باحث ودبلوماسي سابق: الخطر الإيراني القادم إلى دول الخليج من اليمن

حذر باحث ودبلوماسي يمني من تصاعد دور إيران في اليمن لبث الفوضى فيه وتعطيل ‏المساعي الدولية والعربية الرامية إلى استقراره، خدمة لمشاريعها في المنطقة، مؤكدا أن ‏طهران ذهبت شوطا بعيد في تحقيق توسع إقليمي جديد وضعها في تماس مباشر مع دول ‏الخليج العربي.‏

وقال الباحث حمود ناصر القدمي الذي كان يشغل منصبا في وزاره الخارجية اليمنية، بحسب ‏تقرير لموقع "ميدل ايست أونلاين"، إن طهران قامت بتقديم أموال ضخمة لجماعة الحوثي ‏سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وتحت دعاوى مختلفة.‏

ووفقا للقدمي، فقد نشطت السفارة الإيرانية في تقديم مساعداتها، حيث بلغت قيمة فاتورة ‏واحدة منها 650 ألف دولار أميركي وزعت على تنظيم "الشباب المؤمن" وعلى تنظيم ‏دورات شبابية صيفية في محافظة صعدة وغيرها من مناطق اليمن.‏

ويقول مراقبون إن إيران تمكنت من توسيع نشاطها في الأراضي اليمنية بعد عام 1994 ‏مستغلة رغبة نظام الرئيسي اليمني السابق علي عبدالله صالح في الانفتاح عليها لفك عزلته في ‏علاقته ببعض دول الخليج، وبدأت بفتح مستشفى لها في العاصمة صنعاء، الذي يصفونه بأنه ‏‏"غطاء إنساني" لنشاطات التشيع المكثفة في البلاد.‏

وتناول الباحث والدبلوماسي اليمني في دراسته التحليلية خفايا المحاولات الإيرانية المستمرة ‏لزعزعة الاستقرار الهش في اليمن، الذي يحاول أن ينهض من وضع سياسي وأمني حرج.‏

ودأب الرئيس عبد ربه منصور هادي في الاشهر القليلة الماضية على اتهام إيران بدعم ‏الانفصاليين في جنوب البلاد، والجماعات الدينية في الشمال. ويقول هادي إنه دعا الإيرانيين ‏من قبل إلى مراجعة سياساتهم الخاطئة تجاه اليمن، ولكن دون جدوى.‏

ويرى الباحث اليمني أن هذه التصريحات المتكررة تعبر عن القلق والتخوف لدى السلطات ‏اليمنية من الدور الإيراني المتنامي، والذي تظهر بعض مؤشراته جلية في أحداث كثيرة، منها ‏دعم جماعة الحوثي بالسلاح.‏

وقالت صنعاء في وقت سابق إنها احتجزت أكثر من سفينة محملة بالسلاح في عرض البحر ‏المقابل للسواحل اليمنية ومصدرها إيران. وقدمت الحكومة اليمنية أدلة كثيرة وملموسة على ‏أن الدعم المالي الإيراني لأتباعها في اليمن يأتي من "جمعيات خيرية" ومن حوزات دينية في ‏إيران وفي دول عربية أخرى بالمنطقة.‏

ويقول خبراء في العلاقات الإيرانية بالدول العربية إن وتيرة تدفق المال الإيراني على اليمن ‏زادت بقوة بعد الإطاحة بنظام علي عبدالله صالح في 2011 التي تسببت في حالة شبه انهيار ‏للدولة، انعدمت معها القدرة على مراقبة النشاطات الخارجية المريبة في البلاد ومن بينها ‏تسرب الاموال والاسلحة الإيرانية التي من نتائجها التطور اللافت للنظر في حجم قوة مليشيا ‏الحوثيين العسكرية.‏

ويؤكد الخبراء ان إيران عملت "على دعم كل من يقبل دعمها من غير الاخوان والوهابيين ‏الذين يسمون انفسهم سلفيين، وذلك في كامل اليمن جنوبا وشمالا، وقد تضمن الدعم شحنات ‏السلاح وتمويل محطات تلفزيونية تعمل من بيروت".‏

كما جرى في هذه الفترة "تأسيس عدد من الاحزاب السياسية منها حزب واحد على الاقل ‏اعلن ان مرجعيته اثني عشرية وهو حزب 'البناء والحرية'" الذي تلقى معظم دعمه من إيران.‏

وقال القدمي إن النظام الإيراني استثمر التنوع المذهبي والتقارب النظري بين المذهبين ‏الشيعي في إيران والزيدي في اليمن لاستقطاب هذا المذهب، وجره إلى المحور الشيعي رغم ‏البعد الظاهر بين المذهبين.‏

وأضاف أن أساس ارتباط الحركة الحوثية بالنظام الإيراني الملالي بدا على أسس دينية ‏مرجعية، لكنه تطور إلى ارتباطات متعلقة بتوجهات سياسية إيرانية في المنطقة.‏

ويقول مراقبون لسلوك إيران الإقليمي إن طهران تهتم باليمن، بشواطئه الممتدة على أكثر ‏من 2000 كيلومتر، لأنه يطل على بحر العرب القريب من مضيق هرمز بوابة الخليج ومن ‏باب المندب.‏

وفي السياق اليمني، تبدي طهران اهتماما بجنوب اليمن أكثر من شماله لأن القادة الإيرانيين ‏يقدرون أنه إذا قامت دولة مستقلة في الجنوب فسيكون لإيران مركز استراتيجي مهم ومباشر ‏من مضيق هرمز إلى بحر العرب، أما الشمال فمتروك في استراتيجيتهم اساسا لإيجاد خلايا ‏مرتبطة بأجهزة استخباراتهم تنشط فيه، ربما لاستغلالها مستقبلا في عمليات تخريبية ذات بعد ‏اقليمي.‏

ويورد القدمي في تحليله عدة مؤشرات تبرز تدخل إيران في الشأن اليمني، مؤكدا وجود ‏تواطؤ إيراني، ومحاولة زعزعة المنطقة ككل وليس اليمن فقط.‏

وقال إن اليمن "جزء من مخطط إيراني كبير يرتكز على تصنيع وتصدير المشاكل الطائفية ‏ليسهل على إيران التغلغل داخل البؤر المتوترة، وتمرير مشروعها التوسعي".‏

واضاف أن "هذا التدخل واضح المعالم غير أنه حذرٌ في الوقت نفسه، حيث تتولى الجمعيات ‏الخيرية الشيعية والحوزات العلمية الدور الأساسي في دعم جماعة الحوثي، بمعنى أن الحكومة ‏الإيرانية تعطي تدخلها صبغة شعبية بدلا من الصبغة الرسمية".‏

وأكد القدمي أن الكثير من الجمعيات والهيئات الشيعية الواقعة في الداخل الإيراني أو في ‏الخارج المدعومة من النظام الإيراني، تتولى تقديم الدعم المادي والفكري لجماعة الحوثي ‏بنسبة أو بأخرى.‏

ومؤخرا قالت تقارير استخباراتية إن الحكومة الإيرانية تقوم بتدريب جماعة الحوثي في ثلاثة ‏معسكرات تمت إقامتها في إريتريا، وإن أحد هذه المعسكرات يوجد بالقرب من ميناء عصب ‏قبالة المعسكر الكبير للجيش الإريتري المسمى "ويعا"، والمعسكر الثاني يوجد في الساحل ‏الشمالي بين منطقتي "حسمت" و"إبريطي" على ساحل البحر الأحمر، والمعسكر الثالث يوجد ‏في منطقة "ساوى" على ركن معسكر الجيش الإريتري المعروف ب"ساوى". والمعسكر ‏الأخير يعتبر أحدث المعسكرات التي أقامها الحرس الثوري الإيراني لتدريب الحوثيين، وهذا ‏المعسكر قريب من الحدود السودانية، وأنشئ بدعم وتنسيق بين إيران وإريتريا.‏

وقال الدبلوماسي اليمني إن التدخل الإيراني ستكون له تداعيات سلبية على اليمن، أولها زيادة ‏وتيرة الصراع باعتبار أن الأسلحة الإيرانية الحديثة التي تمتلكها جماعة الحوثي، وبكميات ‏كبيرة، قد نحجت في فرض واقع جديد على الأرض، كما أن قدرة الجماعة على استخدام هذه ‏الأسلحة، وبكفاءة عالية، زاد من قدرتها على تقويض سلطة الدولة.‏

ويضيف أن ظهور جماعة الحوثي بهذه القدرة العالية على التوسع والسيطرة يؤكد أن إيران ‏حققت أول أهدافها بإنشاء جماعة تتماثل مع جيش المهدي في العراق، وحزب الله في لبنان، ‏وهو هدف يعني ان إيران نجحت في تحقيق توسع خطير في المنطقة، وبالتالي ترسيخ أقدامها ‏وإحداث معادلات جديدة للتوازن الإقليمي فيها.‏