
اكتملت أجواء التحضيرات الشكلية لمسرحية الانتخابات الرئاسية السورية التي يُنتظر أن تطلق، في الثالث من يونيو/حزيران المقبل، رصاصة الرحمة على أي أمل باحتمال التوصل إلى "حل سياسي" ما في المدى المنظور، أو تنفيذ توصيات مؤتمر "جنيف 1"، لناحية تأليف سلطة انتقالية لا يكون الرئيس بشار الأسد أحد رموزها.
سيكون الأسد في مواجهة لا يُنتظر أن تثير أكثر من الابتسامات الساخرة، مع مرشحَين مغمورَين، قد يكون الوصف الأدق لهما، هو أنهما ملكيان أكثر من الملك، أو بعثيان أكثر من "البعث" نفسه، هما عضوا مجلس الشعب، ماهر حجار وحسان النوري، على الرغم من أنهما "مستقلَّان" رسمياً.
وفي نظام كالذي يحكم سورية، لا يتعلق قبول الترشيحات من عدمه، بمعايير قانونية بقدر ما يناسب تصورات داخلية وخارجية يرغب النظام بمحاكاتها.
هكذا، لا يمكن إلا التوقف عند رمزية قبول ترشيح ماهر حجار وحسان النوري، إلى جانب الأسد طبعاً، من أصل 24 مرشحاً. حجار، إبن مدينة حلب، التي يحارب النظام للاحتفاظ بأحياء فيها، هو سليل تيار من مدرسة حزبية يسارية لطالما كانت موالية لـ"البعث"، أو "معارِضة" له على طريقة "معارضة" بعض أحزاب الجبهة التقدمية. كذلك، لا يفوت أحد اهتمام النظام بالموافقة على ترشيح رجل أعمال من دمشق، (حسان النوري)، التي لا يزال النظام يتحصّن فيها، ويعتبر أنه طالما ظلّ محكماً قبضته عليها وعلى فئة واسعة من بورجوازيتها ورجال أعمالها، فسيبقى بمأمن من السقوط... إلى حين.
وكان حجار أول من تقدم بطلب ترشحه للانتخابات الرئاسية. هو من مواليد مدينة حلب سنة 1968، وعضو في مجلس الشعب السوري. أما النوري، فهو من مواليد دمشق سنة 1960، وكان ثاني من تقدم بطلب الترشح للانتخابات بعد حجار، وسبق له أن شغل منصب وزير دولة لشؤون التنمية الإدارية بين عامي 2000 و2002، وكان أمين سر غرفة صناعة دمشق، ثم انتخب عضواً في مجلس الشعب.
كثُر لا يفهمون إصرار النظام السوري على التمسك بشكليات الدستور والقوانين، وكأن أحداً في العالم، حتى من الموالين للنظام اليوم، في الداخل والخارج، يصدّقون أن ما يحكم الحياة السياسية لسورية في حقبة آل الأسد، قوانين ودساتير. انطلاقاً من ذلك، أعلن المتحدث باسم المحكمة، ماجد الخضرة، رفض باقي طلبات الترشح المقدمة، والبالغ عددها 21 طلباً، "بالنظر إلى عدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية"، موضحاً أنه "يحق لمن رفض طلب ترشحه التظلم خلال ثلاثة أيام". ولكي تكتمل فصول التمسك الهزلي بنصوص القانون، دعا الخضرة "المواطنين المؤيدين للمرشحين الثلاثة الذين قبلت طلباتهم، إلى عدم ممارسة أي نشاط أو مظاهر إعلامية وإعلانية، قبل صدور الإعلان النهائي لإكمال المقبولين".
ويحتاج قبول طلب المتقدم بطلب ترشح لانتخابات الرئاسة إلى المحكمة الدستورية العليا، الحصول على تأييد 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب (250 عضواً)، ولا يجوز لأي من هؤلاء الأعضاء أن يؤيد أكثر من مرشح واحد.




