[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

رمضان في اليمن: وفرة في السلع وضيق ذات اليد

تقرير DW عربية حول استقبال رمضان في اليمن: وفرة في السلع وضيق ذات اليد


تجلت الأزمة الاقتصادية، الناتجة عن سنوات الحرب وما تبعها من توقف في دفع الرواتب وتراجع المعونات الإنسانية، فيما يشبه الشلل في حركة الأسواق التجارية في اليمن مع دخول شهر رمضان. DW عربية ترصد الأجواء.

لا تبعث مطابخ صنعاء روائح أكلات "يا نفس ما تشتي" الشهية، العادة الأشهر التي ارتبطت بالأيام الأخيرة في شعبان. وعوضاً عن ذلك، يزدحم اليمنيون على أبواب محال الصرافة والتحويلات لاستلام معونات نقدية زهيدة من الأقارب، كما هو الحال بالنسبة لأسرة حسين الخولاني وهو معلم أربعيني.

وتشهد أسواق المكسرات والمواد الغذائية حالة شلل غير مسبوق في الحركة الشرائية، كنتيجة للوضع المعيشي الذي لا يتوقف عن التدهور يوماً بعد يوم، مع انسداد أفق التسويات السياسية والاقتصادية.

حسين الخولاني الذي تتألف أسرته من زوجته وأربعة أبناء، لم يعد يتلق راتبه الوظيفي الحكومي منذ سنوات طويلة. عمل في عدة مدارس خاصة ليسد رمقه ورمق أسرته، ولو بالحد الأدنى، غير أن حادث سيرٍ تعرض له مؤخراً، أقعده عن العمل كما يقول لـDW عربية، ليزيد وضعه المعيشي سوءاً. ومع اقتراب شهر رمضان حصل على مساعدة نقدية من أحد أقاربه العاملين خارج البلاد لتوفير الاحتياجات الغذائية الضرورية.

كما هو الحال بالنسبة لحسين الخولاني، يزدحم العديد من اليمنيين واليمنيات على محال الصرافة، لاستلام معونات، بما في ذلك صديقه عبدالله (42 عاماً)، الذي ينتظر نفقات شهر رمضان لهذا العام بحوالة مالية من شقيقه الأكبر العامل في قطاع الزراعة بضواحي مدينة صنعاء، يقول عبدالله، وهو موظف في وزارة الثقافة "قبل كل شهر رمضان من كل عام يعينني شقيقي الاكبر بمبلغ مالي يراوح ما بين 100- 150 الف ريالاً (حوالى 200 دولاراً امريكياً)"، وهو يعتقد أن هذه المبالغ ليست معونة وإنما "دين" يتعين عليه أن يسده في وقت لاحق.

حالة السكان المعيشية الصعبة تفرض ذاتها في الأسواق، كما هو في "سوق الملح"، الذي تُباع فيه مختلف أنواع المكسرات والمواد الغذائية ويزدحم مع اقتراب رمضان كل عام. وبينما يتسابق البائعون لعرض سلعهم الرمضانية، تبدو حركة الشراء ضعيفة إلى حد كبير، الأمر الذي يمكن تلمسه بمجرد التنقل داخل المدينة التاريخية لصنعاء ومختلف الأسواق المحيطة بها.

بضائع متكدسة

يقول مروان الحداد، وهو مالك محل تجاري لبيع الحبوب والبهارات، لـDW عربية، إنه لا يوجد ارتفاع بالأسعار ولكن "اقبال الناس شبه معدوم لضعف القوة الشرائية عند معظم اليمنيين. ومن هنا فإنهم يكتفون بالضروري ولو بحده الأدنى".

في سوق القاع المركزي للمواد الغذائية والخضروات واللحوم والأسماك وسط صنعاء وعلى بعد بضعة أيام فقط من حلول شهر رمضان، تتكدس السلع الغذائية المعتاد الإقبال عليها في رمضان أمام المحال التجارية، بما في ذلك الخضروات التي رغم انخفاض أسعارها إلى أدنى مستوى لها ما يزال الإقبال عليها محدوداً. ويرجع بائع الخضروات، علي الريمي، في حديثه لـDW عربية، أسباب ذلك إلى زيادة العرض مقابل تراجع الطلب في ظل انعدام السيولة وتوقف صرف مرتبات موظفي الدولة: "في سنوات سابقة كان هذا السوق مكتظاً بالمتسوقين في مثل هذه الأيام وكنا لا نستطيع التقاط أنفاسناً". ولكن "اليوم أسعار البضائع رخيصة لكن لا سيولة بيد الناس".

تراجع في المعونات

وعلى الرغم من أن معاناة الأسر اليمنية لا تختلف كثيراً في مختلف أنحاء البلاد، إلا أن الانقسام الاقتصادي الناتج عن وجود سعرين للعملة المحلية، يفرض نفسه على أسعار السلع على نحو خاص. لا تعاني مدينة عدن وغيرها من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً أزمة حادة بالنسبة لمرتبات الموظفين الحكوميين، غير أن أسعار العملة تراجعت، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي إلى أكثر من 1600 ريال يمني، أي نحو ثلاثة أضعاف سعره في صنعاء، الأمر الذي ألقى بظلاله على ارتفاع أسعار السلع الغذائية، في تلك المناطق.

يسكن توفيق أحمد، الأب لطفلين، في عدن ويعمل في منظمة إغاثية محلية، يقول لـDW عربية، إنه لم يتقاض راتباً منذ بدء العام الجاري؛ إذ أن المنظمات الإغاثية تنتظر تمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي تعدها الأمم المتحدة وشركاؤها في العمل الإغاثي سنوياً. توقف المساعدات الإنسانية ألقى بظلاله على الوضع المعيشي والاقتصادي في أنحاء البلاد، وبالذات في أوساط الأسر التي تستفيد بشكل مباشر من المعونات.

هل من اختراق قريب؟

يقول رشيد الحداد وهو محلل اقتصادي يمني، لـDW عربية، إن رمضان المقبل هو العاشر في ظل الحرب التي تعيشها البلاد. ومع خفض التصعيد منذ مطلع أبريل/ نيسان 2022، كان الأمل لدى الكثيرين في تخفيف معاناة المجتمع اليمني، لكن مع تعثر تنفيذ الملف الإنساني زادت الأوضاع الإنسانية تدهوراً في مختلف المحافظات اليمنية جنوباً وشمالاً.

ويضيف "هذا العام يأتي رمضان واليمنيون في أوضاع معيشية في غاية التعقيد جراء توقف المساعدات الإنسانية الدولية على مئات الآلاف من الفقراء وخاصة في المحافظات الشمالية، وهو ما ضاعف المعاناة بشكل أقسى من ذي قبل"، ويضاف إلى ذلك أن مصادر دخل الأسرة اليمنية ما تزال في أدنى مستوياتها ولم يحدث أي تحسن في معدلات دخل الفرد".

ويختم الخبير المحلل الاقتصادي بالتشديد على ضرورة إحداث "اختراق في مسار الأزمة الإنسانية في اليمن خلال شهر رمضان الكريم".

زر الذهاب إلى الأعلى