[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
رياضة

لماذا تحب الجماهير متابعة المواهب القادمة من أميركا اللاتينية؟

ما هي الأسباب التي تجعل المشجع يسهر حتى وقت متأخر من الليل، من أجل مشاهدة مباراة في الكوبا أميركا؟ تبدو الإجابة للوهلة الأولى خاصة بحب اللعبة وتشجيع فريق ما ضمن البطولة، لكن الرد الأشمل لهذا السؤال يجب أن يركز على عشق عدد كبير من جمهور الكرة لطريقة لعب فرق أميركا اللاتينية. الضغط العالي، السرعة، القوة، التضحية، وبكل تأكيد المهارة الخالصة، كلها أمور صنعت "كيمياء" خاصة بين الجماهير والقائمين على اللعبة في تلك البلاد.

لاتينو
من المؤكد أن العمل التكتيكي في أوروبا أعمق، ويمكن القول بأن مباريات دوري أبطال أوروبا أو اليورو أفضل بكثير من نظيرتها في كوبا ليبرتادوريس أو كوبا أميركا، لكن هناك لمحات فنية من الصعب بل المستحيل مشاهدتها بعيداً عن ملاعب القارة المعزولة، لأن نجوم هذه المنتخبات والفرق يمتازون بصفة نادرة، بعض الشيء، بممارسة كرة القدم على طبيعتها، دون تعقيدات أو اعتبارات، فقط لعب من أجل المتعة، لذلك تظهر بعض اللقطات غير المألوفة، والتي بسببها يزداد تعلق المجاذيب بمتمردي المستديرة في بلاد بعيدة.

انبهر الأوروبيون بالموهبة القادمة من أوروغواي في حقبة التسعينيات، إنزو فرانشيسكولي، اللاعب الموهوب الذي لعب في فرنسا وإيطاليا، قبل أن يعود من حيث أتى، تجاه ملعب المونيمونتال وفريق الريفربليت في الأرجنتين. وكما يمتاز إنزو بالمهارة، اشتهرت أيضاً أسماء أخرى كباجيو، زيدان، والبقية بنفس هذه الخصلة، لكن اللمسة اللاتينية ظلت مميزة، من خلال اللعب الأقرب إلى السهل الممتنع، والإتيان بحركات غريبة ومعقدة في أوقات حاسمة، ليؤكد البعض أن هذه التصرفات تصل إلى حد الاستفزاز، لكنها محببة بشدة بالنسبة للجمهور.

فالديراما أيضاً كان مختلفاً، لاعب وسط يجيد التمرير والتحرك، ويأتي بالقيمة المضافة من خلال عبقريته بعيداً عن الكرة، عن طريق تمركزه المثالي داخل الملعب، وتحكمه في الفراغات بشكل إيجابي، لذلك عُرف أوروبياً وعالمياً بشعره الكثيف، وموهبته الغريزية التي أجبرت الناس على التعلق بالنجوم "اللايتنو" أكثر وأكثر.

رودريغز
لا يشارك خاميس رودريغز بانتظام هذا الموسم مع ريال مدريد، فالمدرب رافا بينيتيز لا يثق فيه بشكل كامل، بالإضافة إلى تعرضه لإصابة قوية بداية الموسم، لذلك لعب الكولومبي 6 مباريات فقط بالليغا، 2 منها لمدة 90 دقيقة، ورغم مشاركاته النادرة، إلا أنه سجل 3 أهداف، وهو رقم تهديفي لا يتفوق عليه إلا ثلاثي هجوم الملكي، مع صناعته 16 فرصة للتسجيل.

ربما مورديتش أفضل في ضبط إيقاع اللعب من الخلف، كذلك يمتاز كروس بقدرة غير عادية على التمرير الدقيق، وبكل تأكيد إيسكو أكثر مهارة وخفة، لكن خاميس رودريغز هو الجزء المفقود في خط هجوم الميرينغي، لأنه يأتي دائماً بالقطعة الصعبة في الوقت المعقد من عمر المباريات، ويستطيع الهروب من الضغط في أضيق الأماكن بالثلث الهجومي، لذلك في حالة غيابه، تقل عدد الفرص التي تصل إلى رونالدو وبنزيمة، وبكل تأكيد يقل عدد أهداف الفريق ككل.

يسجل رودريغز أهدافاً نادرة، تجده يسدد من مراكز غير مألوفة، مع قيامه بصناعة المراوغات في أنصاف المسافات وداخل القنوات الدفاعية للفرق المنافسة، لذلك كلما تشاهد هذا اللاعب، ستدرك فوراً أنه مختلف عن البقية، دون البحث عن أي أسباب فنية أو تكتيكية، لأن البحث في تاريخه سيقودنا إلى السر، لقد تلقى مبادئ اللعبة في كولومبيا والأرجنتين، مع فرق إنفيجادو وبانفييلد، وبالتالي يملك نفس القيمة المضافة، التي جعلت فرانشيسكولي من قبله يحصل على صيت كبير، رغم قصر عمر مشواره الكروي في أوروبا.

ديبالا
"انتهبوا إلى ما أقول: ديبالا لاعب رائع بل عظيم"، يتحدث الأسطورة ليونيل ميسي عن مواطنه باولو ديبالا بقدر من الإعجاب وبمزيد من التقدير، ويبتعد ليو بتصريحه عن أية مجاملات، لأن الصغير ديبالا يُثبت صدق المقولة، من خلال تألقه هذا الموسم في الكالتشيو رفقة يوفنتوس، إنه اللاعب الأكثر تسجيلا للأهداف، صناعة للفرص، وسط نجوم السيدة العجوز.

ديبالا أيضاً مختلف، لا تستطيع القول إنه مهاجم صريح، أو صانع لعب حقيقي، أو حتى جناح شامل، لأنه يجيد اللعب في كل هذه المراكز ببساطة، ويتحرك بحرية في كافة أرجاء الركن الهجومي، ولا يرتبط تألقه بأرقامه المبهرة على الصعيدين الهجومي والدفاعي، بل نتيجة تميزه وتفرده في أسلوب لعبه، الذي لا يشبه أي نجم آخر قبله.

يسجل الأرجنتيني أهدافاً خرافية، آخرها أمام فريقه القديم باليرمو هذا الأسبوع، ويعتبر أيضاً ضمن النوعية التي يفضل الجمهور رؤيتها كل مباراة، ومن الصعب جداً رصد مجموعة ما تبغضه أو تحقد عليه، لأنه يلعب كرة قدم طبيعية، لا تحوي أية مساحيق تجميل، فقط مع لمسات بسيطة وسلسة. لذلك يستحق هذا اللاعب الشاب الانضمام إلى ركب فرانشيسكولي، رودريغز، وبقية أقرانه من قارة المتعة، أميركا الجنوبية.

زر الذهاب إلى الأعلى