رياضة

بين حلبة روما ومدريد يعيش كومودينوس

بين حلبة روما ومدريد يعيش كومودينوس - بعد مباراة برشلونة وريال مدريد المثيرة للجدل - جمال حسن


دائماً كنت اقول أن ريال مدريد وصمة عار على كرة القدم، ويقوم بالتلاعب بكرة القدم. ما حدث في مباراة الكلاسيكو يجر وراءه فضائح تحكيمية هذا الموسم وبتدخل الفار، بينما في السابق كانت تُقدم بأن الأخطاء التحكيمية جزء من اللعبة.

المضحك أن الدهماء الذين في كل مباراة يشكون التحكيم، ويدعون المظلومية، على غرار الحركات الطائفية، ويختلقوا كذبة نيغريرا وكذبة أن كأس العالم تواطئ فيه الفيفا لتتويج ميسي ومنتخب التانغو. يستميتون من أجل التقليل من ما حدث على مرأى العالم.

كنت مقتنعاً أن برشلونة سينهزم، عطفاً على الفوارق الفنية، من حيث اللاعبين ومن حيث المدرب. لكن شاهدت ضربة جزاء غير صحيحة، وقبلها طرد مستحق لكامنفيغا، لم يحتسبه الحكم على غرار ما وقع في مباراة باريس وقلنا وقتها بأنه خطأ واضح يستحق الطرد.

هل تتواطأ رابطة الليغا مع الريال، واختلقت قضية نيغريرا لتمرير مثل تلك الفضائح. اللافت ان الريال في كل مباراة، قناته وصحفه، يهاجمون الحكام، يختلقون من فيني ضحية، حتى يغفل عنه الحكام تصرفاته غير الرياضية، يدفعون لاعبيهم للشكوى من حكم المباراة. دائما يمارسون الضغط.

لكن ليس ضغط يحول دون احتساب اخطاء ينبغي ان يراجعها الفار. انا لا اتحدث عن نظرية مؤامرة، لكن أرى أمامي، مثلما يشاهد العالم، تاريخ ريال مدريد، الذي تنظفه البطولات.

لأنه الفريق الملكي، لأن الملك الروماني كومدينوس، الذي أراد تنظيف سمعته وتحسين صورته، قرر أن يصارع أمام شعبه، رغم أنه لا يشبه أسلافه المحاربين، لم يكن بارعاً كمقاتل. فشل في قيادة جيشه. نزل إلى الحلبة ليصارع في لعبة يفوز فيها من يقتل خصمه.

لكن كومدينوس بوصفه الامبراطور يجبر مصارعيه على استخدام سيف لا يقتل، وكان ببساطة يقتل خصمه. كان هذا السيف الذي لا يعمل في بطولة الليجا هو الحكم، وغرفة الفار، الذي ينبغي ان تراجع أخطاء بالجملة حدثت وتصوبها. لكنها تعطلت ليفوز الملك.

المضحك أن برشلونة ليس في أفضل أحواله، على العكس، يتفوق مدريد على كل المستويات، من حيث التشكيلة، من حيث خبرة المدرب وجودته، من حيث انه يلعب في أرضه. لكن سيف الحُكم تعطل لمصلحة فريق الملك، فريق بزغ سيطه وتاريخه خلال الحقبة الفاشية. كانت مسألة كبرياء، ينبغي أن يفوز الملك، مع أنه لن يُقتل، ولم تكن لعبة موت رومانية، إنها كرة قدم.

لم يكن فقط هذا، كنت أشاهد سيكولوجية مرضية، تزينها البطولات، بلاهة الجمهور الذي يتحدث عن البطل. سيكولوجية تصبح جزء من الشعور بالنقص الذي عاناه كومدينوس ولم يكن بمقدوره أن يكون بطلاً. وجمهور مدريد هو غوغاء روما الذين مجدوا بطلهم الزائف.

لكن روما حتى في أبشع لحظات استبدادها كانت عادلة بعض الشيء، اغتيل كومدينوس بسبب جرائمه. لا ينبغي الحكم على مدريد بهذا الفعل الشائن، أي الاغتيال.

لا يمكن القول أن جميع بطولات مدريد مسروقة، ايضاً لا يمكن التشكيك بنقاء كرة القدم، لأن العالم يشاهدها بوصفها عادلة، خلافاً للحياة.

لا يمكن اغتيال كرة القدم لأن مدريد يلطخها مراراً. انها لعبة واقتصاد، صنعت ملكها الأوروبي على غرار كومودينوس البطل الزائف. لكنها ايضاً لعبة جميلة، لا يمكن الغاء البطل المزيف، لأنه لم يكن دائماً كومودينوس، فهناك ألعاب جميلة، لمحات بطولية تحدث، لكن حين يضيع يتم ترقيع بطولاته على غرار كومودينوس، الذي ورث ابيه الملك المحارب والفيلسوف الرواقي. ولم يكن لا محارباً حقيقياً ولا فيلسوفاً، لكن مدريد محارب، ولو ترك لخصومه أسلحة فاسدة، يعطلها التحكيم.

ماذا يمكن ان يقول دهماء روما الكونية، روما كرة القدم، بالتأكيد سيجدون آلاف العبارات الساذجة. بينما على الأقل اواسي نفسي بأني كنت مصيباً إلى حد كبير. ليس فقط لأني تخليت عن تشجيع هذا الفريق، بل شعوري حين شاهدت لعبه، بأن هناك شيء مصطنع وزائف. المؤسف أن كومودينوس كرة القدم، أي مدريد، يشوه اللعبة بفجاجة. بينما كانت الأمور تحدث سابقاً في الخفاء، وليس في غرف الفار التي يشاهدها ملياري انسان.

لكن غوغاء كرة القدم، لا يجدون أي شعور بالعار، كانت روما ستشعر بالعار إذا عرفت ان ملكها يزور بطولته، وشعرت بالعار، حين غدت عاجزة ان تحارب، واحترقت. بينما غوغاء مدريد ليسوا كما غوغاء روما، كانت تلك أزمنة الفروسية. والان لم يعد هناك ما يثير الحزن، في عالم يقوده رجال صغار، وتثيره المواضيع الصغيرة، ومدريد هو انعكاس لما نعيشه حتى في مدننا، المشهد الكامل لرداءة العالم. انها مجرد لعبة، لكن السيف الزائف، جعل الجمهور لعبة غبية، وها هم يرفعون من شأن الامبراطور الذي كان سبباً في مرض روما، أقصد كرة القدم.

المصدر
من صفحة الكاتب
زر الذهاب إلى الأعلى