رسائل حميد.. هل فُهِمت؟

رسائل عديدة وجهها الشيخ حميد الأحمر في مقابلته الأخيرة مع قناة الجزيرة في برنامج (بلا حدود) وكانت موجهة إلى الداخل والخارج، ويبدو أن الشيخ حميد السياسي الطامح والقادم بقوة إلى عالم السياسة في هذه المقابلة أراد أن يظهر كبديل للرئيس الصالح. وإن كانت هذه المرحلة غير مناسبة.

وقد بدا ذلك واضحاً عندما طلب من الرئيس أن يتنحى من منصبه ويتركه لنائبه عبد ربه منصور مؤقتا ثم السعي بعد ذلك إلى أجرى انتخابات حرة ينتج عنها انتخاب رئيس من المحافظات الجنوبية حسب زعمه، ومن هنا يتضح أن الشيخ حميد لا يطمع بالحكم في هذه المرحلة وإنما يفضل أن يحكم شخص جنوبي حتى تحل المشاكل وتخرج اليمن من الأزمات التي تمر بها ويرتب بيت الحكم، وهو بذلك يكون قد مهد الطريق للوصول إلى الكرسي الذي يطمح إليه.

حميد الأحمر وجه الرسالة الأولى إلى الحراك الجنوبي وأبدى تعاطفه معه، ومع المشاكل التي يعاني منها ابنا المحافظات الجنوبية وحمل السلطة كل ما يحدث في الجنوب، وأعلن صراحة انه ضد القتل والقمع الذي يتعرض له ابنا المواطنين هناك، وفي نفس الوقت امتدح الحراك والرئيس علي ناصر محمد والخبجي وغازل علي سالم البيض عندما رد على السؤال الذي طرح عليه حول إن الرئيس صانع الوحدة فقال ان الوحدة لم تكن جوهرة ضائع في أعماق البحار غاص على عبدا لله صالح ليخرجها ...وإنما شرف في التوقيع عليها، وأضاف كانت الوحدة بين نظامين وكان لها استحقاقاتها .

من خلال كلام الشيخ حميد يتضح انه أراد ان يكسب رضا الجنوبيين وان يوضح لهم ان عدوهم هي السلطة الحاكمة وفشلها الذريع في إدارة البلاد وليس ابنا الشمال، وان المشكلة في النظام الحاكم وليس في الوحدة، وهو بذلك يدعوهم إلى الحوار و إلى حراك على مستوى الجمهورية من اجل التغيير والحفاظ على الوحدة حسب قوله، ويبدو إن قيادات الحراك فضلت الصمت وعدم الرد على كلام الأحمر وان كان الفريق المتشدد في الحراك ومن خلال ما صدر في موقعهم يرفض كلام حميد ويعتبره توزيع ادوار ليس إلا.. إما الطرف المعتدل فقد بدا انه ينتظر الفعل وليس القول .

أما الرسالة الثانية فقد وجهها حميد إلى أمريكا والغرب عندما قال إنه منفتح على العالم ويستقبل من يريد مقابلته في أي وقت، وكذلك عندما تحدث عن القاعدة وقال إنها منتج من منتجات السلطة تبتز بها الدول الغربية وإنها تضخم الخطر من القاعدة في اليمن لأجل المال فقط وهو في هذه النقطة يطرح البديل القادم الذي يسعى إليه وسكون أفضل لهذه الدول من السلطة الحاكمة .

الرسالة الثالثة كانت موجهة إلى الرئيس علي عبدالله صالح الذي وجه إليه انتقادات لاذعة وقوية عندما اتهمه انه هو سبب المشاكل والأزمات الحاصلة وذلك عندما قال "لنا أكثر من عالم في الحوار الوطني، وقد سعينا إلى البحث عن المشكلة الحقيقة فوجدنا أنها تكمن في شخصنه الدولة، وفي شخص الرئيس وكل الامورفي يد الرئيس وأبناء الرئيس وأبناء إخوانه".

أي أن الدولة أصبحت في أسرة واحدة وأصبح مجموعة من الأشخاص يتحكمون بكل ثروات البلد ومصير البلد الذي يسير من سيئ إلى أسوا، ويعني حميد بالرسالة الواضحة التي وجها إلى الرئيس إن البديل ليس احد من أقارب الرئيس وعليه ان لا يفكر بالتوريث لان الأمور قد تغيرت وأصبح من الصعب إن يتولى احمد علي أو يحيى هذا المنصب وان يشغل احدهم منصب الرئيس في ضل كثرت المنافسين والقادمين إلى عالم السياسة بقوة أمثال حميد الأحمر الذي يسعى إليها (من اجل اليمن) كما قال حميد حين وجه رسالته إلى الرئيس وطلب من التنحي عن منصبه، وفي نفس السياق وللهدف ذاته وجه حميد رسالة إلى الحوثي مفادها إن يقلع عن طموحه الرامي إلى إعادة الإمامة و إلى حكم اليمن وقد كان أكثر وضوحا في ذلك وكان رده حاسما بما يتعلق بصعدة والحرب القائمة هناك.

أما الرسالة الأخيرة والغير المباشرة فقد كانت موجه إلى أحزاب اللقاء المشترك ومفادها أن أحزاب اللقاء المشترك متأخرة وعليها أن تكشف ما يدور وراء الكواليس وتتبنى قضايا وهموم الناس وان تطرح البديل لا أن تستمر في تقديم المبادرات التي تثبت وتحافظ عليها، واعتقد ان الشيخ حميد كشف كل ما يدور في دهاليز اللقاء المشترك ومجلس التشاور الوطني، وهذا الطرح الجريء بدا انه لم يعجب الكثير في أحزاب اللقاء المشترك وقد بدا ذلك من التغطية الضعيفة للمقابلة في صحف تلك الأحزاب، نتمنى أن رسائل الشيخ حميد الأحمر قد وصلت إلى الجهات التي وجهت إليها.