آراء

الحوثي في اليمن يتصرف بذهنية الغازي

مصطفى ناجي الجبزي يكتب حول: الحقيقة المرة - الحوثي يتصرف بذهنية الغازي


يتعامل الحوثي مع اليمن بذهنية الغازي حيث يوظف العلوم الاجتماعية لتحقيق أهدافه كما تتضح منذ أن أُفصح عن بعضها في فيلم "خيوط اللعبة"، وحتى أقوال الأسرى والمختطفين الخارجين من سجونه مؤخراً وحديثهم عما تلقوه من عذاب وأسئلة.
يجهز خارطة اجتماعية لسكان البلد قريةً قرية وفق ولاءاتهم واتجاهاتهم والصراعات البينية المتفشية حتى داخل الأسرة الواحدة والشخصيات، ووظائف الناس والمهارات المتوفرة معرفيا وعسكرياً وأمنياً، ويفرز الأسر حزبياً ومذهبياً وسلالياً لاستغلالها.
وهذا أمر لا يتاح لدولة تجاه مواطنيها ملزمة بالتعامل معهم وفق قيود قانونية ودستورية وتنظر إليهم على أنهم متساوون في الواجبات والحقوق، وهي المعنية بصون الأمن والسلم الاجتماعي واحتكار العنف وتحقيق العدالة في الفرص وإعلاء الكفاءة على حساب الولاء.
فالحوثي لا يبحث عن مواطنين، إنما عن أنصار وموالين يقابلهم خصوم وخونة ومنافقون.
ويقسم المجتمع إلى صنفين: الأول يراقب الصنف الثاني.
يتولى موالوه إخضاع الآخرين لسلطته ومن ثم سيعمل ككل استعمار على إعادة تشكيل البنية الاجتماعية ويستصنع له قوى مالية واجتماعية موالية ويعيد هندسة المجتمع أيديولوجيا فيعّمم فكره ويقصي الخصوم ويدمرهم اقتصاديا ويسمّن الأتباع لتؤول إليهم الهيمنة والقوة.

بدأت نذر هذه السياسية في القطاع الخاص وإعادة تصنيف كبار المكلفين وإنبات عشرات الشركات العاملة في قطاعات كالنفط والتعليم والصرافة. وسيخلق تغييراً ديموغرافيا في البلاد يبحث من خلاله عن النقاء الأيديولوجي المتوهم.
صنعاء لن تكون صنعاء، بل ضاحيتين إحداهما للأتباع نظيفة ومسورة وآمنة والأخرى خاضعة للرقابة وكأننا في كاراكاس.
بدأت البؤرة الأولى لهذا التنفيذ في صعدة وتمتد حيث تمتد سلطة الحوثي في صنعاء وهكذا في مصفوفة تغيير اجتماعي لا نهائية بثمن فادح على حساب السلم المجتمعي، ولا تخلو من جحيم المتسلط وفجور أعوانه.
لا مجال للاختلاف ولا معنى للتنوع. الآخر متهم ومصدر خوف وقلق. أحادية في اللون والتعبير والمظهر وقريبا في اللهجة وصيغة الأذان في المسجد وتحية الصباح المدرسية.

* صفحة الكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى