[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

في محاريب الزبيري الخالد

موسى عبدالله قاسم يكتب: في محاريب الزبيري الخالد


محمد محمود الزبيري، السبتمبري الصادق وعلم الجمهورية الخالد، من يقرأ سِفر تاريخك الثوري النضالي يعرفُ كم كُنتَ ناكراً لذاتك، كم فاق إيثارك التصوّر من أجل وطنك المفدى وشعبك الجريح، رغم ما لاقيته من مآسي السجون والتشرّد والمنافي. يعرفُ كيف أنّ أوجاع البلاد وعذاباتها صقلت ثوريتك ووطنيتك، وزرعت فيك شتلات عزّة النفس وفصل الخطاب، فكنت ذلك المقاوم الصلب الذي لا يلين.
يا ثائراً لم تصمت بندقية كلماته رغم الغياب، من تقاسيم وجهك الممشوج من معبد الشمس، رأيتك تثور بإخلاص الأنبياء ولينهم، وعنفوان الثائرين وطموحهم، رأيت فيك بلادي كلها اجتمعت منذ سبأ الأول إلى الزبيري الأخير.
من وهج صورتك المخملية واستدارة وجهك المرمري، تجلّى فيك صدق الثائرين وإيمانهم بشعبهم وقضيتهم، وبان وجه اليمن وإشراقة الجمهورية الوليدة.
من غيرك استطاع رسم قسمات الطفولة المشردة ببندقية كلماته الجمهورية وحبر رصاصه السبتمبري؟
من غيرك تحمّل ظلمة السجن في جبال حجة وشظف العيش في أزقة القاهرة وكراتشي، وخرجت منها كالبركان الثائرالهادر، ولم تزد فيك العذابات إلا صمودا وثباتاً على المبادئ والقيم!
يا هادم فكر الإمامة الإرهابي، غادرت اليمن بعد عمر من الثورة الدائمة والكفاح المستمر، وفي جنبات قلبك يسكن اليمن، إنسانا وأرضا وتاريخا وحضارة، غادرتها وروحك الجمهورية تحلّق في سماوات أرض سبأ وحمير، التي ناجيت أقيالها ذات لحظة حُزنٍ أن يستعيدوا مجدهم وتاريخهم، وعشت نائيا عنها، هناك عند رب رؤوف رحيم، وقد خرج اليمنيون من ظلمات الكهنوت السلالي وصعنوا فجرهم الوضاء حرية وكرامة، وكان لك في كل ذلك محاريب نضال وطني على أرض اليمن وفي الشتات القسري.
وبرغم الغياب، فإن قلبك الدامي ما يزال معلقا في ميدان التحرير كبوصلة وطنية لا تغير مسارها، وروحك الثائرة المتقدة لاتزال تطوف حول معبد الشمس، تذكّر اليمنيين بتاريخ أقيالهم وملوكهم، وقبل ذلك لايزال عنفوانك الحميري يضج في أعصاب كل جيل يمني ثائرٍ ومقاوم.
ها أنت الآن في رحاب الله، متكئا على أريكتك السرمدية، فاضت روحك إلى بارئها برصاص غادر وجبان، وتركت وطنا مثخنا بالجراح والجاحدين يحتاج لألف ثورة وثائرٍ صادقٍ ك محمد محمود الزبيري.
نم في رحاب الله يا صورة المجد السبأي ونقشه الأبدي، فقد أديت واجبك القومي اليمني الذي سيبقى أزمانا طويلة تنشده الحناجر ويردده الأحرار جيلاً بعد جيل.
رحمات ربي عليك ورضوانه، وفي جنات الخلود.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى