القبيلة ودولة النظام والقانون
أحمد المطوع يكتب عن: القبيلة ودولة النظام والقانون
القبيلة دولة مصغرة تسري قوانينها على من ينتسب اليها، ولا تسمح بانتهاك حق اي فرد من افرادها، ولا تتشرف باي فرد منها يمس سمعة القبيلة، وممكن ان تعلن القبيلة براءتها من اي شخصي عكس صورة سلبية عن القبيلة، او تعاقبه بطريقتها ووفق نظمها، ولذلك ستظل القبيلة قوية، وستبقى حتى في ظل الحداثة.
في اليمن القبيلة لها طعم آخر غير المتعارف عليه في الثقافة الحديثة؛ فالقبيلي هو الذي يتصرف بشرف وعزة نفس وكرامة وشجاعة وكرم، القبيلي هو الذي يحمي الارض والعرض ويغيث الملهوف، القبيلي هو الذي يعفو عند المقدرة، ويتقبل الحوار والتحكيم المنطقي، القبيلي لديه ولاء منقطع النظير لقبيلته وفي المناسبات يؤثر القبيلة على نفسه واولاده، وتجد القبيلي معتزا بقبيلته، ويمكن ان يقدم القبيلي روحه دفاعا عن شرف القبيلة.
يفعل القبيلي كل شيء يزيد من رفعة قبيلته مع انه غير موظف مع القبيلة، ولا يستلم راتبه من القبيلة، وقد يكون غير محتاج لحماية القبيلة، لكنه معتز بهذه القبيلة، ويدخرها للشدائد، لا يتنصل منها، بل يدخل في كل قضية تتصل بالقبيلة حتى وان عرف مسبقا انها قضية خاسرة، لكنه يؤدي الدور المطلوب منه حسب العرف القبلي، ونظام القبيلة، ولذلك نجد افراد القبيلة معا في الافراح والاتراح، وفي المغرم والمغنم..
وفي كل الاحوال ما يزال الولاء للقبيلة موجودا في قلوب وعقولك ل اليمنيين، فمهما كان مستوى الشخص العلمي او السياسي او القانوني لا يمكن النظر اليه بعيدا عن قبيلته، فما زال كثير من المثقفين يفكرون في القبيلة وبخاصة حين يشعرون بظلم خاص عليهم، ولذلك فانه أصبح من ضرورات الواقع ان يتعامل المثقفون والقانونيون والسياسيون مع اعراف القبيلة بطريقة جديدة، وان يعيدوا النظر في رؤيتهم للقبيلة، وان يعملوا على تحويل الولاء للقبيلة الى ولاء لليمن. وان يجعلوا من القبيلة منظمة مجتمع مدني تخدم المجتمع حينما نغير النظرة التقليدية للقبيلة، فاننا نستطيع ان نكسب القبيلة لبناء الوطن؛ نستطيع ان نستثمر ما في القبيلة (بفتح الياء) منصفات جميلة ونظم صارمة تصلح لبناء الدولة، وحفظ النظام، وتطبيق القانون، اذا ما فكرنا بطريقة علمية تنشد التغيير الايجابي..
نحتاج الى دراسة علمية لحصر كل الاعراف القبلية، واجراء موازنة بين هذه الاعراف وانظمة الدولة والقوانين النافذة فيها، ثم بناء استراتيجية قوية لتغيير حقيقي في صفوف القبائل بتوعيتهم بقوانين الدولة، وكسب تأييدهم لهذه القوانين، حملة يكون شعارها (الوطن قبيلة واحدة)، والمطلوب في هذه الحملة التركيز على ايجابيات القبيلة، وربط هذه الايجابيات بنصوص القوانين النافذة، وتشخيص كل العيوب التي تنبذها القبيلة، وربطها بالضوابط القانونية، وحينما توجد انظمة يمكن ان تتصادم مع نظم القبيلة، يتم طرحها للحوار والمناصرة والتوافق العرفي حولها لتطبيقها تحت مفهوم (الوطن قبيلة واحدة).
لا اظن ان بناء الدولة الحديثة يمكن ان يحدث في اليمن الا بمناصرة القبيلة للنظام والقانون، ولذلك فان حملة (الوطن قبيلة واحدة) ينبغي ان تبدأ مع شيوخ القبائل اليمنية، والواجهات الاجتماعية في القبيلة، حينما يشعر القبيلي ان النظام والقانون جزء من القبيلة سوف يرفض كل الاختلالات الامنية، وسيعاقب كل من يعكر صفو التنمية، وستصبح القبيلة اليمنية واجهة مشرقة لدولة النظام والقانون..
اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: مأرب: ندوة تناقش دور القبيلة ضد الإمامة بذكرى انتصار معركة السبعين