[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

حملة اليمنيين في تويتر

محمد دبوان المياحي يكتب حول: حملة اليمنيين في تويتر لتأييد تصنيف الحوثي جماعة إرهابية


لا ينتظر المقهور سوى لحظة مناسبة وبندقية تقع في يديه وسوف يشعل النار في أثواب الجميع، وحين يتمكن من الثأر فهو لا يطلق النار بحكمة، بل يفعلها مدفوعًا بالنقمة والعمى حتى ينتصر على جلاده أو يُهلك دون هدفه.
مئات الآلاف من اليمنيين الغاضبين وهم يعبرون عن قهرهم بالأمس، لم يولدوا فجأة بفعل فاعل كما أن مشاعرهم ليست تهريجًا أو نكاية، هذا تراكم سنين من القهر والمقهورين، تكثفوا في لحظة واحدة فكان المشهد باعثًا للرعب وكاشفًا عن الصورة القاتمة التي تنتظر هذه الجماعة. لا يمكن الاستهانة بالحدث، ولم يكن القهر يومًا نابعًا من الترف.
ما حدث بالأمس في تويتر، ليس حملة إعلامية مصنوعة في الغرف المغلقة، الغرف الموجهة لا تستثير كل هذه الحشود، إنها حالة من التداعي الحر لم يسبق أن تجلت في أي حملة إعلامية قام بها أي طرف طوال السنوات الماضية.
تلك هي الجموع المقموعة من التظاهر في صنعاء وقد بحثت لها عن مساحة موازية للتعبير عن مشاعرها، أُغلقت أمامهم الشوارع والميادين الواقعية، فذهبوا يتدبرون نوافذ بديلة كي يقولوا كلمتهم أمام العالم.
ما عاد بإمكان جماعة مهما بلغت وحشيتها أن تعتقل المجتمع للأبد، لم يعد بإمكانكم أن تحتكروا الحقيقة وتعزلوا الناس، ففي التقنية ما يكفي من الحيل كي يتدبر الناس حريتهم ويُفصحوا عن مواقفهم ضدكم.
يمكنك أن تختطف مجتمعًا بالقوة؛ لكن هذا لا يضمن ولاءه لك، أنت هكذا تضلل نفسك بولاء مزيف، وحدها حرية التعبير من تمنحك صورة حقيقة عن ولاء الناس لك من عدمه.
وإذا أراد الحوثيون أن يرون صورتهم الحقيقة في أذهان الناس، عليهم أن يتابعوا سيول الغضب والقهر في صدور اليمنيين منذ البارحة حتى اليوم في مواقع التواصل، تلك صورة مكثفة لحاضرهم ومستقبلهم المحروق، لا يوجد جماعة في تأريخ اليمن جنت على نفسها وعلى اليمنيين كما فعلت جماعة الحوثي.
لا أحد يحتفي بالضغائن؛ لكن لا أحد يستطيع أن ينتزع القهر من صدور المكسورين دون ككلفة، لا يمكن أن تقنع الناس بالمغفرة وما تزال آثار الذل بادية على ملامحهم وفي أعماقهم يغلي غضب المهان، ولا أظنه يغفر دون أن يستعيد حقه المهدور ويشفي جرح كرامته في الأعماق.
أليس فيهم رجل رشيد، ألا يوجد حوثي يسأل نفسه: لماذا يكرهوننا إلى هذا الحد، هل يعقل أن خرافات المذهب صنعت بينهم وبين الحقيقة حجابًا وعزلتهم عن الناس؛ لدرجة أنهم لا يستشعرون ما يبطنه لهم المجتمع من ضغينة وحقد.

عناوين ذات صلة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى