كتاب الزهر والحجر: جرس الإنذار المبكر لخطر الحوثية
ثابت الأحمدي يكتب: كتاب الزهر والحجر: جرس الإنذار المبكر لخطر الحوثية
احتوى كتاب "الزهر والحجر: التمرد الشيعي في اليمن وموقع الأقليات الشيعية في السيناريو الجديد"، على عدة مباحث مستقلة، ينطوي كل مبحث على مطالب بحثية عدة، على النحو التالي:
الدين والحكم: العصيان الأول وبنيان التشيع،
الدولة الإمامية: طبيعة النشأة وخصائص الحكم،
اليمنيون والانعتاق الكبير، مشروع يبحث عن أرض،
الحركة الحوثية: النشأة والمواجهة، التقية الكبرى: موقع الأقليات الشيعية في السيناريو الجديد،
بيت العنكبوت: استجلاء قرآني لتاريخ التقية.
واحتوى الكتاب أيضا على عدة ملاحق في خاتمته، إضافة إلى ملحق خاص بالصور.
الكتاب صادر عن مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام، وفي البداية نضع بين يدي القارئ الكريم هذه الملاحظات:
هذا الكتاب من نتاجات مؤلفه الكاتب عادل الأحمدي فيما بين عامي: 2004 و 2006م، أي في بداية الصراع السياسي العسكري المسلح بين الجماعة الحوثية المتمردة والدولة، قبل أن تتضح الصورة الكاملة ويرتسم المشهد برمته. وقبل أن تتوفر كل المعلومات المتعلقة بالمشروع الإمامي التي تناسلت فيما بعد من مصادر عدة، داخلية وخارجية.
هذا الكتاب من أوائل الكتب اليمنية وأهمها التي صدرت في وقت مبكر، ولا يزال الكثير من النخبة الثقافية اليمنية حينها، تجهل حقيقة الكيان الإمامي البغيض في اليمن، ناهيك عن العامة من الناس. وقد مثل من يومها، مرجعا مهما للباحثين والمهتمين بالشأن الإمامي في اليمن.
هذا الكتاب إلى جانب كونه استقراء لماضي الإمامة في اليمن، فقد كان أيضا استشرافا للمستقبل، جمع بين دقة المعلومة وعمق التحليل؛ لاسيما ومؤلفه أديبٌ وباحثٌ ومفكر، ويصح أن نقول أيضا سياسي بارع؛ لكونه أسبق السياسيين إلى معرفة الخطر الاستراتيجي الكبير على الوطن، عانى آباؤه وأجداده من ظلم الإمامة الكثير، كما عانى هو مؤخرا.
الكتاب تم تأليفه في ظرف سياسي استثنائي، شهد مماحكات سياسية قصيرة النظر بين السلطة والمعارضة آنذاك، وانتقاد الكيان الإمامي، ممثلا في نسختهم الجديدة "الحوثية" حينها كان في نظر البعض ضربا من المبالغة والتعصب، خاصة وقد تعمد الحوثيون أن يسوقوا أنفسهم عبر ناشطيهم بأنهم مظلومون من النظام القائم، وربما كان بعض السياسيين والمثقفين يظهر التعاطف معهم على خطورتهم، جهلا منهم بذلك، وربما سعيا لنيل الحظوة لدى هذا الكيان البغيض، ولئلا تدمغه آلتهم الإعلامية بالتعصب والتحيز.
وقد لاقى مؤلف "الزهر والحجر" في البدايات، بعض العتب والانتقاد؛ لكن أثبت الواقع، وبعد سنوات قليلة فقط، أن نظرة هذا المؤلف كانت أكثر عمقا واستشعارا للخطر من وقت مبكر. أي أن ما تم طرحه كان جرس إنذار مبكر، ولكن لسلطة لم تر أبعد من أرنبة أنفها، وفي المحصلة النهائية فقد دفعت الثمن غاليا نتيجة لهذا العته الذي وقعت فيه.
المؤلف كان حينها يعمل صحفيا بارزا، وله اتصالاته الخاصة بكبار رجالات الدولة الذين استقى منهم بعض المعلومات بصورة مباشرة، خالية من "تزيُّدات" الناقلين أو تحويرات المتلاعبين.
يقول المؤلف في مدخل الكتاب: "هذا الكتابُ خلاصة تقصٍ مرير وراء ضباب الأزمة، وإسهام معتبرٌ في وضع حدٍ لغموض المسألة وتقديم الإجابات على أسئلتها المعلقة، وفجواتها المفجعة، مع التأكيد مقدما على أنه وإن كان هذا هو هدف الكتاب في بداية الأمر إلا أن ما تم اكتشافه والتوصل إليه كان أوسع بكثير.
وعليه فإن الكتاب لا يتحدث عن أزمة طارئة أو فتنة مبهمة، كما يُراد تصويرها؛ بل عن معضلة لها جذور، ولديها تطلعات ورؤى وحسابات على جانب من الخطورة والتعقيد. هذا ما تم التوصل إليه بعد عامين من التقصي والبحث في تلابيب الأزمة؛ ولهذا اعتمدنا اصطلاح "الحركة" باعتبارها مشروعا متصلا ومترابطا له أهدافه ورؤاه، ونعتناها بالحوثية لارتباط ظهورها بالمؤسس بدر الدين الحوثي ونجله حسين.
والمتوغل في أعماق هذه الحركة لا بد له وأن يغوص في أعماق التاريخ في مهمة معقدة، تستلزم معها بالضرورة المرور على قضايا الدين وأشواك السياسة وألغام الخلاف ومذاهب الفكر. هي قصة متشعبة، بالغة التشويق والألم، تتموضع فيها الجغرافيا، وتتزاحم فيها الأسماء والأماكن والمراجع والمحاور والجدليات التي يستحق كل منها كتابا بمفرده؛ لكنها في الأخير وعلى ضوء هذه الصورة المجملة تضعنا كيمنيين وكمسلمين عموما أحد مكامن الوجع، في تجلٍ متماسك، تكبر خلاله دوائر الرؤية، ويسهل من ثم اكتشاف التفاصيل".
في المبحث الأول أشار المؤلف إلى نشأة التشيع وامتداداته، ثم طبيعته الأولى حتى تبلور في صورته النهائية.
وفي مبحث الدولة الإمامية طبيعة النشأة وخصائص الحكم، وهو المبحث الثاني، استقرأ المؤلف عملية نشوء الإمامة منذ لحظاتها الأولى، بخلفياتها الدينية ودوافعها السياسية، مشيرا إلى حقيقتها الجارودية، وإلى أن بدايتها الأولى قد كانت بين الأسر الهادوية نفسها، بلا عاصمة أو راية أو نشيد، أي إمامة ذات طابع قروي، تمتد في أحسن حالاتها لتشمل مدينة صعدة وما جاورها سنوات قليلة ثم تعود أدراج الريف، أما المرحلة الثانية من الإمامة فكانت أيضا على مرحلتين: مرحلة الإمامة القاسمية التي أسسها القاسم بن محمد، ثم أبناؤه من بعده، واستمرت من العام 1006ه، وحتى عودة الأتراك العثمانيين في العودة الثانية؛ أما دولة الأئمة الثانية فقد قامت على يد الإمام يحيى حميد الدين من نسل القاسميين أنفسهم.
وفي المبحث الثالث اليمنيون والانعتاق الكبير، استقرأ المؤلف الإنجاز الأعظم في تاريخ اليمن، هو قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م كإكليل خاتم لكل البطولات والنضالات الوطنية لليمنيين التي سبقتها، وهي كثيرة في تاريخ النضال اليمني، ولها امتدادها التاريخي، وخاصة في القرن العشرين. كما تعززت أيضا بثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م في جنوب الوطن المحتل آنذاك، والتي تعتبر من تمخضات وامتدادات ثورة سبتمبر في شمال الوطن.
وقد تتبع المؤلف أبرز المحطات النضالية والتحولات خلال القرن العشرين، وما صاحب ذلك من جدل سياسي وثقافي أفضى في النهاية إلى دحر كهنة العصر وزلزلة عرش الإمامة، وتم وضع اللبنات الأولى لقيام الدولة اليمنية الحديثة بعد ثورة 1962م، عرف الشعب النور وقد كان معزولا عن العالم بفعل سياسة الإمامة التي تعمدت عزل الشعب عن العالم.
وفي المبحث الرابع مشروع يبحث عن أرض، استعرض المؤلف أساليب الإمامة في محاولة إحياء مشروعها والتشبث بالفكرة الخاطئة، ونشر خرافاتهم خاصة بين القبائل ومحدودي الفكر والثقافة لتحمي الإمامة نفسها بهم، مع العمل في نفس الوقت على خلخلة بنيان الدولة، لاستثارة الغضب عليها، وللتمكن أكثر من التغلغل داخل أجهزتها، متظاهرين بالجمهورية، فيما هم إماميون بسلوكهم وتصرفاتهم.
وفي الفصل الذي يليه، تناول المؤلف الخيوط الأولى لتكون الحوثيين، وهم الحلقة الجديدة اليوم في السلسلة الإمامية التي تخلقت بفعل عدة عوامل، كما أشرنا سابقا، ومواجهتها للدولة. وقد ظهرت تحت أكثر من عنوان، تارة اتحاد الشباب المؤمن، وتارة منتدى الشباب المؤمن، وأخيرا تنظيم الشباب المؤمن الذين مثلوا الجناح العسكري للإمامية، وأغلبهم من شباب القبائل الذين درسوا في حوزات وأربطة الجماعة الحوثية المنتشرة في صعدة وبعض المحافظات المجاورة لها.
وقد ربط المؤلف بين هذا التنظيم والتنظيمات الشيعية الأخرى في المنطقة العربية، مشيرا إلى الترابط بينها جميعا، عبر إيران المرجعية الشيعية العالمية لهم، والتي تعاملت مع الجميع كجيوب مستزرعة داخل الوطن العربي لتنفيذ أجنداتها في المنطقة. وحين أحست الجماعة بقوتها وتنظيمها بدأت بالاعتداء على الدولة وإشعال الحروب التي وصلت إلى ستة حروب متتالية مع الدولة، كلفت الدولة الكثير، وخلفت ندوبا غائرا في الجسد اليمني على المدى المنظور والمتوسط والبعيد.
لتحميل كتاب الزهر والحجر اضغط هنا
عناوين ذات صلة: