[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

د. لمياء الكندي تكتب: تعز روح الشعب

د. لمياء الكندي تكتب مع فتح الطريق الأهم في المدينة المحاصرة منذ تسع سنوات في اليمن: تعز روح الشعب


تبقى الحرية هي القيمة الأسمى التي تكافح لأجلها الشعوب. في تعز، لم تكن مطالب الحرية ترفًا فكريًا أو امتيازًا سياسيًا، لقد كانت الحرية في تعز تعني الحق في الحياة، الحق في التنقل، في السفر، في طلب الرزق، في زيارة الأقارب، في تبادل المنافع، في حق الوصول الآمن والإقامة الآمنة. شيء من هذا الحق في الحرية تم استرداده اليوم عبر فتح الطرقات وكسر الحصار وإزالة متارس الفصل العنصري الذي عانت منه المدينة لسنوات طويلة.

ها هي اليوم تعز تستعيد ذاتها وشعبها، تدوس خطوات أهلها الطيبين على ما تساقط وتمت إزالته من جدار الفصل العنصري لتخبر العالم أجمع أنه لا ليل يدوم ولا معاناة تستمر، هذا هو سر الحياة.

يحق لتعز اليوم أن تبتهج وأن تحتضن شوارعها وحاراتها بعضها البعض، وعلينا أن ننصت لحديث الوجع وأن نستمع لقصص المعاناة وأحاديث الشوق الذي تبرره لهفة اللقاء بعد قطيعة أذكتها الحرب بكل خبثها وغذتها بأحقادها.

أمام تعز اليوم استحقاق كبير لم ينتهِ بفتح الطرقات؛ أمامها جراحات عديدة لانقسام مجتمعي وسياسي سعت جماعة الموت الحوثية إلى تكريسه وفرضه على الناس بالقوة، للدرجة التي أصبحت حياة الناس تدار من خلاله.

فتحت الطريق، وفتحها لا يعني نهاية للوجع ولا للانقسام بقدر ما يمثل خطوة شعبية مهمة لكسر الحصار.

يتبقى أمامها اليوم تحدي ما بعد كسر الحصار، تحدي تسيير حياة الناس الاقتصادية ومنافعهم المتبادلة. في مدينة سيضطر فيها المواطن إلى أن يحتفظ في جيبه بعملتين كي يحاسب إيجار الباص القادم من مناطق سيطرة الحوثيين أثناء انتقاله إلى وسط المدينة، وعلى ذات المواطن أن يدفع إيجار الباص بعملة الحكومة الشرعية إذا ما قرر العودة إلى مناطق سيطرة الحوثيين. وهذا مثل بسيط على جريمة الفصل والسيطرة الحوثية على أجزاء من هذه المدينة التي لا يختلف الوضع فيها عن غيرها من المدن.

على المواطن في تعز أن يعد نفسه للتعامل مع سلطتين وأن يلتزم بقانون الحرب، حيث لا مجال للحرية ولا مجال للتنقل دون أن يعترف ضمنًا بخضوعه لواقع قهري يسلبه حريته وحركته وفكره وأسلوب حياته، فما زال قناص الموت الحوثي يعتلي أسطح المنازل كي يسدد رصاصته على رؤوس وصدور العابرين.

الحكاية لم تنتهِ بإزالة حواجز ترابية ولا متارس قتالية في مناطق التماس، فكل هذا لا يغني عن حقنا في العيش الكريم تحت سلطة شرعية واحدة تنهي معاناة الشعب وتستعيد روحه الأصيلة التواقة لنظامه الجمهوري ووحدة كل أرضه.

زر الذهاب إلى الأعلى