آراء

الحوثيون.. شعارات جوفاء، ونهاية محتومة!

سمير رشاد اليوسفي يكتب: الحوثيون.. شعارات جوفاء، ونهاية محتومة!


كيف لجماعة بدائية أن تحكم شمال اليمن؟ الجواب بسيط: الشعارات الفارغة والعنف المستمر. الحوثيون وصلوا إلى السلطة كما يصل الممثل الفاشل إلى المسرح: يصيح كثيرًا، يتحرك عشوائيًا، لكنه لا يقدّم شيئًا ذا قيمة. يظنون أن تكرار الشعارات البالية يكفي لإدارة دولة. لكن الحقيقة؟ لا يفهمون في الحكم سوى الزعيق والعنف.

الحوثي ليس الأول في هذا الجنون. قبله، وقف عبدالناصر صارخًا: "سألقي بإسرائيل في البحر!"، فكانت النتيجة نكسة بحجم الجبال عام 1967. ثم جاء صدام حسين، الذي اعتقد أن بغداد ستصمد أمام العالم، لكن في النهاية وجد نفسه يختبئ في حفرة، مُرتجفًا بشعر منكوش كطفل مذعور. أما بن لادن، الذي توعّد العالم بالدمار الشامل، فقد ألقت أميركا جثته في البحر، فريسة للأسماك. والآن، يأتي الحوثي محملاً بشعارات جوفاء، ليعيد تكرار نفس الملهاة المأساوية.

من عبدالناصر إلى القذافي، مرورًا بصدام وبن لادن، لم يتعلم أحد. القذافي، هذا "المخترع العظيم" للهراء، الذي دعم الاشتراكيين اليمنيين بالألغام والأسلحة في السبعينيات، انتهى قتيلاً في مجاري الصرف الصحي. كلهم انتهوا بالضياع، والحوثي يسير على نفس الطريق، يقود اليمن إلى الظلام.

أما إيران، فهي الراعي الرسمي لهذا السيرك العبثي. تحاول تكرار تجربة عبدالناصر في اليمن، لكنها تتجاهل الفارق الكبير. عبدالناصر، رغم أخطائه السياسية، دعم ثورة حقيقية للشعب اليمني ضد الظلم، لكنه خرج من اليمن بعد خمس سنوات بخسائر فادحة بسبب محاولاته استخدام الثورة ضد دول الجوار. أما إيران، فهي تدفع الحوثيين نحو الفوضى والدمار دون أدنى اعتبار لمصلحة اليمنيين، متجاهلة أن العالم من حولها قد تغيّر. الحوثيون غارقون في أوهام الماضي، بينما خصومهم يواجهونهم بأحدث أدوات التكنولوجيا العسكرية.

وبينما الحوثيون وحزب الله ومن خلفهم إيران يتشبثون بشعاراتهم البالية، نجد أن خصومهم في إسرائيل يستغلون "الدرونز" و"الذكاء الاصطناعي" في المعارك، في حين لا يملك الحوثي سوى صواريخ بالية وأكاذيب تتكرر. حزب الله، الذي يصرخ دائمًا باسم المقاومة، لا يختلف عن الحوثيين؛ كلاهما يعتمد على الضجيج الإعلامي، لكن في الواقع، كل هذا الصراخ ينتهي مع أول "رنّة بيجر" من إسرائيل.

ولعل المشهد الأكثر كوميدية هو "عبدالسلام فليتة"، نسختهم المعدلة من "محمد سعيد الصحاف"، الذي كان يُعلن في بغداد عن انتصارات وهمية، بينما كانت القوات الأمريكية على أبواب المدينة. يجلس فليتة الآن في سلطنة عمان، يطلق الأكاذيب ذاتها التي كان الصحاف يبثها، متوهمًا أن العالم أعمى ولا يرى ما يحدث.

لا يمكن أن نغفل دور الإعلام المأجور في هذه المهزلة. "عبدالباري عطوان"، الذي كان يسبّح بحمد صدام وبن لادن، عاد اليوم لينفخ في قربة الحوثيين المثقوبة. إنه يعيد تكرار نفس الدور المملّ، متوهمًا أنه يُصنع بطولات على الورق، بينما الحقيقة أن من يدافع عنهم يسيرون نحو النهاية المحتومة.

في اليمن، القصة نفسها تتكرر. من الناصريين إلى الاشتراكيين إلى السلفيين إلى الإخوان المسلمين، والآن الحوثيين. كلهم وعدوا بالتغيير، لكن النتيجة؟ أوهام تبعثرت في مهب الريح. الحوثيون ليسوا استثناءً، وإن كانوا يتوهمون ذلك.

التاريخ واضح: الشعارات لا تحكم. ومن يتوهم أن مجرد الصراخ كافٍ للسيطرة، مصيره الانهيار. الحروب لا تُربح بالشعارات، والتاريخ لا يرحم من يكرر نفس الأخطاء. الحوثيون، بدعم من إيران، قد يكونون آخر فصل في هذه الملهاة اليمنية، لكن نهايتهم مكتوبة: شعارات فارغة، ودماء مهدورة، وزوال حتمي.

زر الذهاب إلى الأعلى