يريد علي عبد الله لنجله أن يرقص فوق رؤوس الثعابين، لأن ثعابين اليوم غير مروضة وليست كتلك التي كانت عند مجيء الرئيس إلى سدة الحكم قبل 32 عاما".