تعز بين الحصار وهجوم كورونا
سعاد الحدابي تكتب من يوميات مدينة تحت الحصار 105: تعز بين الحصار وهجوم كورونا
حفرت القبور الجماعية بين ليلة وضحاها؛ لتدخل تعز مرحلة جديدة من المعاناة مع كورونا في موجته الثانية، المدينة التي لم تخل يوما من توديع جثامين أبنائها، تتسارع فيها أنفاس المصابين ومعاول حفار القبور في ظل انهيار للقطاع الصحي، وعجز محلي وعربي ودولي!
فهل للإنسانية معيار آخر حين يتعلق الأمر بمعاناة اليمنيين؟ لِمَ تتسابق تلك الدول في دعم بعضها بعضا بطائرات مجهزة بشتي أنواع الأدوية والمعدات في حين لم نسمع عن طائرة واحدة هبطت في مطار عدن أو مطار سيئون رغم مرور أسابيع على جائحة كورونا التي عادت بصورة أشد؟
تعز تودع أبناءها في جنائز جماعية بعد أن صارت الوفيات بالعشرات؟ القرى المحيطة بتعز هي الأخرى في وضع أسوا من المدينة فلا مواصلات ولا أطباء ولا وعي صحي؟ تعز وضواحيها تواجه كورونا منفردة، يخذلها المحافظ والرئيس والتحالف ومنظمات الصحة العالمية؟
تعز تجتاحها كورونا ومستشفياتها عاجزة عن استقبال المصابين أو حتى االتخفيف من حالاتهم، فمستشفيات تعز التي تعد على أصابع اليد الواحدة أستنزفت قدراتها خلال سنوات الحرب، وزاد الحصار من انعدام كثير من مستلزماتها الطبية، حتى لم تعد تقوى الأطقم الطبية وفرق الممرضين على مكافحة الوباء،
المدينة التي تعد أكبر مجمع بشري ويصل عدد سكانها إلى سبعة ملايين، يقطن بعضهم قرى بعيدة وجبال وعرة يقاسون شظف العيش والوباء، ويزيد الجهل بأساسيات التعامل مع الفيروس من انتشاره، فأين العالم مما يجري؟ وأين الشرعية؟ وأين التحالف؟ وأين المنظمات الدولية؟
لقد أعجز الوباء أقوى الدول فكيف بمدينة محاصرة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، كيف للسكان أن يواجهوا هذه الجائحة والمستشفيات لا تمتلك مراكز عزل، ولا أجهزة تشخيص ولا معامل تحليل تفي بحاجة المرضى، إن حالة من اللاوعي بطرق الوقاية وطرق التعاطي مع الجائحة تزيد من انتشارها، ومالم تتم التوعية فإن الوضع مرشح لمزيد من السوء،
لقد رأينا جموعا تودع جثامين الموتى دون أدنى احتياطات دون لبس الكمامات، بل قد يُغسل الميت وتنقل العدوى من الجثة للمغسلين والمودعين، فالفيروس القاتل ينتشر بطرق سريعة وبمجرد اللمس والعطس فكيف بتلك الحشود التي خرجت للصلاة على الجنائز ؟
أين التوعية الصحية من برامج القنوات المرئية والمسموعة؟ أين هي من قنوات التواصل، تلك التي انشغلت بترويع الناس ونقل صور الجنائز دون أن تقوم بتوعيتهم؟
إن أقصر الطرق لتجنب الفيروس هو البقاء في المنازل، والحرص على النظافة الشخصية، والمضمضة بالماء الدافيء والملح والاستنشاق، وغسل اليدين، واللجوء لبعض المهدئات في حالات الحمى، اما في حالات العطاس والزكام فينصح بتجنب الزحام وغسل الأنف بالماء باستمرار، وتجنب المصافحة، عزل المصابين في غرف منفردة، حتى يتم نقلهم إلى مراكز صحية توفير العلاج لهم،
والذي عادة لا يزيد عن توفير الأدوية الخافضة للحرارة و الأكسجين للحالات الحرجة، وشرب الماء الدافيء والسوائل الدافئة كالشوربة، وفي حالات صاحب الحمى آلام العظام والمفاصل والشعور بالدوران فينصح بالراحة التامة والنوم، أما في الحالات الحرجة والتي يدخل فيها المصاب بحالات اختناق فيجب توفير الأكسجين في المنازل أو الإسراع بالمصاب لأقرب مركز صحي يتوفر فيه الأكسجين، ومن المهم الدعم النفسي للمصاب، والالتجاء إلى الله بالدعاء والتذكير بأجر الصبر على البلاء،
فالحالة النفسية لها أثرها في رفع معنويات المصاب أو انتكاسته، ولتشابه أعراض كورونا بنزلات البرد فقد يتشافى المريض منها دون أن يعرف إصابته بها، لاسيما إذا كانت الأعراض خفيفة، ولم تكن هناك أمراض أخرى كالربو والكبد وأمراض الكلى والشلل وبعض الأمراض المزمنة التي تستدعي العناية الفائقة بالمريض، والتي قد تزيد من معاناته إذا أصيب بالفيروس،
وكورونا تأخذ دورتها في جسد المريض كدورة نزلات البرد فتظل أسبوعا إلى عشرة أيام، وهي في كل أيامها تقتضي العزل والحرص على عدم التواجد مع أفراد المنزل في غرفة واحدة.
شفى الله المرضى ورحم الموتى ورفع الوباء
عناوين ذات صلة: