مزاعم الاتفاق مع السعودية.. ضجة حوثية للتغطية على مأزق وتنازلات
مزاعم "الاتفاق مع السعودية".. ضجة حوثية للتغطية على "مأزق" و"تنازلات" المليشيات المدعومة من إيران في اليمن - أمين الوائلي
تحركات ودعوات متزامنة في الاتحاد الأوروبي، المفوضية والبرلمان الأوروبيين، لإدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب، رداً على حركة القمع ضد المحتجين والإعدامات بحق متظاهرين بالتزامن مع تحركات ودعوات مشابهة في بريطانيا وتصويت بالإجماع في مجلس العموم؛ وجدت لها صدى في صنعاء وتلقتها المليشيات بأكثر من صيغة وطريقة، رسالة ونصحاً وتحذيراً.
هذه التطورات شكلت، لحسن الحظ، في توقيتها رسالة سياسية مباشرة لمليشيات إيران والحرس الثوري في المنطقة وخصوصاً لمليشيات الحوثي الإرهابية التي تحاصرها بالفعل محاذير التصنيف وإعادة تفعيله أميركياً أو تفعيله أوروبياً حال واصلت المليشيات تعنتها وتصعيدها العسكري وهجماتها الإرهابية واستهداف الملاحة والممرات المائية والمنشآت وموانئ وناقلات الوقود وتعطيلها كافة الجهود والوساطات لتمديد الهدنة واستئناف العملية السياسية للتوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب في اليمن؛ في مقابل -وبالرغم من- كافة التنازلات التي قدمتها السلطات اليمنية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي وجهود ومبادرات التحالف/ السعودية لتجاوز العقبات والتمكين لاتفاق يمدد ويوسع الهدنة ويسمح بمعالجة أولويات الأزمة الإنسانية والاقتصادية.
وفي هذا السياق وتزامناً مع تواجد المبعوث الأممي في صنعاء جدد مجلس القيادة الرئاسي، الثلاثاء، مطالبته للاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بضرورة تصنيف المليشيات التابعة لإيران، والتي تتلقى مزيداً من الأسلحة من الحرس الثوري، منظمة إرهابية كإجراء عملي لسياسة الردع الفاعل.
جملة من المعطيات توافرت في الأسبوعين الأخيرين بصورة مكثفة، من تحركات ولقاءات السفراء الغربيين مع رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي في كل من الرياض وعمّان إضافة إلى جولة المبعوث الأممي؛ ومنها إلى مسقط وصنعاء التي وصلها بعد يوم من مغادرة وفد عماني أجرى زيارة ثانية للعاصمة، وحملت بحسب المراقبين إشارات قوية حول طبيعة وجدية جولة استثنائية لكسر الجمود السياسي والحيلولة دون انزلاق الأوضاع إلى حرب شاملة.
ومع الإقرار باستحالة الركون إلى تعهد والتزام الحوثيين بأي اتفاق قائم أو قادم؛ في ضوء تجارب وحالات متعاقبة كرست التعطيل والابتزاز وإطالة أمد الحرب وتداعياتها المتفاقمة، أو بالنظر إلى واقع التحشيد والتصعيد العسكري للمليشيات في جبهات مختلفة، فإنه لا مفر من مجاراة الوسطاء الغربيين والدوليين على قاعدة "إسقاط الذرائع" والمقولات التي تشتغل حول ودون جوهر المشكلة بإصرار عجيب على تجاهل الشواهد المتراكمة.
بهذه الخلفية يرى -أو يأمل- مراقبون ومحللون أن الضغوط والتحركات التي مارسها الوسطاء الإقليميون والدوليون باتجاه المليشيات الحوثية في الأثناء - [بالضرورة إلى جانب مقترحات متقدمة وحلول توفيقية مقدمة] - كانت تشتمل على أدوات ووسائل ضغط فاعلة؛ من بينها التلويح بمحاذير وخيار العقوبات الرادعة بما فيها الإدراج على قائمة الإرهاب في وقت تستهدف العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية إيران والمؤسسات الحاكمة في طهران وقيادات وكيانات على صلة بالنظام الإيراني والحرس الثوري، علاوة على استهداف الحرس الثوري نفسه بتحركات الإدراج والتصنيف وما يعنيه ذلك بالنسبة للمليشيات التابعة للحرس الثوري بصورة رئيسية ومباشرة مثل الحوثيين وبرامج التسليح والتمويل المختلفة.
وتذهب دوائر مطلعة إلى أن الوساطة العمانية نصحت الحوثيين بتغيير موقف التعنت والرفض وأخذ مواقف مرنة تجاه المقترحات الأممية والمساعي الدولية على خلفية تطورات وحسابات تحاصر الإيرانيين أنفسهم بصورة متزايدة في الداخل والخارج وقد تمتد العقوبات والإجراءات لتشمل أدوات ومليشيات إيران بسهولة وفي أي وقت.
تبعاً لذلك، وإضافة إلى عوامل وحسابات داخلية بالغة السوء لجهة استشراء النقمة الشعبية والرفض وانكشاف فساد وانتهاكات المليشيات وأزماتها وصراعاتها البينية، جنحت مصادر وقيادات حوثية مؤخراً إلى إعطاء تصريحات ومواقف مرنة وإظهار انفتاح على جهود الوسطاء ومساعي السلام بل والذهاب عبر مطابخ جانبية إلى ضخ إشاعات مبالغة حول التوصل إلى اتفاق سلام بالفعل مع الجانب السعودي بصورة ثنائية (..) كنوع من التغطية على مأزق وتنازلات الجماعة في الأثناء وحقيقة موقفها الذي لا يترك لها الكثير من الخيارات للمناورة.
وغادر المبعوث الأممي صنعاء مساء الثلاثاء بعد يومين من زيارة قدم خلالها للمرة الأولى إحاطة لمجلس الأمن من العاصمة المختطفة، كنوع من التحفيز المعنوي الجانبي للمليشيات المحكومة بإجبارية كبح العنتريات والعودة إلى الواقع والتعامل مع شروط اللحظة وليس إملاء الشروط. وقال غروندبرغ لمجلس الأمن بإيجاز إن تغييراً محتملاً قد يطرأ على مسار الصراع اليمني (..)، بالبناء على نتائج اللقاءات والتحركات التي تمت خلال الفترة الماضية.
وخلال استقباله سفير الاتحاد الأوروبي جبرائيل فيناليس، الثلاثاء، وضداً من أجواء البلبلة والشكوك التي أثارتها التسريبات والفقاعات الحوثية في وسائل التواصل الاجتماعي، أخذ الرئاسي اليمني موقفاً متشدداً وصارماً؛ حيث نبه الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الوسطاء الإقليميين والدوليين إلى خطورة الرضوخ لابتزاز المليشيات الحوثية، وتجاهل انتهاكاتها الفظيعة لحقوق الإنسان، وأفكارها العقائدية المتطرفة وارتباطاتها المدمرة بالمشروع الإيراني التخريبي العابر للحدود، وما يتطلبه ذلك من إجراءات عقابية رادعة، وفي المقدمة تصنيف الجماعة منظمة إرهابية دولية.
إلى هذا شدد ممثلو البرلمان الأوروبي، في اجتماع بشأن قمع الاحتجاجات الإيرانية، على ضرورة إدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية، وتكثيف العقوبات الحقوقية ضد طهران، ومحاسبة النظام الإيراني.
وأكد ديدييه رايندرز، مفوض العدل والمساواة في الاتحاد الأوروبي، على ضرورة احترام الحقوق الأساسية للشعب الإيراني في جميع الظروف، مشيراً إلى أن "جميع خيارات الاتحاد الأوروبي مطروحة على الطاولة للرد على التطورات في إيران".
وقالت الممثلة الألمانية في البرلمان الأوروبي، حنا نيومان: "على الاتحاد الأوروبي إنهاء سياسته الغامضة تجاه النظام الإيراني وإلغاء المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي ووضع الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب. على الاتحاد الأوروبي أن يقف إلى جانب الشعب الإيراني ويؤيده "من أجل الحرية".
وكان قد صوت أعضاء مجلس العموم البريطاني بالإجماع لصالح الاقتراح الذي يطالب حكومة لندن بإعلان الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية". وتتعرض الإدارة الأميركية لضغوط ومطالبات متزايدة بإنهاء مفاوضات النووي الإيراني وإظهار الحزم والجدية في الرد على القمع والانتهاكات والإعدامات في إيران بينما طرحت مقترحات مشاريع في مجلس النواب لإدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية.
* رئيس تحرير موقع الساحل الغربي
اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: نص إحاطة مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن 16 يناير 2023