مصر البارحة جعلتني يمنيا حد الهذيان
محمود ياسين يكتب: مصر البارحة جعلتني يمنيا حد الهذيان
تشعر أنهم على وشك النهوض من التوابيت.
لقد أثبتوا وجهة نظرهم بشأن الموت والخلود ، التحنيط منحهم خلودا وحصلوا على موكب جنائزي.
ماتوا البارحة بمحض اختيارهم.. طقس يبهر العالم.
الطقس الذي جعل مصر مركز العالم الفراعنة وكأنهم يستعرضون الشعب
الشعب الذي حظي البارحة بساعتين هي الأبدية.
لقد ردموا الفجوة بين الشعب وتاريخه، بحضورهم مثل طقس إحيائي ينعش ذاكرة المصري وينتزعه من تابوت العشوائية والفقر ومعضلات التجسيد.
من خلال اثنين وعشرين تابوتا أشبه بقداس تضحية مصري قدم فيه اثنان وعشرين ملكا أنفسهم قربانا لإحياء مائة مليون ، مائة مليون عليهم تثبيت احداثيات الزمن على الحد الفاصل بين ميراث الحضارة وإرث التخلف.
الملوك وهم يمرون وكأنهم على المرمر الحجري يركعون العالم بين يدي أحفادهم، قدموا من العالم الآخر لإعادة الأمور إلى ماينبغي أن تكون عليه.
حسدت المصريين البارحة بحب واستعدت شمر يهرعش وجدتنا الملكة نادين، استعدت وعلنا وهو يحدق من حافة الحيد يلفت انتباهنا لكوننا ورثة مجد ويكسر لأجلنا وهج الشمس على قرونه.
مصر البارحة جعلتني يمنيا حد الهذيان، صقيلا مثل ملك بلا تابوت ولا لفائف قطن.
جعلتني مصر البارحة عربيا أكثر، ومنتمياً لإنسانية تتعرف التخوم بين الموت والحياة.
- صفحة الكاتب
عناوين ذات صلة: