عشرون عاما في البرلمان

عشرون عاما في البرلمان - نبيل عبدالرب
عشرون عاما في البرلمان - نبيل عبدالرب

نبيل عبدالرب يكتب: عشرون عاما في البرلمان 


(1) الفكرة والمسار

أود بداية الاعتراف بأني مدين بالفكرة للزميل العزيز الأستاذ توفيق الجند  الذي أشار علي قبل عامين بتأليف كتاب عن مجلس النواب.

الواقع أنني استحسنت الفكرة، لكني ترددت لعدة أسباب من بينها ضعف الدوافع الشخصية -حتى لا أدعي المثالية- ومراعاة ارتباطات واعتبارات، بالعادة تكبل صاحبها وتقيده، وتفرض عليه حذرا شديدا حيال مؤسسة ذات حساسية سياسية عالية مليئة بالتباينات والخلافات لدرجة أنها مثلت أهم حلبات الصراع بين الفرقاء، وبوتقة صبت فيها ديناميكيات الحياة اليمنية بأبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

لم يكن التردد -للأسباب الآنفة - هو العائق الوحيد، وإنما الحيرة كذلك بين التناول العلمي الأكاديمي، منضبط المنهجية والموضوع، وبين التحلل باتجاه الاكتفاء بعرض مشاهدات وانطباعات عن منعطفات ووقائع وأشخاص، وبلغة إعلامية بسيطة وانسيابية.

اخترت البديل الثاني، مع الكتابة على شكل مقالات أنشرها في صفحتي هنا، ولمن وجدها مناسبة من الزملاء للنشر في منصاتهم ووسائلهم الإعلامية، مرحبا بأية ملاحظات قابلة للاستيعاب مع تدقيق وترتيب أكثر عند جمع المقالات وإنزالها في كتاب إن شاء الله.

لغة الانطباعات والمشاهدات رأيتها أنسب إلى تعريف الناخبين بالكواليس البرلمانية التي لا تظهر على الشاشة، ومشاركتهم الاطلاع على أهم مؤسسة رسمية يلتصقون بها عبر ممثليهم من النواب. إلى جانب أن هذا الاتجاه من التناول هو ما ينقص المكتبة اليمنية في الشأن البرلماني.

كنت أخطط لتقسيم مشاهداتي على خط زمني يتضمن الفترات: من 2003 حتى 2010، ثم من 2011 إلى 2014، ومن 2015 حتى 2017، وانتهاء بالفترة 2018 إلى 2024 ، غير أني عدلت عن ذلك -أو على الأقل تركته حتى نظم المقالات في كتاب - إلى إطلاق العنان للقلم ليقول ما يشاء، تجنيا للتورط في الالتزام الأكاديمي، ولأن من أغراض الكتابة -طالما وقد آثرت المشاهدات- التعريف السهل بالبرلمان كآليات وقيادات وظيفية ونيابية، أي أن الأشخاص المؤثرين هم مسار أساسي في الطرح لالتقاط صور النشاط البرلماني، سواء بالسلب أو الإيجاب، أكانوا أعضاء أم موظفين قياديين، وهؤلاء جميعا من غير الممكن تقسيم سلوكياتهم كأفراد بالتكافؤ مع الفترات البرلمانية المستهدفة.

على ذلك سأحاول عرض ما سبق- دون التزام صارم - كمقالات عن نواب عرفتهم بقدر معقول، وقيادات من الموظفين أثر بعضها حتى أكثر من النواب أنفسهم على العمل البرلماني، بينهم جنود مجهولون ومنهم سيئون، أسوأهم ما يُعرف وسط همس الموظفين بثالوث الشر (عبد الشيطان، الشمطاء المدلله، الشايب العايب) ولعلي أبدأ بهؤلاء نزولا عند رغبة بعض الزملاء، دون إغفال الصورة العامة عن محطات رافقت الأداء البرلماني الكلي خلال العشرين سنة الفائتة.ا