[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

العالم العربي والمخاطر والفتن

أحمد عبده ناشر يكتب عن: العالم العربي والمخاطر والفتن


تمر أمتنا العربية هذه الأيام بصراعات وحروب فُرضت من أطراف عديدة. ما جرى ويحدث اليوم هو رسم خارطة جديدة وإضعاف لدول المنطقة. فقد أُشعلت فتنة السودان لإضعافه واستنزاف مصر، وفرض سد النهضة كأمر واقع، وبدأ السودانيون يعانون ويقاوم البعض حفاظاً على سيادة الدولة واستقرارها. كذلك، عانت العراق من ظروف قاسية، وتواجه اليمن حرباً شرسة من عصابات وفتن دمّرت الاقتصاد وأثرت على سيادة الدولة، فيما دخلت ليبيا في صراعات مدمرة.

أما فلسطين ولبنان، فقد تفجرت فيهما حروب جديدة، وسيكشف التاريخ عن صفقات سرية إيرانية-إسرائيلية تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، واحتلال إسرائيل لمناطق السلطة الفلسطينية استناداً إلى القرار 242 وغيره، في تجاهل صارخ للاتفاقيات الدولية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية تحت صمت دولي. بالإضافة إلى ذلك، تتزايد حروب المخدرات وترويج الثقافة السلوكية السلبية بين الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مما يهدد بتفكيك الأسرة والمجتمع.

للأسف، لم يتم دراسة هذه التحديات بعناية. في الماضي، كان هناك مبعوثون عرب بارزون، مثل أحمد محمد محجوب، رئيس وزراء السودان، وأحمد بن سودة من المغرب، ووزراء خارجية العراق والجزائر وسعود الفيصل، رحمه الله، وزير خارجية المملكة العربية السعودية، الذين سعوا لوحدة الصف العربي. وفي الوقت الذي تتقدم فيه دول جنوب شرق آسيا في التنمية الاقتصادية والصناعية، تسير بلداننا نحو التفرقة المناطقية، والحزبية، والطائفية المتطرفة التي تدمّر البلاد لصالح أجندات خارجية.

للأسف، خدعت إيران من راهنوا عليها؛ ففي 7 أكتوبر، قتلت إيران هنية بعد اكتشافه لما يحدث، كما جرت تصفية قيادات من حزب الله التي انتهى دورها، وذلك للتنازل لإسرائيل عن مناطق من جنوب لبنان وأجزاء من الضفة وغزة مقابل توسع إيراني في العراق ومنافذ بحرية عربية. العرب لم يقرأوا جيداً ما يُخطط تحت الطاولة، وجعلوا اليمن مصدر تهديد للمنطقة وممراً للمخدرات التي تُستخدم لتدمير المجتمع عبر ممرات البحر العربي والبحر الأحمر، كما استخدموا الحبشة لإشغال مصر والسودان عن مؤامرة سد النهضة وإشعال السودان بحرب الدعم السريع.

وبعد تنفيذ هذه الأجندة، قد يكون مصير هذه الأطراف مثل مصير جنوب السودان. هكذا، يتم إضعاف العرب واستنزافهم. فمتى يستيقظ العرب، الذين شرفهم الله بالإسلام ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، الذين حملوا رسالة الإسلام الحضارية للعالم، ويتوحدوا؟

إن العقلاء مطالبون بأن يقرأوا بين السطور، ويوحدوا الكلمة، ويعترفوا بكارثة الربيع العربي والركض وراء السلطة والمناصب، التي دفعوا ثمناً باهظاً من أجلها. هل من عقلاء يوحدون الصفوف في مواجهة الخطر الكبير؟ إن إلغاء القرارات 242 و338 المتعلقة بالدولة الفلسطينية يعيد الجميع لنقطة الصفر، ومتى سيكتشف العرب لعبة إيران وإسرائيل التي تهدف إلى تدميرهم ونسف الجهود العربية لإقامة دولة فلسطينية، وتفتيت العالم العربي حسب خطة برنارد لويس؟

اللهم ارزق أمتنا الحكماء الذين يحفظون وطنهم وهويتهم. لو أن العرب احتفظوا بهويتهم المعتدلة كرسالة للإنسانية، لكان لهم شأن كبير، لكن العنصريات والطائفية والحزبيات بمختلف مسمياتها مزّقتهم. وقد وصف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هذه الفتن بأنها "منتنة".

اللهم أصلح أمة محمد، واهدِ الجميع لطاعتك، واصرف عنا الفتن والتطرف والتعصب ولغة الكراهية، واحفظ أجيالنا من الشر والغزو السلوكي والفكري. فالمسؤولية كبيرة للحفاظ على الأجيال من دعاة الشر والسلوكيات الخاطئة، وهذا واجب المدرسة والأسرة والمجتمع بأكمله.

زر الذهاب إلى الأعلى