[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

إشكالية الخلط بين الأمن العام والخاص.. مأرب أنموذجًا

د. لمياء الكندي تكتب: إشكالية الخلط بين الأمن العام والخاص.. مأرب أنموذجًا


تعتبر قضية الحريات واختلاف مسارات الدفاع عنها وحماية الأمن الجمعي (العام) غاية مشتركة تسهم فيها جميع الكيانات والتجمعات والأفراد بما فيها الدولة بمختلف مؤسساتها، وخاصة الأمنية.

وتمثل بعض الاختلالات الأمنية والاجتهادات الفردية أو المنظمة التابعة لبعض الأحزاب أو طريقة إدارة الدولة عبر مؤسساتها الأمنية لمفهوم الأمن العام وحمايته إشكالية تعيق تحقيق هذا الأمن، خاصة وأننا نعيش واقع حرب تستهدف من خلاله الدولة والأحزاب والأفراد والمجتمع ككل بهدف تقويض السقف العام لأمننا المشترك تحت قيادة دولة شرعية ما زلنا حتى هذه اللحظة نقاتل لاستعادة حضورها الكامل والفاعل حتى بلوغ النصر على قوى التمرد الحوثية واستعادة اليمن لصنعائه وإنسانه الكبير.

ومن هنا، أدعو كافة الناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكل القوى الخيرة الفاعلة في المجتمع، وبالذات المدنية والقبلية الفاعلة والمؤثرة، إلى تشكيل هيئة رقابية شعبية مرجعية مستقلة تمثل المجتمع المحلي في مأرب. تكون مهمتها المشاركة في الوساطات حول القضايا الخلافية والحقوقية التي تنشأ نتيجة اختلال في فهم العلاقة وسوء تقدير المواقف بين بعض الأشخاص الذين يتم اعتقالهم على خلفية مواقفهم وآرائهم السياسية أو مطالبهم الحقوقية وبين الأجهزة الأمنية والاستخبارات في الدولة. وسد ثغرة دعاوى الفوضى أو المظلوميات والاتهامات المتبادلة والتخوين بين طرفي الخلاف (الأشخاص وأجهزة الضبط بالدولة). وتكون مهمة هذه الهيئة الاطلاع المباشر على حيثيات الاعتقال وأسبابه ودعم تحقيق العدالة وإسنادها قانونيًا، وإيضاح حقيقة ومسببات الاعتقال للرأي العام عبر وسائل الإعلام المختلفة للحد من الفوضى وتهافت الأقلام السائبة على الصيد بالماء العكر وتصوير مأرب وكأنها مقاطعة تحكم بمنطق جماعات العنف والإرهاب. في حين أنها، وللأمانة، روح الجمهورية، وأن أي إساءة لها أو لأجهزتها الأمنية تعني الإساءة لتضحيات الشهداء والجرحى والنازحين والأبطال والمقاومين.

ليس من مصلحة أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، وليس في صالح الأحزاب والكتل السياسية ولا في صالح المدافعين عن قيم الجمهورية أن يحدث شرخ في العلاقة بين الأمن العام الذي توكل بتحقيقه وضمانه أجهزة الدولة وبين أصحاب الرأي والموقف السياسي من نشطاء وكتاب ومناضلين تجتمع أهدافهم بالدفاع عن هذه الأرض واستعادة دولتهم، ولكن تختلف وجهات نظرهم لدرجة توحي بتصادم هذه الآراء والمواقف مع الأمن العام.

قلنا سابقًا، ولا زلت أؤكد على ضرورة استقلالية أجهزة الدولة عن تبني خطاب فئوي أو حزبي معين، وأن تعمق حمايتها للأمن العام وفق دستور وعقيدة الجمهورية وليس الجماعة والحزب كما يجري اتهامها.

وأدعو كل المثقفين والنشطاء وأصحاب الحسابات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي إلى عدم طرح الآراء الشخصية والأحكام المسبقة تحت تأثير الدعاية الموجهة للنيل من الأداء الأمني لأجهزة الدولة كي لا يقعوا في فخ الانقسام والفرقة التي يسعى رعاتها لإغراق مجتمعنا ودولتنا في وحلها وجرنا نحو الاختلاف والإقصاء وتشويه تضحيات المجتمع والدولة والأحزاب الجمهورية في مأرب.

علينا جميعًا أن نتدارك السقوط في مستنقع تهم التخوين والإساءة لبعضنا والكف عن جعل الدولة وأجهزتها غريمًا وخصمًا لنا، وأن نراعي حساسية الموقف الذي تفرضه المرحلة، وإعطاء الدولة الوقت للنظر في بعض القضايا التي تتعلق بالأمن العام. وهذا لا يعني إلغاء الدور الذي يقوم به البعض في مراقبة وتقدير هذا الدور بقدر ما نرجو توجيهه وترشيده ليكون في مصاف النصح والتصحيح إذا ما حدث اختلال من قبل أجهزة الدولة أو سوء في إدارة بعض المواقف.

ودمتم بخير.

زر الذهاب إلى الأعلى