الشيخ ياسر برهامي: أشعر بأزمة داخل الصف السلفي

في كلمة وجهها إلى شباب حزب "النور"، حذر الشيخ ياسر برهامي السلفيين من التنافس فيما بينهم على تصدر المشهد والرغبة في تولي المسؤولية، وأوضح لمستمعيه أنه لاحظ من خلال تجوله على مؤتمرات الحزب في المحافظات والمناطق المختلفة "وجود درجة من درجات التنافس، قلت بسببها نحن بحاجة إلى عمل (عَمرة داخلية)"،

بفتح العين كتلك التي تحدث للسيارة حين تظهر عليها الأعطال. وأضاف نائب رئيس "الدعوة السلفية" :قلت للإخوة نحن بحاجة إلى "عمل مؤتمر لجميع العاملين وجميع من رُشحوا ... لنعرف نياتنا إلى أين تتجه، هل نحزن من التكليف ونجد صعوبة ومشقة، أم نحن نجد رغبة وتنافس واستشراف لتحمل المسؤولية".

وعد الشيخ بعض مظاهر وصور التنافس الذي لاحظه، كقول بعضهم: "أنا أولى بهذا المكان من فلان، وفلان أولى من فلان، ولماذا اخترتم فلان؟"، معلقا الشيخ بأن من يقول هذا الكلام "تغيب عنه معطيات كثيرة"، موضحا أن الأصل فصل أو عزل من يقول: "أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه"، الآية من سورة البقرة. لأنك إذا أعفيت فكان يجب أن تقول "الحمد لله"، على العافية، وتبحث لنفسك عن دور، والأدوار كثيرة جدا، وأنواع العمل لخدمة الإسلام لا تنتهي عند حد، خاصة وأن الثغرات كثيرة جدا. واستطرد: لا أقول أن يجلس الإنسان في بيته، بل يحفر لنفسه خندقا، أي توجد لنفسك دورا في خدمة الإسلام، كأنك جندي في معركة.

الشيخ ياسر برهامي بما له من قبول كبير في أوساط السلفيين أراد على ما يبدو أن يقف السلفيون موقف المصارحة مع النفس والمراجعة للنوايا، حرصا على طهارة البيت واستعدادا للقادم، الذي وصفه بأنه "أكبر"، وفوق الطاقة إلا أن يعين الله عز وجل، موضحا: "هيبقى في دنيا، وهيبقى في فلوس، وهيبقى في مناصب... الفلوس الآن قليلة والمشاكل كثيرة عشان هي قليلة، لكن ربما هذا يكون أحسن، هيبقى في مناصب لكن ذلك قد يكون ضررا على من طلبها وعلى المجموع إذا كان الأكثر كذلك". مستدلا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته: "ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم، فتهلككم كما أهلكتهم".

برهامي كرر التحذير من أن يحرص الإخوة على تولي المسؤوليات، قائلا: "البركة في نصرة الدين ليست بكثرة الكلام، ولا بكثرة الحركة، ولا بالمناصب التي يتولاها الإنسان"، وأضاف: أن الأمر إذا كان مبني على حرص على خدمة الدين، فهو لا يتوقف على مكان، وكل من أراد أن يخدم الإسلام سيجد له دورا، أعطاه الناس هذا الدور أو لم يعطوه.. لأن الله عز وجل هو الذي يعطي على قدر النية والصدق في أننا فعلا نريد خدمة الإسلام، وأننا فعلا نريد نصرة الدين.

ودعا السلفيين إلى مراجعة النوايا جيدا، وقال: "أقول هذا الكلام لأنني أشعر بأزمة داخل الصف السلفي، وداخل الدعوة السلفية، من نوعية التعامل فيما بيننا، ومحاولة الاستئثار بمواطن المسؤولية، الذي هو عبأ ثقيل جدا، ومن حرص عليه وكل إليه"، وتابع: "أنا أتصور أننا حين توكل إلينا المسؤولية أن نقول (إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أعنا عليها)، وليس الفرح بأنها أسندت إلينا".

الشيخ برهامي حذر أيضا من السلوك الفردي الذي يتسبب في الضرر للمجموع، كما حدث في المؤتمر النسائي الذي أقامه الحزب وقام أحد الشباب بوضع يده أمام عدسة كاميرا أحد المصورين فهاجت الصحف ووسائل الإعلام بأن السلفيين يمنعون الصحفيين ويعتدون عليهم، قائلا: "انتبه جيدا أن أي تصرف أو سلوك فردي يعقبه محاسبة الجميع"، وأضاف: "لا بد لسلوك الإخوة أن يكون سلوكا إسلاميا، نسميه سلوك حضاري، نسميه خلق حسن، وفي نفس الوقت نكون مدافعين عن الحق الذي نسعى للدفاع عنه وتأكدوا أن الأمر بيد الله".

وخلال حديثه، أشار برهامي إلى أن "الدعوة السلفية" "وجماعة الإخوان" اتفقا على التزام الآداب الإسلامية في المنافسة الانتخابية، بحيث يكون تنافسا شريفا، وقال: هذا نقوله للإخوة عندنا حتى لو لم يلتزم به الإخوان.. نحن جميعا يحكمنا شرع الله سبحانه وتعالى، والمفروض أن الأمر بيننا يبنى على قوله صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه".

وأنهى الشيخ حديثه بالقول: فيا إخوتنا إياكم أن تكونوا سببا في هزيمة المسلمين في هذه المرحلة، وهذا وارد جدا، لأن هناك بعض الصحابة رضي الله عنهم قال الله فيهم: "منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة"، وفي غزوة "أحد" حدثت الهزيمة بسبب من يريد الدنيا، فلنحذر من أن نكون نحن سبب الهزيمة وسبب الخزلان.