الإسلاميون وصناعة الرعب‎

إسلاميون بشتى أطيافهم يزرعون الرعب في قلوب مخالفيهم ، ابتداءً بالقاعدة وانتهاءً بالسلفيين ، وبينهما مناهج ومدارس كثيرة ، لكن الجامع لها جميعاً هو خوف مخالفيهم من وصولهم للحكم..

بل وتصوير ذلك بأنه دخول بالبلد في عالم المجهول ، وكأن الإسلاميين لا يعرفون من السياسة سوى التنظير ، أو تصويرهم بأنهم إما إرهابيين حاليين كحال القاعدة ، أو إرهابيين متسترين يمارسون السياسة ويتشدقون بالديمقراطية للوصول للحكم ! بل إن حكوماتنا الحالية اتخذتهم فزاعة ، وتخوف الغرب من مغبة وصول الإسلاميين للحكم .

الإسلاميون من حقهم - كما من حق غيرهم - أن يمارسوا السياسة وينافسوا فيها ويصلوا إلى كرسي الرئاسة ، ولكنهم يعرفون إشكالية وصولهم لهذه المراحل المتقدمة من الحكم فيكتفون بالمنافسة على المجالس النيابية والتشريعية ، وما تجربة الجزائر وتركيا ومصر وفلسطين وغيرها سوى دليل قاطع على قوة الإسلاميين السياسية ، لا لأنهم يرفعون شعارات تجذب الناخبين فقط ، ولكن لأنهم عاشوا واقع شعوبهم وكانوا أقرب إليهم .

عمرو موسى في حديث له قبل أسابيع حذر الغرب من إمكانية فوز الإخوان بمقعد الرئاسة في مصر ، لخوفه من ترشحهم في الانتخابات الرئاسية القادمة ، هذا وهو لم يصل لكرسي الرئاسة بعد ، فكيف لو وصل إليه ؟! وهي الرسالة التي يوجهها الكثير من الرؤساء العرب للغرب بأن الإسلاميين خطر داهم ، وأنهم صمام الأمان لعدم وصولهم للسلطة التي يرونها حقاً مشروعاً لهم وحدهم دون غيرهم !

الشعوب الإسلامية وبعد طول تغريب تراها تنتخب هذه الأحزاب التي شُوهت سمعتها ، كما اختارات حزب العدالة في تركيا ، وكان الإقصاء العلماني لكل ما هو إسلامي على أشده منذ أيام أتاتورك ، واعتقدت هذه الحكومات ان الإسلاميين لن تقوم لهم قائمة بفعل التشويه والحصار والسجن ، فما بالنا لو سلمت الأحزاب الإسلامية من كل هذا ؟ ومشت في المسيرة الديمقراطية مثل أي حزب ، لاشك أن الاكتساح المدوي لهذه الأحزاب التي حكمت سيكون قوياً ، بل إن شعب تونس ومصر لم ينتظر الحزب الحاكم كي تكتسحه الأحزاب ، بل اكتسحها هو بنفسه ، وحرق مبانيها بيده ، ثم حُلت هذه الأحزاب التي كانت تفوز بنسب فوز عالية يستحي الإنسان من ذكرها !!

إن الحديث عن الأحزاب الإسلامية يتوقع البعض أنه حديث عن مثالية مطلقة ، كلا .. بل هي تقع فيما يقع فيه الكثير من الأحزاب الحالية ، ولكنها تبقى الأفضل بالنسبة لي عند مقارنتها ببعض ، مع أمنياتنا بقيام أحزاب أكثر قرباً من المواطن البسيط ، أقرب لتطلعاته وآماله ،، أقرب لشكواه وآلامه ،، لا تمتهن السياسة كعقيدة ،، بل كوسيلة للنهوض بحال الوطن والمواطن .