شعر وأدب

تحدق في عينك العاصمة (شعر)

تحدق في عينك العاصمة (شعر) - رسالة كريمة من شاعر في صنعاء الإهداء إلى عادل الأحمدي

بعينِ التفاؤلِ
لا بعيونِ القنوطِ
ولا بعيونِ المبالغةِ المحضةِ الواهمةْ

بعينِ الرجاءِ المُهيّأ كي لا يَخيبَ
تُحَدِّقُ في عينكَ العاصمةْ

تُحَدِّقُ فيكَ
ترى صُبحها في عيونكَ حيّاً
فتنهضُ أحلامها النائمةْ

وينتعشُ الحُلمُ في كل حيٍّ
فأحياؤها كلها حالمة

وتنبعثُ الرُّوح
روحُ الهويةِ في أهلها الصابرين
فكلٌّ بها حِمْيَريُّ السِمَةْ

تُحدِّقُ فيكَ
ترى غيمَةَ الغدِ حُبلى
وتصغي لأنشودة المجد تُتلى
وتقرأُ فيكَ البيانَ المبشّرَ بالثورةِ القادمة

تحدقُ فيكَ بعينِ المُحدِّقِ في وجهِ فرحتهِ بعد طول الأسى
بعين الضليل المُحدقِ في الأنجمِ المُلهِمة

تُحَدِّقُ فيكَ بتحديقةِ الفاقدِ الذاتِ في قصةِ الدهر عن ذاتهِ
بتحديقةٍ من عيون المُهددِ في محو آتيهِ يُمعنُ عينيهِ في ما مضى من حكاياتهِ
بتحديقةٍ من عيون المُسيَّرِ نحو نهايتهِ مُرغماً في بداياتهِ
تُحدُّقُ فيكَ
تراكَ الوحيدَ الذي لمَّ أحلامَها في كتاباتهِ
والوحيد الذي أجهد النفس في ضفر طوق نجاةِ بداياتها من يد تجهد النفس في دفْعها نحو أسوأ ما يمنحُ الدهرُ من خاتمة

لهذا تُحدِّقُ في عينكَ العاصمةْ

وصنعاءُ ما حدَّقت في عيونٍ وخابتْ
فصنعاءُ تعرفُ فيمن تُحدِّقُ إن توَّهتها السنين
وتعرفُ من أين تبدأُ عودتها السالمةْ

أيا مَن وهبتَ لصنعاءَ دنياكَ حباً وسخّرت عُمرَكْ
ويا مَن منحتَ لها -كي تواجِهَ فكرَ الخرافاتِ والزيفِ- فكرَكْ
وأشغلتَ نفسكَ في أمرها منذ دهرٍ طويلٍ
تُحذّرُ من خطرٍ مُحدقٍ
أو عدوٍّ خفيٍّ تشيرُ إليهِ ليُدرَكَ
تشاغلتَ في أمرِ صنعاءَ عن كلّ أمرٍ إلى أن حسِبناهُ أمرَكْ
فكن مطمئناً
فما راح جهدُك هدْراً
ولا فرّطتْ فيكَ صنعاءُ
كلّا
ولا قبِلتْ روحُ صنعاءَ هدْرَكْ
وكن مطمئناً تماماً
فصنعاءُ تعرفُ مقدارَ جهدِكَ في الذودِ عنها
وتعلمُ مَن أنتَ منها
وتعرفُ قَدرَكْ
وكن مطمئناً
فإن قيل: يكتبُ أهلُ السلالةُ بالزيف في اليوم عشرين سفراً لصنعاءَ كي يفتكوا بالشعور اليمانيِّ فيها
فصنعاءُ تدركُ ما يبتغون
وتقرأُ -كي تتقي المحوَ- سِفرَكْ
وإن قيل: من فوق صنعاءَ تمطرُ أقلامُ أهلِ الغوايةِ حبراً لإغوائها
لا تُبالِ
فمن فوقِ صنعاءَ تستخدمُ السحبُ في غسلِ صنعاءَ -من رجسِ أهلِ الغوايةِ- حِبرَكْ
ولا تبتئس إن بدا أنّ أهلَ الخرافةِ يُلقون في سمعِ صنعاءَ شعراً دخيلاً
فصنعاءُ تغفلُ عن كلِّ شعرٍ دخيلٍ
وتصغي بأسماعها
كلما قلتَ -في حبِّ صنعاءَ- شعرَكْ
ولا تخشَ إن حاولوا لفتَ أنظارِ صنعاءَ بالأوجهِ الصفرِ عن ذاتها
فصنعاءُ في كل يومٍ تُسافر للذاتِ، عبرَكْ
ولا تخشَ إن قيل إن السلالةَ تسعى إلى حرفِ صنعاءَ عن مسلكِ الحقِ بالمنهجِ المدرسيِّ المُحرَّفِ
كن واثقاً أنّ صنعاءَ تمضي على المنهجِ الحقِّ إثرَكْ
ولا تخشَ إن قيل إن هويّةَ صنعاءَ باتتْ على مَحملِ الموتِ
إنّ الهويّةَ فيها يمانيةُ النبضِ
لا خوفَ مادمتَ تسقي عروقَ الهويّةِ نَهرَك
لا خوف مادمتَ تُعنى بحفظ الهويّةِ إنّ الهويّةَ مخضرةٌ باسمةْ

تظلُّ يمانيةً
حيةً في شعور اليمانيِّ
في فكرهِ
في تفاصيلهِ الجوهريةِ
في شكلهِ الخارجيِّ
يمانيةً
وتؤكد أنْ لا
أباها عليٌّ
ولا أمَّها فاطمةْ

وصنعاءُ لم تأتِ من هاشمٍ
ذات ليلٍ
ولم تأتِ من هاشمةْ

يمانيةٌ منذ بَدءِ الوجودِ
وتبقى
يمانيةً دائمةْ

يمانيةٌ وتحدقُ في كلّ عينٍ يمانيةٍ مثلَ عينيكَ
كي تستمرَّ
وتحمي الخصوصيةَ الحميريةَ من رغبات الدخيلِ عليها
وأطماعهِ الحائمةْ

فمن ضوءِ عينيكِ تشربُ
كي لا يسودَ الظلامُ تماماً
وكي لا تضِلَّ فتنسى الطريقَ إلى الثورةِ العارمةْ

لهذا تحدقُ في عينك العاصمةْ
وترقُبُ ميلادَها
ترقُبَ الحلْمَ
ترقُبَ إطلالةَ الفجرِ من بين أسفاركَ الخضرِ
تنسُجُهُ أنتَ بالمفرداتِ المُبينةِ والأحرفِ المُحكمةْ

تحدقُ فيكُ
وفي كلّ حرفٍ يزيدُ لديها اشتعالَ الحنينِ إلى اللحظةِ الحاسمةْ

أيا ملهماً عينَ صنعاءَ دربَ الخلاص
ويا هادياً أهلَها المسلكَ المستقيمَ
وكيف أمامَ الشجاعة والعزم تذوي الرصاص
ويا راسماً خطَّها للتحررِ من سلطةِ السطوِ
والنهبِ
والسلبِ
من سلطةِ تمنحُ الموتَ
تمتصُّ روحَ الحياةِ امتصاصاً
وتبقى على صدرها جاثمةْ

لهذا
أتيتُكَ من قلبِ صنعاءَ حرفاً
وقد حَمَّلَتْني إليكَ سلاماً وشكراً جزيلا
سلاماً عليكَ أبياً
وحراً
وقيلاً أصيلا
سلاماً عليكَ كتاباً إلى الحقّ تدعو
سلاماً عليك رسولا
سلاماً عليك قصيدةَ رشدٍ
ونجماً دليلا
سلاماً عليك نضالاً مريراً
كفاحاً طويلاً
طويلاً
طويلا
سلاماً عليك شجاعاً يشقُّ الطريقَ بعزمٍ
ولم يخشَ في الحقَّ من لأئمٍ
لا، ولم يخشَ من لائمةْ

سلاماً عليكَ
ووعداً بما تشتهي من عناقٍ
تخبِّئُهُ لكَ صنعاءُ في صدرها دافئاً
إلى يوم ميلادها
يوم تلقاكَ في ثورةٍ ذاتَ صبحٍ
به يخرجُ الشعبُ والأرضُ من سطوةِ السلطةِ الغاشمةْ

ومن ثم ترتديانِ السلامْ
سلاماً طويلَ المدى
خالداً
مستدامْ
سلاماً يسير مع الدهر
لا يعتريةِ انتهاءُ
ولا يعتريهِ انعدامْ
سلاماً تعيشانِ فيه الخلودَ
فلا تخشيانِ ارتدادَ النظامِ السلاليِّ
أو أن يعودَ إلامامْ
لأنكما مؤمنانِ
ولا يُلدغُ المؤمنُ الحرُّ من عقربٍ مرةً تلو أخرى
ولا حيثما لدغتهُ الأفاعي ينامْ
وحتى وإنْ بعدَ مليونِ عامٍ فلنْ يخفُتَ الضوءُ
كلّا
وصنعاءُ لن تفتحَ البابَ ثانيةً للظلامْ
ولن تخلعَ الضوءَ عنها بتاتاً
ولن ترتدي من لباسِ الدجى ليلةً مظلمةْ

ومنذ الولادةِ تلكَ
وحتى صباحِ القيامةِ
والعهدُ أنْ لن تقومَ لمتستعمرٍ بيننا قائمةْ

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: خبز لقافلة الجياع – لولاك لم يعرف يدينا دفترُ (شعر)

زر الذهاب إلى الأعلى