لماذا كل هذا التهافت الساذج واستفزاز مشاعر وافكار ومخيلة الآخرين؟
مصطفى ناجي الجبزي يكتب: لماذا كل هذا التهافت الساذج واستفزاز مشاعر وافكار ومخيلة الآخرين؟
سمعت مرة في برنامج إذاعي ان شاعرا مُجيداً تعب من تجويد قصائد لا يحفل ولا يحتفل بها الناس فقرر ان يفعل شيئا يطيل ذكره فخرم أذنه وتحلى بقرط.
سأله الناس عن خروجه عن المألوف وإتيان الجديد المستغرب فأجابهم:ستنسون شعري وتذكرونني بالقرط.
لست متأكداً من صحة القصة وبحثت عنها ولم اجد لها دليلا لكنها دالة ملهمة لذا لا اجد مانعا من توظيفها.
حاجة الفرد إلى انتزاع الاعتراف كبيرة. والبعض يفعل ما يحلو له لانتزاع ما يراه تقديرا والبعض لا يستطيع العيش إلا في الوهج والإثارة.
تطوريا لم يتبعد الإنسان كليا من قريبه القرد. وكلما حاول البعض اثبات الافتراق جسديا قفز احدهم لعيد التاكيد سلوكيا.
انها روح القرد العنيدة على الترويض والزوال في الدواخل تقود إلى اختلاق مشاهد لجلب الانتباه وتاكيد الحضور بالصلف والإضحاك والاذى احياناً.
لكن ليس للقرد منظومة اخلاق غير الغرائز التي يستجيب لها طواعية فيدافع عن القطيع ويحمي الصغير ويحدد مناطق هيمنته لكنه لا يرتدع لوازع داخلي وقد يأكل لحم أخيه إذا واتته الفرصه.
قرودنا الحديث تفعل ما يروق لها من نكاية وتطفل وسقوط مباغت لالتقاط طعام الشهرة واثارة تصفيق المعجبين.
كان الشاعر أسمى في فعلته اذ لم يقحم الآخرين في فعلته واعلن اعتراضه على التجاهل وربما الجهل بطريقته ولم يقدح ويسفه الآخرين ويستعلي عليهم ويقفز إلى طابور خصومهم نكاية واغراض.
في خضم المأساة الحالية يتقافز قرود السيرك الفكري والسياسي من مشهد لاخر يمتدحون القوة العارية ويحيلون الظلم إلى جلد ذات ويختلقون الأعذار والطرائف لطمس العدل والإنصاف ويستهجنون الردع والمناصرة ويفتشون في اخطاء المظلوم ويضعونها في ميزان حسنات الغاصب.
متى ينتهي هذا السيرك البدائي الباهت؟
صفحة الكتاب