[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

الأحمدي في حوار: انتفاضة ديسمبر صححت مسار المعركة الوطنية ضد الإمامة

رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام عادل الأحمدي في حوار: انتفاضة ديسمبر صححت مسار المعركة الوطنية ضد الإمامة - حوار الساحل الغربي


كثيرة هي الأحداث التي مرت بها اليمن، منذ البدايات الأولى لدخول الحوثيين صنعاء، والسيطرة على غالبية المدن اليمنية، وصولًا إلى العديد من التحولات السياسية والعسكرية التي كان لها تأثيرها على مسار الحرب.. اليوم وبعد مرور أكثر من ثمانية أعوام من الاقتتال والدمار، تحاول منصة "الساحل الغربي" قراءة بعض محطات هذه الحرب، والتعريف بأبرز منعطفاتها.

في هذا الحوار، يجيب عادل الأحمدي، رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام في اليمن على جملة من الاستفسارات التي تتعلق بالمشهد السياسي، والحرب اليمنية..

نص الحوار:

* في الثاني من ديسمبر 2017 كانت صنعاء على موعد مع انتفاضة الشعب، أو ثورة صالح، كما يسميها البعض.. هذا الحدث يبدو أنه كسر شيئًا من سياسات الاحتواء التي كانت تتبعها جماعة الحوثي لتمرير مشروعها الإمامي منذ البدايات الأولى للحرب.. بعد خمسة أعوام، كيف تفسر هذه الانتفاضة؟ وما هي الإرهاصات التي سبقتها؟

** الحديث عن إرهاصات انتفاضة الثاني من ديسمبر 2017، اعتقد أنها لم تكن مفاجئة، وليست غامضة لمن يعرف تحديدًا ما هي الحوثية، وما هو مشروعها الإمامي السلالي العنصري، الذي يسعى لاستعباد اليمنيين، ويمثل كل ما هو نقيض لمبادئ التعايش وللدستور والقانون والمنجزات التي حققها اليمنيون على مدى أكثر من نصف قرن من عمر ثورة سبتمبر المباركة..

هذه الخرافة التي يستحيل التعايش مع سيطرتها، تأتي على الضد من أدبيات وثقافة وأسس المؤتمر الشعبي العام، ورئيسه علي عبدالله صالح، الذي كان بموقع الرجل الأول المدافع عن الدولة اليمنية التي تمرد عليها الحوثيون.. ومنذ اجتياحهم للمدن كان الجميع يعلم أنهم لن يقبلوا بأحد وأن الرئيس الشهيد صالح لا بد وأن تكون له كلمته، مهما اقتضت الظروف السياسية من محاولات مهادنة معهم؛ وهو ما حدث بالفعل، إذ بقيت جحافل الإمامة تنظر لعلي عبدالله صالح وما معه من قيادات وطنية بوصفها التهديد الأول لمشروعها بالسطو على الدولة اليمنية ومحاولة فرض أفكارها الكهنوتية، وكأداة لقوة إقليمية معاداة لليمن ولمحيطه اليمنيين يعرفها الجميع.

* لكل ثورة أهداف ورؤية بعيدة المدى.. برأيك ما أهداف هذه الانتفاضة، وما الذي حققته؟

** النظر إلى ما حققته انتفاضة الثاني من ديسمبر، على المسار الاستراتيجي والعملي، أبعد بكثير من الأحداث في الأيام الأولى لانتفاضة ديسمبر واستشهد خلالها الرئيس صالح، إذ إن تلك الأحداث كانت نتيجة طبيعية لسطو الميليشيا على مؤسسات ومقدرات الدولة اليمنية؛ لكن المنجز الأول الذي تحقق برأيي هو أن المؤتمر غادر مربع من حاول الحفاظ على مؤسسات الدولة من الداخل بالتعايش مع الحوثيين، ليصبح في موقفه الطبيعي كأكبر الأحزاب الوطنية التي ولدت من رحم الجمهورية وتشربت فكرها الوطني. وأعني المؤتمر، لأنه حتى من بقي في صنعاء ومحيطها يداهن الحوثي نعلم جميعاً أنه مغلوب على أمره.. ولقد تجلت ثمار انتفاضة الثاني من ديسمبر، من خلال بروز المقاومة الوطنية كقوة عسكرية تمثل نخبة الجيش ورجال الدولة بقيادة العميد طارق محمد عبدالله صالح، الذي كان الخصم الأول للميليشيا خلال انتفاضة ديسمبر.

* هل غيرت انتفاضة ديسمبر مجريات الأحداث الدائرة في البلد.. حدثنا عن ذلك؟

** على وجه أدق، لم تغير مجريات الأحداث، بل صححت مسار المعركة الوطنية، وأزالت الأخطاء الكبيرة التي رافقت المرحلة التي سبقتها، ونعلم جميعًا أسبابها من صراع سياسي بين الأحزاب والقوى التي غفلت عن العدو الأول للجمهورية ولمشروع اليمنيين في الحياة والاستقرار في هذه البلاد، وذهبت تتصارع فيما بينها على السلطة، إلى جانب عوامل إقليمية ودولية، ليست بحاجة إلى تفصيل، وبالتالي فإن التصحيح الذي مثلته انتفاضة ديسمبر هو التحول الأهم في مسار معركة اليمن الخالدة ضد الكهنوت.

* يرى مراقبون أن الانتفاضة التي قادها صالح أعادت تقويم المسار باعتبارها حدثًا ومنعطفًا مهمًا ساهم في توحيد الصف الجمهوري..؟

** إذا كان الخلل الأساسي الذي مكن الميليشيا من السطو على الدولة وعرقل استعادتها، هو الشتات والانقسام، فإنه كان من المستحيل الحديث عن توحيد الصف على أرض الواقع، بدون المعادلة التي أنتجتها انتفاضة الثاني من ديسمبر، وجعلت المعركة في الطريق الصحيح، وقد أثبتت السنوات وما حققته المقاومة ولاحقاً المكتب السياسي، كيف أن انتفاضة ديسمبر، مثلت أهم تحول في مسار المعركة. والأهم هو ما نتوقع أن تأتي ثماره في المستقبل القريب.

* الكثير من اليمنيين ينظرون إلى هذه الانتفاضة على أنها امتداد لثورة 26 سبتمبر وأنها مستمرة ولن تنطفئ.. ما قولك؟

** كل من يدرك حقيقة الإمامة كمرض وعدو متجدد لليمن ولليمنيين مثلما هو اليوم تهديد يتجاوز الحدود إلى الجوار الإقليمي ويستهدف العروبة والإسلام، بادعاءات زائفة تسيئ لجوهر رسالة الإسلام ولقيم ومبادئ التعايش.. كل من يدرك ذلك، يعلم أن المعركة التي يخوضها اليمنيون اليوم هي امتداد لثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة، ودون أدنى شك فإن هذه المعركة التي تتجسد على امتداد جبهات المواجهة بهدف واحد هو استعادة اليمن وإسقاط الإمامة الجديدة، امتداد للثورة اليمنية الأم – ثورة سبتمبر.
وقدر اليمنيين أنها معركة لن تنطفئ، باعتبارها معركة وجود، ولا أدل على ذلك ما يمارسه الحوثيون في مناطق سيطرتهم من نهب وإذلال ومحاولات طمس هوية وحتى تغيير معتقدات. وبما أن البضاعة التي تقدمها الإمامة بائرة ولم تعد تنطلي إلا على القليل جداً في زمن التطور العلمي والتقني والفضاء المفتوح للمعرفة، فهذا يعني أن هذه المحنة لن تطول، بإذن الله تعالى.

* ماذا لو نجحت انتفاضة ديسمبر في استعادة صنعاء كما كان يأمل الجميع..؟

** النجاح مسألة ليست مرهونة بما جرى داخل صنعاء، بل إنه تحول كان له ما بعده كما أسلفنا.. وبالتأكيد أن الوضع كان سيكون مختلفاً لو أن الأمور سارت في الأيام الأولى لانتفاضة ديسمبر لتحقيق أهدافها المباشرة بتحرير المدن اليمنية، وفي المقدمة منها العاصمة صنعاء. ومع ذلك، ستثبت الأيام أن ما اعتقدته إيران وأدواتها نصرًا مؤزرًا لم يكن سوى إثبات لمن كان ما يزال يأمل التعايش معها، بأنها مشروع شيطاني استعلائي يستحيل أن يتعايش اليمنيون معه، وإن فرض نفسه بالاستفادة من أخطاء لبعض الوقت.

* يبدو أن الحرب في اليمن باتت بلا نهايات، دون أفق لتوقفها.. ما القصة الحقيقية وراء هذه الحرب؟

** طول أمد الحرب، هو نتيجة أخطاء، وهذا أمر نعلم جميعاً أنه يمد من عمر محنة اليمنيين تحت الاحتلال الإمامي الحوثي، ومن يرفض الحلول وإنهاء الحرب هو الحوثي ومن خلفه المشاريع الشيطانية الهادفة إلى تعميم الخراب في اليمن والمملكة العربية السعودية وكافة دول المنطقة..

لكل حرب نهاية مهما طال أمدها، ولله تعالى حكمته فيما يجري، وأعتقد أن الحرب ستضع أوزارها بإطفاء نار من أشعلها ويشعلها وهو المشروع السلالي المعادي لليمنيين، ومهما كانت هناك عوامل تطيل أمد الحرب، بما فيها حسابات بعض القوى الدولية التي تعتقد أن لها مصالح مؤقتة بإطالة أمد الصراع، إلا أن كل ذلك من الطبيعي، وبإذن الله تعالى أن يكون ذلك في القريب العاجل، وإيماننا كبير بهمة شعبنا، وقوة إرادته وعلى رأسه مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد محمد العليمي، كما أننا على ثقة بأشقائنا في التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

* مرت الحرب اليمنية بالعديد من التحولات السياسية والعسكرية غالبيتها كان لها اليد الطولى في إطالة أمد الحرب.. برأيك ما أبرز تحول أثر على مسار الحرب؟

** بعد انتفاضة ديسمبر، أعتقد أن أبرز تحول كان اتفاق وقف تقدم القوات المشتركة نحو استعادة الحديدة (اتفاق ستوكهولم)، إلى جانب ما أصاب الجبهات الأخرى.. إذ إن تحرير الحديدة ومواصلة تحرير المدن كان ما يزال أهم تحول يمكن أن يصحح مسار معركة استعادة اليمن.

* من خلال التحولات، وتفاصيل الحرب، وبعد مرور ثمانية أعوام من الاقتتال والدمار.. ثمة من يرى أن الحرب في اليمن سيناريو إيراني، ينفذه الحوثيون.. والهدف من ذلك، تقسيم البلد، وخلق قوة ونفوذ كبيرين لجماعة الحوثي، يد إيران التي تهدد دول الخليج.. ماذا تقول؟

** بالطبع، إلى جانب ما يمثله اليمن كهدف بحد ذاته للتقسيم ولتحكم الميليشيا الإيرانية، فإن كل ما تلقاه من دعم، يكمن في كون ما هو مرسوم بالنسبة له، أمراً يتعدى الحدود اليمنية، إلى المملكة العربية السعودية بصورة أساسية، بما تمثله من أهمية مركزية للأمة العربية والإسلامية وللاقتصاد العالمي والاستقرار في العالم عموماً. وكل ما قام به الحوثي من اعتداءات على أعيان ومنشآت مدنية ونفطية في السعودية، إثبات لما يُراد أن يصبح أكبر من اعتداءات مسلحة، وقد رأينا كيف أن الحوثية كانت جماعة متمردة في أجزاء محدودة وحدودية من البلد، تحيّنت الفرصة باستغلال الصراعات السياسية المحلية لتصبح نكبة أكبر، وسيبقى الحوثي حبيسًا للأهداف المرسومة له كأداة لاستهداف أمن واستقرار اليمن والمملكة وكافة دول المنطقة، إلى أن يختنق داخل جدران حبسه وتسقطه قواتنا المسلحة الباسلة وجماهير شعبنا الأبي.

* ما رأيك بتحركات المبعوث الأممي؟ هل هناك نافذة أمل لتحريك عجلة السلام؟

** الإجابة على هذا السؤال تتطلب النظر إلى ما أنجزته الأمم المتحدة والمبعوثون الدوليون في اليمن منذ جمال بن عمر وحتى اليوم، بعيداً عن مسألة المبعوثين كأشخاص، لكن الواضح أن هذا الطريق لا يؤدي إلى سلام بل إلى تطويل أمد الأزمات وخلق حرب مستدامة. هذا الأمر ليس حصرًا في اليمن، بل في الكثير من البلدان التي جرى تدويل قضاياها لم تصل إلى السلام المنشود بقدر ما دفعت الثمن غالياً.

* تغيب السياسة في اليمن أمام لغة السلاح، ناهيك عن عسكرة الأطفال ومختلف فئات المجتمع.. هل يستطيع اليمنيون إعادة الاعتبار للسياسة وكيف؟

** السياسة يجب أن نعيد لها الاعتبار أولًا بتوحيد الصف الوطني، وإزالة كل ما من يؤخر النصر، وعندما يفرض اليمنيون معادلة مغايرة عسكريًا، سيكون للسياسة كلمتها وستفرض ذاتها؛ أما اليوم، فإن السياسة بدون تغيير لقواعد اللعبة ليست أكثر من مغالطة.

* اليمن إلى أين؟!

اليمن سينتصر.. وكلما أوغلت الإمامة بالإجرام وظنت أنها ترسخ مداميك البقاء على حساب كرامة وأمن واستقرار بلد وأمة هي اليمن، بات النصر قريباً، بإذن الله تعالى. وإلى أن يحين النصر الذي يجب على كل يمني أن يضع في حسابه أنه هو من يجب أن يحدد ساعته، اليوم قبل الغد، إلى أن يحين ذلك، يجب أن ننظر إلى الأزمة المعيشية والاقتصادية التي يعيشها اليمنيون بوصفها مسألة لا يجب أن نغفل عنها لحظة واحدة. ذلك أن الوضع بات صعباً جداً، وأنا هنا أحيي كل أهلنا في مناطق سيطرة الحوثي، وأهيب بكل أشكال النضال التي يبذلونها في وجه محاولات طمس الهوية وبرنامج الإفقار الرهيب.

* موقع الساحل الغربي

زر الذهاب إلى الأعلى