هل يصبح اليمن عضواً في المجلس الخليجي؟
هل يسعى الخليج فعلاً هذه المرة إلى تأهيل اقتصاد اليمن الفقير لتسهيل عملية اندماجه إلى الاقتصاد الخليجي، ويصبح اليمن الدولة السابعة في مجلس التعاون الخليجي؟
المراقبون والاقتصاديون سواء في دول الخليج أو في اليمن يؤكدون أن دول الخليج لا تزال تتعامل بعدم جدية في هذا الملف، وبأن هناك العديد من الإشكاليات التي تجعل دول الخليج تؤجل أو ترجئ هذا الأمر ربما إلى المستقبل القريب أو البعيد، وبأن هناك احتمالا آخر، وربما هو الأرجح، يتمثل في عدم ضم اليمن إلى المجلس الخليجي نهائياً.
إعلان الرياض، الذي ألقاه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، في قمة زعماء الخليج بالعاصمة السعودية الرياض، الأسبوع الماضي، تعهد بعملية التأهيل وإعادة الإعمار، لكنه لم يوضح كيف يمكن أن يتم تأهيل اقتصاد اليمن الذي تتجاذبه الحروب، وهل هناك برنامج زمني لهذا التأهيل يثبت جدية الخليج هذه المرة في الاعتناء بجاره الغارق في الأزمات.
يعيش اليمن منذ عقود في أزمات تفاقمت عاماً بعد آخر في ظل نظام الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، وتزايدت بعد ثورة فبراير 2011، التي خرجت تطالب ب"يمن" أفضل لا أزمات فيه ولا فساد، وصولاً إلى استيلاء مليشيا الحوثي والقوات الموالية لصالح على السلطة وسيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، وخوضها حروباً جنوباً وشمالاً ضد الشرعية والسعي إلى السيطرة على باقي المدن بقوة السلاح.
بعد تدخل دول الخليج في اليمن من خلال تحالف "عاصفة الحزم" في مارس/آذار الماضي، قبل أن تتحول إلى "عاصفة الأمل" وتوجيه ضربات جوية ضد مليشيا الحوثي وقوات صالح في جميع محافظات البلاد؛ ذهب البعض إلى الحديث مجدداً حول انضمام اليمن إلى دول الخليج، وذكر الكثير من المحللين أن دول الخليج قد استشعرت هذه المرة أهمية ضم اليمن إلى المجلس رسميا وتحدث الكثير من الخبراء، سواء في الخليج أو اليمن، هذه المرة، بأن الخليج أدرك أنه لا بد من وضع حل جذري ينهي الأزمات المنتشرة لدى جاره الفقير، والتي وصلت إلى أكبر دول المجلس الخليجي، وهي المملكة العربية السعودية.
يتحدث خبراء، وأنا أذهب معهم في هذا الرأي، أن دول الخليج وبعد تسعة أشهر من تدخلها في اليمن ضد مليشيا الحوثي وقوات صالح، ورغم استشعارهم لخطورة الوضع الحالي في اليمن وتأثيره ليس في فقط على دول المجلس وإنما على المنطقة بشكل عام؛ لا يفكرون بجدية في ضم البلد الفقير إلى المجلس الخليجي، وبأن سياسة تقديم المساعدات والمشاريع التنموية ستعود مجدداً، وإن كانت هذه المرة بشكل أكثر نتيجة الدمار الذي لحق بالبلاد من الحرب الداخلية والضربات الجوية التي نفذها تحالف "عاصفة الحزم".
ما يؤكد هذه النظرية، أن اليمن، سواء في البيان الختامي لقمة زعماء الخليج أو إعلان الرياض، لم يتواجد بشكل واسع، وإنما أخذ حيزاً مثله مثل بقية الدول التي ناقش زعماء الخليج الأوضاع فيها، مثل سورية وليبيا وفلسطين، وهو ما يعني أن دول الخليج لا تزال تتعامل مع اليمن كما السابق.
ورغم أن الحكومة اليمنية تتواجد في الرياض وقبلها كان الرئيس بنفسه يقيم هناك، لم توجه قمة زعماء الخليج دعوة لليمن ليكون حاضراً في المشاورات، ولو حتى كضيف شرف، باعتبار أن الوضع الحاصل في البلد يستدعي هذا الأمر، وهذه نقطة أخرى توضح أن دول الخليج لا تزال غير مقتنعة بالتعامل مع اليمن كعضو مستقبلي في المجلس الخليجي.
على مدى العقود الماضية، كان الخليج يرى ويعي الأزمات التي يعيشها جاره الفقير، وكانت العديد من الدول الخليجية تقوم بتقديم المساعدات والمنح ودعم البلاد بمشاريع تنموية وخدمية، لكنها مساعدات لا تحدث الفارق على الأرض ولا تساعد البلد على النهوض الاقتصادي، وهو ما يبدو أنه لن يتم في المستقبل القريب أو البعيد، بحسب كثير من الخبراء.
دعت أيضاً دول الخليج، في بيان قمة الرياض، إلى عقد مؤتمر دولي لإعمار اليمن بعد التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة هناك، والتي أودت بحياة نحو 6 آلاف شخص، وأحدثت أضراراً واسعة النطاق في الاقتصاد والبنية التحتية للبلاد، لكن هل يستطيع مؤتمر واحد إعادة إعمار اليمن بعد كل الدمار الذي لحق به خلال الأشهر التسعة الماضية..؟ هذا ما يجب أن تفكر فيه الحكومة الشرعية في الوقت الراهن، وتنسق فيه مع دول الخليج وتسعى بشكل جدي إلى إثارة ملفي الاقتصاد والإعمار مع دول الخليج والعالم خلال الفترة القادمة.