آراء

العمل السري: يكفي أن تثق بقضيتك

عبدالسلام القيسي يكتب عن العمل السري: يكفي أن تثق بقضيتك


ثورة 26 سبتمبر يجب أن تلهم الناس في الداخل، حيث الكهنوت، فهي ثورة من عمق الكهنة، وبقلة من الرجال وبلا إمكانات استطاعوا إسقاط عرش الكهنوتي أحمد وابنه البدر، بل إسقاط عرش ألف سنة ظلامية.

يمكن للعزيمة أن تعيد صناعة الحدث وهذه اللحظة، يكفي أن تعتزم وبقلب من صلابة وإيمان عميق بالجمهورية أن يتحول الفرد الى عشرة، والعشرة الى مائة، والمائة الى ألف والألف فرد بإيمان وعزيمة عميقين الى شعب، خاصة أن الشعب كله ضد الكهنة وفقط يحتاج للترتيب، فمن ينهض ويرتب جمهورية الناس في عمق الكهنوت، من؟

أنت تستطيع، كل إنجاز عظيم بدأ بفرد واحد.. ذات زمن كان هناك تيموجين في سهول منغوليا، رجل كعامة الناس لا يعرفه أحد، شاهد ناس البلاد تلك بلا شيء يجمعهم وقرر، وإن قام بجمعهم على شرع دموي فلقد نجح، ولأن عزيمته أقوى من براثن الشتات استطاع أن يحقق منجزه الذي طاف به الأرض، وصارت تهابه الجهات والسلطنات والقوميات وطاف بشريعته اليوسا أركان الدنيا وتحول من شخص عابر في مجاهل منغوليا الى ابن الشمس ثم الى الإله الأول للتتر والمغول، وحكمت باسمه قارات وبلدان، وسلالات ذهبية وفضية وبرونزية توارثت سطوته، جعلوا من وسط العالم ملعباً للرعب، حدث ذلك لأن أحدهم اسمه تيموجين أراد ذلك وحمل لقب جنكير خان.

يكفي أن تعزم وتنحت بالصخر، صخر الملمات، وأن تؤمن بفكرة، للمرء قواه الكامنة والعظيمة شريطة ألا يكل أو يمل،وهكذا فعل كبار الأباطرة عبر التأريخ، كل امبراطوريات الدنيا بدأت بشخص واحد لا يعرفه أحد ثم خلدتهم العصور، وفي بلدنا هذه في اليمن الأمر اسهل،وعليك فقط كفرد أن تشعر بدورك، فالكهنوت الذي يستبد بك هو نفسه قبل عشرين سنة كان فرداً، ثم جماعة قليلة ثم تكاثر وها هو الآن طاغية وسطوة.

لك أن تقرأ كلامي هذا وتفكر، ولك أن تبدأ برسم دائرة صغيرة حول الموثوقين والذين سيؤمنون بالتضحية، ومع الوقت تكبر الدائرة وتتسع ومريدو الجمهورية كثر،وبل كل الناس، والخوف فقط من يمنعهم.. وفي دائرتك سيج بالسرية والعمل المنظم فكرتك، ورجالك، وتأنَّ فلا أفجع من التسرع، عدم التأني هو فشل كل الأعمال العظيمة، بل تأنّ، تأنّ..

الداخل مليء بالشجعان، المظلومين، الميتين بالجوع، الذين يفكرون بالانتحار هرباً من الواقع فالواقع هو الخزان الذي يملأ فكرتك، جمعهم سيكون إنقاذاً لهم وبهم تستطيع فعل كل شيء والى اللحظة أقول لك لا تتسرع، بل التأني فقط، ومؤكداً ستنجح فكرتك والفارق أن الناس يمكنهم فعل ذلك كأفراد ولكن القادة أقل من كل شيء، وهؤلاء الناس ينقصهم قائد، فلتكن أنت، وجود قائد يعني وجود فكرة جامعة للناس والحق معك ومن معه لا يخاف وإن فشل، أن تفشل خيراً من البقاء رهين الذل والمهانة، فهل يمكنك فعل ذلك، ألك شجاعة ككل العظماء؟

العمل السري هو الملاذ. كل الثورات عبر التأريخ كانت نواتها عملاً سرياً مدججاً بالعزيمة، فهكذا فعل الضباط الأحرار قبل ستين سنة، اليمن والشام والعراق وفي مصر وبكل وجهة، في أوروبا وفي آسيا وفي المجالات التي عانت من الاستبداد، ولكن ألحظ أن العمل السري في الشمال اليمني لم يبدأ، وجغرافية البلاد وسهولة التواصل وكثرة المؤمنين بالجمهورية يجعل الأمر أسهل، في العزل والمديريات وفي المدن، الجبال آمنة مستعصية، الخوالي من البلاد تتيح لك أن تقول وتتحدث وأن تخمر فكرتك دون أن يلحظ أحد.

يكفي أن تكون ذكياً، وتتوفر بيئة ساندة لك، من المجال المحرر، يكفي أن تثق بنفسك وبقضيتك وأن تكون مستعداً للتضحية فالداخل هو الرهان الحقيقي لتحقيق النصر، أقصد العمق حيث الكهنوت، ولا مجال للخوف، يجب الإعتبار أن الموت ليس شيئاً سيئاً بل نبيلاً للمرء، وعندما تتخلص من خوفك وتعانق الموت بفرح أنت تنجح: تهب الحياة لملايين الناس.

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: عن الدحيح.. وحلقة البسوس

زر الذهاب إلى الأعلى