لا تقفزوا لمحاربة فكرة الأقيال! (خاتمة)
أحمد البتيت يكتب: لا تقفزوا لمحاربة فكرة الأقيال! (خاتمة)
ختامًا، وبعد عرض نبذة مختصرة من التاريخ الدموي السلالي الإمامي الزيدي، فلعل أهم دور اضطلعت به الإمامة في تاريخ اليمن الإسلامي هو أنها اسهمت في إطالة أمد الصراعات القبلية، وحالت دون حدوث تفوق من جانب قبيلة على القبائل الأخرى - بالصورة التي كانت تحدث في تاريخ اليمن قبل الإسلام، حيث كان حدوث مثل هذا التفوق يجبر القبائل على الانضواء تحت لواء القبيلة المتفوقة، مفسحة المجال لبروز دولة قوية، تقودها أقوى القبائل وتبسط نفوذها على كامل الأرض اليمنية.
فقد كانت الإمامة تقف من الناحية الاجتماعية خارج التركيب الاجتماعي القبلي، تستفيد منه ويستفيد منها.
وقد أمن لها وضعها المستقل قدرة على المناورة وعلى خلق نوع من التوازن ضمن القوى القبلية، ضَمنَ عدم تفوق أحداها، حيث كان تفوق قبيلة من القبائل كفيلا -لو حدث- بإنهاء دور الامامة، هذا الدور الذي استدعت وجوده أساسًا الصراعات القبلية، وعدم تفوق احدى القبائل بصورة تمكنها من حسم الصراع نهائيًا لصالحها وفرض الاستقرار في البلاد تحت لواء سلطتها، مما اقتضى وجود طرف ثالث ليقوم بدور الحكم، فجاءت الإمامة كحكم ذي صفة دينية، ولعبت دور الحكم والخصم والحليف مسهمة -عوضًا عن حسم الصراعات- في استمرار هذه الصراعات، حيث غدا من المألوف أن تنفضَّ قبيلة ما عن إمامها بعد أن تستشعر في نفسها القوة [ينظر كتاب حركة المعارضة اليمنية في عهد الإمام يحيى، د. أحمد الصايدي ص (28)].
وقد استمر الحال على ذلك الصراع والحروب والدمار حتى قامت ثورة 26سبتمر، عام 1962ه، التي أعلنت الحكم للجمهور من الشعب، وللأقدر من أبنائه، ثم ما تلاها من حروب طاحنة حاولت السلالة فيها أن تعود للحكم مجددًا، وفي تلك السنوات حصلت مقاتل عظيمة، ما زال آباؤنا يحدثونا عن فضاعتها، كل ذلك لتعود السلالة للحكم.
ثم ماذا؟
ثم بعد خمسين سنة من ثورة سبتمبر عادت السلالة بأثواب جديدة، لكن لذات الأسباب -الحكم-، وبذات الأدوات -البطش والقتل والحروب- لتدعي أحقيتها في حكم اليمنيين، وأن الحكم في البطنين، وأن السلالة الهاشمية هي الأنقى، ولها الحق الإلهي في وراثة الأرض.. عادت السلالة بفصل جديد، ولقب جديد، وتحالفات جديدة، فبرز الحوثي ومشروعه، المدعوم من إيران الخمينية وغيرها من القوى الغربية، حتى صدق شاعرهم الذي يقول قبل خمسين سنة:
قل لصنعا وللقصور العوانس
إننا سادة أباة أشاوس
سنعيد الحكم للإمام إما
بثوب النبي أو بأثواب ماركس
وإذا خابت الحجاز ونجد
فلنا أخوةٌ كرامٌ بفارس
وما حصل ويحصل حتى الساعة من جرائم وخراب وقتل وتدمير ما هو إلا عقدة في هذه السلسلة التاريخية من التدمير السلالي.
ومَن كان في شك مما حدثَنا به التاريخ من إجرام وانتهاك وامتهان لليمن وقبائل اليمن ورجال اليمن، من قِبل هذه السلالة ومذاهبها؛ فليشاهد ما يفعله الحوثيون منذ سنوات، ثم عليه أن يطلب العفو من التاريخ على تكذيبه.
اقرأوا التاريخَ إذ فيه العبر
ضاع قومٌ ليس يدرون الخبرْ
عناوين ذات صلة: