
عندما يتولى المتمردون الحوثيون مهمة إفشال الثورة والسعي إلى إسقاط حكومة الوفاق والعمل على خلط الأوراق وعرقلة أي تسوية سياسية أو مصالحة وطنية، فهذا أمر غير مستغرب من هؤلاء فإنهم قد مارسوا كل الجرائم وارتكبوا كل الحماقات.. إنما الغرابة كل الغرابة أن يهرول بعض الليبراليين واليساريين والقوميين للاصطفاف مع الحزب النازي وتشكيل جبهة إفشال الثورة وتصيبك الدهشة والذهول وأنت ترى بعض السياسيين والمثقفين الذين يدّعون التقدمية والحداثه والمدنية -وقد تحولوا إلى عكفة لدى الحوثي!!
من يصدق أن سلطان السامعي أصبح وكيل الحوثي في تعز، وأن يصبح أحمد سيف حاشد رئيساً لجبهة إفشال الثورة وأن يتم الإعلان عن ذلك في مؤتمر صحفي تم عقده في المنتدى السياسي في ساحة التغيير بصنعاء، وفيه أكد (القاضي والبرلماني) أحمد سيف حاشد على أن "الحوثيين يتعرضون للانتهاكات والعنف من قبل أطراف في الساحة"!! وبالطبع كانت هذه الإشارة للحوثيين وبهذه الطريقة وفي حفل إشهار جبهة –إنقاذ- الثورة وبالأصح –إفشالها- كان ذلك عبارة عن تقديم حاشد والسامعي ومن معهما ولف لفهم ودار معهم أوراق اعتمادهم بصورة رسمية وعلنية كسفراء ووكلاء للبلاط الحوثي وأعضاء جدد في الحزب النازي.. والمضحك أن (الشيخ سلطان السامعي) عضو اللجنة التحضيرية لجبهة إفشال الثورة قد أكد على أن إشهار الجبهة هو تكريس للديمقراطية في اليمن وتعبير عن رفض الإقصاء للأخر ورفض ثقافة التهميش.. وأن الشراكة الحقيقية لا تأتي إلا بالفيدرالية لكي لا يحتكرها شخص أو عائلة أو حزب!! ولا شك ولا ريب أن السامعي يعتقد ويؤمن بأن التحالف والتماهي مع الحوثيين هو تكريس للديمقراطية ورفض الإقصاء والتهميش وأن أنصار الله وأبناءه وأحبابه في طليعة القوى الديمقراطية والتوجهات الحداثية وأن اليمنيين لن ينجحوا في ثورتهم ولا يستطيعون إقامة دولتهم وصناعة مستقبلهم إلا بالفيدرالية والتحالف مع العناصر الحوثية، والفيدرالية التي ينادي بها الشيخ سلطان تعني: فدرة لك وفدرة لي وفدرة للحوثي.. والمشكلة أن بعض هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم سياسيين كبار ويساريين عظام وناشطين في كل مجال وفاعلين على أي حال، بينما يكشف لنا الواقع أنهم لا يفقهون شيئاً ولا يشكلون وزناً وأنهم خشب مسندة وأعجاز نخل خاوية، وإنهم بحاجة إلى دورات تدريبية في الممارسة السياسية والتعامل مع المستجدات والتطورات الميدانية والتفريق بين المعايير الوطنية والنزعات المناطقية والسلالية واللوثات الطائفية والأحقاد السياسية.
وبالمناسبة فقد كتب الأخ منير الماري عدة مقالات توجيهية وتحليلات سياسية موجهة بصورة مباشرة للحوثيين ومن سار معهم والتزم خطهم وشارك في تأسيس (جبهتهم). وقد خصص الماوري مقالاته اليومية في صحيفة الجمهورية -الصادرة من تعز- لهذا الجانب ووجهها لهذا التيار والاتجاه وخاصة فيما يتعلق بالمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية وصيغتها الإقليمية والدولية مؤكداً على أن المجتمع الدولي لن يسمح مطلقاً لأي طرف سياسي سواء كان من الموقعين على المبادرة أو الرافضين لها، أن يعرقل انتزاع السلطة من علي عبدالله صالح لتحقيق الاستقرار في اليمن وما لا يدركه -الحوثيون والكلام للأخ/ منير الماوري- هو أن إرادة الله تعالي شاءت أن تتطابق المصلحة الاستراتيجية للدول العظمى إلى حد كبير في سابقة تاريخية نادرة مع المصلحة العليا للشعب اليمني خصوصاً فيما يتعلق بالسعي لتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي والتغيير السلمي والحفاظ على الوحدة وفي هذا المقال الذي جاء تحت عنوان "ما لا يدركه الحوثيون" قال منير الماوري أن الحوثيين لديهم إصرار على تضييع الفرصة الذهبية لهم للاندماج في العملية السياسية وأن ما لا يدركونه أن العملية السياسية في اليمن سوف تمضي بهم أو بدونهم فإن أردوا أن يركبوا قطار المشاركة مع بقية مكونات الوطن فخير ما يفعلون، وإن أرادوا إقصاء أنفسهم فأسرع وسيله توصلهم إلى ذلك هي ركوبهم قطار الطرف الأخر"!!
وهذه النصيحة التي قدمها منير الماوري للحوثيين تصلح أن نقدمها لأصحاب الجبهة الجديدة والتحركات الاستفزازية والتصرفات الطائشة والأعمال الخاسرة والبضاعة الكاسدة، وخاصة أولئك الذين يسعون إلى إفشال المبادرة الخليجية وإسقاط حكومة الوفاق الوطنية، فإن هؤلاء من حيث يعلمون أو لا يعلمون يسعون لإسقاط الدولة اليمنية وتدمير العملية السياسية وإشعال الحرب الأهلية.
لأجل ذلك فإنني بكل صدق وصراحة أدعو الشباب والمكونات الثورية النظيفة والشريفة والصادقة والمخلصة أدعوهم إلى التعاطي الإيجابي مع المبادرة وآلياتها التنفيذية والتعاون مع حكومه الوفاق الانتقالية وإعلان التهدئة التامة، بل وأتفق مع الاقتراح الذي تقدم به الشيخ علي عبدربه العواضي والذي طلب من خلاله وقف التصعيد الثوري وحتى لا تفشل المبادرة، وقال الشيخ العواضي في مقابلة مع صحيفة المصدر الأسبوع الماضي: نطلب هدنة من مكونات الثورة إلى بعد 21 فبراير وحتى يتم انتخاب الفريق عبدربه منصور رئيساً للبلاد، ولكي تنجح الفرصة له ولحكومة الأستاذ/ محمد سالم باسندوه وللجنة العسكرية وللمبادرة الخليجية التي وقع عليها المشترك، حتى لا يتحججوا بغيرهم إذا حصل أي انقلاب أو خرق"!!
إنها نصيحة صادقة وحكمة واضحة ودعوة صائبة نطق بها وعبر عنها الشيخ الفاضل علي عبدربه العواضي، على أمل أن تجد أذاناً صاغية وقلوبا واعية وعقولا راجحة، والإسراع بإعلان هدنة كاملة وتهدئة شاملة حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من المبادرة الخليجية وحكومة الوفاق الوطنية.
* السبت راحة لا عطلة
باعتقادي أن الجدل الدائر والنقاش الساخن حول قرار الحكومة تحويل يوم الراحة الأسبوعي من الخميس إلى السبت قد أخذ أكثر مما يستحق وذهب البعض إلى مواقف بعيدة وأصدروا أحكاماً شديدة، والمسألة لا تتعلق بيوم العطلة الشرعي والديني والقانوني الذي هو يوم الجمعة وإنما في يوم راحة كان قد أقر قبل سنوات من قبل حكومة الإرياني على أساس أن يكون الدوام الرسمي خمسة أيام يبدأ من الثامنة صباحاً وحتى الثالثة عصراً.
ولأنه غير منطقي ولا واقعي فقد عاد الدوام يوم الخميس في المدارس والجامعات والبنوك والمستشفيات والقطاع الخاص، وعاد الدوام اليومي كعادته من الثامنة حتى الثانية في أحسن الأوقات وأفضل المرافق، وكان الأفضل لحكومة الوفاق أن تقوم بإلغاء يوم الراحة من أساسه وإذا كان ولابد منه وتحويله من الخميس إلى السبت فليكن شاملاً لكل المؤسسات والمرافق، وفي كل الأحوال فقد كانت الحكومة في غنى عن إصدار مثل هذا القرار في مثل هذه الظروف، إلا أن ذلك لا يبرر الهجمة الشرسة والأحكام القاسية التي يصدرها البعض ضد الحكومة فالمسألة ليس فيها أي مخالفة شرعية أو مصادمة لثوابت الدين وإنما هي في إطار المصالح المرسلة وتدخل تحت قول رسول صلى الله عليه وسلم "أنتم أعلم بأمور دنياكم".




