فتشوا تفاصيل 26 سبتمبر
عبدالسلام القيسي يكتب: فتشوا تفاصيل 26 سبتمبر
ابحثوا عن حياة الثوار الذين عرفناهم، ولا نعرفهم
عن سنوات الجد والمكابدة، عن تفاصيل الصمود، عن أمهات الثورة وجدات الثورة وعمات وخالات وشقيقات، فلكل ثائر محيطه الذي يستمد منه قوته، صبرهُ، صمودهُ، كل محيط هو من أوجد الاسم الكبير.
لعلي عبدالمغني حكاية، نريد معرفة ماذا كان يفعل ويأكل وأين كان يبيت، ويختبئ أين، والكتب التي قرأها ما هي والمواقف التي حولته الى بطل، من جيرانه، أين هم قرابته؟
عن كل تفصيل من تفاصيل الحياة للشجعان قبل الثورة، عن مولدهم، مآثرهم، الوسائد اللواتي توسدوا بهن، النوارات وضوء الفوانيس الخافتة، وأين بدلة طفولته، وعسكريته، وعن السلال،
من أين هو وكيف عاش وهل عاش يتيماً ومن هي أمه التي أنجبت بطلاً، كهو، فكل بطل يجتبي بطولته من المربى، هذه المرة لا تتحدثوا عما نعرفه عن السلال بل مالا نعرفه، عن حياة أمه، شقيقته، جدته، عن الجوانب المبهمة من حياته،
الإعجاز لا يكمن في الظاهر بل بين الخفي يختفي، والأشياء التي لا نعرف هي الأشياء التي شكلت فيه البطولة، وحولت كل فرد الى بطل، وعن الزبيري، عن النعمان، وكيف عاش شامخاً كدار والده، ابحثوا عن النعمان الأول لتدركوا سر النعمان الثائر، اقرأوا سردية بيت النعمان فلولاها ولولا تواتر الحرية والأنفة لما تحول النعمان الى بطل من أبطال ذلك الزمان، وهذا الزمان، وكل زمان، وقد مللنا ما نعرفه.
يجب أن نغوص لندرك مالا نعرفه، هو المهم والملهم، فتشوا حيواتهم، معاناتهم، الأحذية التي هربوا بها، والبنادق الحامية بالمعارك، أين هي؟
أين نجمات النصر وكم عدد أقمار كل ثائر قبل وبعد الثورة ! دققوا بتفاصيل اللقية، ولا تنسوا العلفي، والهندوانة، ونوع الرصاص التي أسقطت الطاغية، أمريكية، روسية، والآلي: كندا.. فرنصاوي.. كلاشنكوف.
عن دار سلم، منها تنفس العلفي نفس البطولة، وعن اللقية مولود صنعاء، وأنفاسه تعز، عن الهندوانة ابن سنحان، وعن العريقي مطهر، وتفاصيل البيضاني، عن عبدالرقيب، يا لسيرتك العطرة يا عبدالرقيب، قدت سيرتك من جبل، جبلي البلاد.. ولا تنسوا جزيلان، حارته في تعز، حجرة مولده، من استاذه..
أي حارة من هذه المدينة كانت موطأ نضاله، لنتعرف على رفاق صباه، الرفاق، هم، هم التشكيل الأول للفرد، بطلاً أم خانعاً، بهم يحدد المرء مصيره وعن عبدالسلام صبرة، وبئر العزب، وحسن العمري، عن كل الذين سقطوا سهواً، من دفتر الثورة، هناك خلف الستارة طابوراً نجهله، حاميم،المروني، وشيوخ واسطة البلاد، من شرعب الى القفر، من حاشد الى يافع، عن العمائم وربطات العنق، لون عمامة الأحمر وطريقة ربطة عنق المروني، عن الصوت الخالد الذي ذاع انتصار الثورة، يا لذلك الصوت، عن حياة كل هؤلاء، الآباء.. الابناء.. الإخوة.. البيوت.. عما لا يفكر المرء به البتة.
هذه هي الثورة، كل ثورة هي مجموعة التفاصيل الضائعة، لولا الأم لما صار الثائر بطلاً ولولا دعم الأخ الفلاح لما تخرج الضابط الحر، وصبر الزوجة منح الرجل فساحة وقدرة على الحركة، لنبحث ونكتب عن الثورة غير المباشرة، فهي برأيي كل الثورة.