نهاية مُخزية لعُنصري انتقص من اليمنيين
بلال الطيب يكتب: نهاية مُخزية لعُنصري انتقص من اليمنيين
كان الإمام العُنصري أحمد بن سليمان بطاشًا عنيفًا، وجاروديًا مُتعصبًا؛ بدليل قوله: «وعندنا أنَّ من تقدم أمير المؤمنين علي عليه السلام أو قدم عليه بعد النبي، فقد ظلمه، وجحد حقه، وهو كافر نعمة، فاسق ظالم».
كما أنَّه ولشدة عنصريته حرم زواج «العلوية» من غير «العلوي»، وأفتى بقتل «القحطاني» الذي يُخالف ذلك، وهو تصرف لم يقل به جده الدجال يحيى بن الحسين الذي زوج بناته من الطبريين.
والأسوأ من ذلك تكفيره لمُعارضيه، وإباحته قتل من يُجيز الإمامة في غير «البطنين»، واتخاذه لسياسة «فرق تسد» بين القبائل اليمنية، وعنه قال الحجوري: «لم يبن شيئًا، ولا جبى خراجًا، ولا دون ديوانًا، وإنَّما كان يصدم القبائل بالقبائل، والسلاطين بالسلاطين»، وهو أول من دشن أسلوب الطيافة والتخمين لنهب أموال اليمنيين.
وهو القائل:
ولأقتلن قبيلة بقبيلةٍ
ولأسلبنَّ من العدا أرواحا
ولأكسون الأرض عما سرعة
نقعًا مثارًا أو دمًا سفاحا
ولأمطرن عليهم مني سهامًا
تدع البلاد من الدما أقداحا
وكان يبدأ رسائله بهذه المقدمة: «من عبدالله، المُتوكل على الله، والداعي إليه، والمجاهد في سبيله، أمير المؤمنين أحمد بن سليمان بن الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن رسول الله صلى الله عليهم أجمعين، وآلهم الطيبين».
اختلف أوخر حكمه مع جماعة
«المُطرَّفية»، كفرهم، وأخرجهم عن ملة الإسلام، وكانت معاركه معهم بمُجملها كلامية. اتهموه بمخالفة مذهب جده يحيى بن الحسين، فأرسل إليهم العلماء لمناظرتهم، قيل انتصر عليهم، وقيل انتصروا عليه، ونُقل عنه قوله: «المُطرَّفية جمع أخبث الخصال مخالفين للبرية.. خرجوا من جملة المسلمين، وفارقوا أهل ملة الإسلام، فلا يحل مناكحتهم، ولا ذبائحهم..».
ألصق به كاتب سيرته مُعجزات خارقة، وكأنَّه واحد من الأنبياء، من إبرائه للأعمى، وعلاجه للأصم، وشفائه للمرضى، ونُصرته بالسيل والمطر، وقال عنه: «فكان من توفيق الله سبحانه أنَّه ما مرَّ ببلد جديب، ولا نزل بموضع محيل، إلا أنزل الله تع إلى على ذلك البلد المطر، وسقاهم الغيث».
وخاطبه الشيخ محمد الحجيري قائلًا:
يا ابن بنت النبي كل لسان
مادح ما يكون مدح لساني
ظهرت فيك معجزات كبار
لم نخلها تكون في إنسان
تبرئ الأكمه العليل وتشفي
بشفا الله أعين العميان
وتسوق الحيا إلى حيث ما كنت
وتجري الأنهار في الغيطان
والمُفارقة الصادمة أنه أصيب أواخر عمره بالعمى، ليتمكن مُعارضوه من «آل العياني» من أسره، وذلك بعد حروب وخطوب، ليستنهض من سجنه «سلطان صنعاء» علي بن حاتم اليامي - عدوه بالأمس - بعدة قصائد شعرية؛ بل وعدَّه واحدًا من أولاده، جاء في إحداها:
لا تنسين أباك يعثر بينهم
أعمى يدب على اليدين وينكب
ويجر للحبس الشديد وبعده
يؤذى بكل كريهة ويعذب
في كتابه «تاريخ اليمن الفكري» اعتبر أحمد محمد الشامي تلك النهاية المخزية بالمثال البشع الذي تخزي له وجوه الطامعين، مُؤكدًا أنَّ الأسى جراء ذلك لسع ذات الإمام، وأنَّ الأخير مات بمدينة حوث كمدًا «ربيع الآخر 566ه / فبراير 1171م» - عن «65» عامًا.
وثمة سؤال يفرض نفسه في خاتمة هذه التناولة وبقوة: ما دام وهذا الإمام المُتعصب - كما أشار كاتب سيرته، والشيخ الحجيري - يبرئ الأعمى، فلماذا لم يُشفي عينيه المنطفئتين؟!
عناوين قد تهمك: