عامٌ بلا إنسانية في اليمن
يعيش اليمن حالة معقدة من تدهور الوضع الإنساني. في العام 2015 وصل هذا التدهور ذروته نتيجة تفاقم الوضع السياسي والأمني، حيث تشهد 11محافظة من بين 22 محافظة اقتتالاً مسلحاً أفضى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية للسكان ونزوح داخلي وصل إلى أكثر من 3 ملايين نسمة.
يقابل ارتفاع معدلات النزوح ضعف العون الإنساني، الذي وُصف خلال العام 2015 بالسلبي، خاصة أن الاحتياجات الإنسانية خلال العام نفسه بلغت ذروتها. ويُعد العام 2015 عاماً صعباً على اليمنيين، حيث زادت حاجاتهم للعون الإنساني، إلا أنهم لم يحصلوا على ذلك العون، حيث تغيب المساعدات الإنسانية، وتتعاظم الأزمات الاقتصادية أمام 82% من السكان، وفقاً للتقارير الرسمية والدولية.
ارتبط ضعف العمل الإنساني في اليمن بالكثير من التحديات، أهمها عدم التزام الأطراف المتصارعة بالهدنة الإنسانية من أجل تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، إضافة إلى غياب الأمن الذي زاد من تفاقم معاناة الناس في محيط الصراع، وكذلك النازحين الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء والمأوى والملبس والرعاية الصحية.
وضع مأساوي
بشكل عام، فإن الوضع الإنساني للنازحين في اليمن مأساوي، حيث تغيب الحماية للمدنيين، خاصة أن أطرافاً في النزاع لا تتقيد بالحماية، ولا تلتزم بالقانون الدولي الإنساني، الأمر الذي جعل حياة الناس والبنية التحتية عرضة للاستهداف العسكري. كل ذلك شكل عائقاً أمام العون الإنساني لتصل أعداد من هم بحاجة إلى الحماية خلال العام 2015 بحسب البيانات الرسمية إلى 14.1 مليون يمني، كما أن الصراع الذي شهده العام 2015 خلف حو إلى ثلاثة ملايين نازح يحتاجون إلى مأوى، فضلاً عن العديد من النازحين الذين هربوا إلى أقاربهم في الأرياف، مما تسبب في خلق أوضاع اقتصادية صعبة لدى الأسر المستضيفة والتي أغلبها تعاني من الفقر المدقع، ليصبح عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي في اليمن حو إلى 14.4 مليون نسمة، فيما يعاني نحو 19.3 مليون نسمة من انعدام المياه والصرف الصحي منهم 6 ملايين نسمة بسبب الصراعات المسلحة، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على حياة الناس، خاصة أن ذلك تزامن مع قصور كبير في الرعاية الصحية لحو إلى 14.1 مليون نسمة.
من جهة أخرى، فإن الاحتياجات الإنسانية للوصول إلى التعليم خلال العام 2015 كانت حاضرة بقوة، حيث بلغ عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى العون الإنساني للوصول إلى التعليم نحو 1.8 مليون طفل وفقاً للبيانات الرسمية.
وتشير الدراسات إلى أن الحاجات الإنسانية في 2015 توسعت بشكل كبير بسبب الأوضاع في البلاد، إذ أن خطة استجابة العام 2015، أطلقت نداء عن حاجتها إلى 1.6 مليار دولار لإغاثة حو إلى 11.7 مليون مستهدف من أصل 21.2 مليون نسمة بحاجة إلى تدخل إنساني. ووفقاً لتقارير التقييم الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن إجمالي المبلغ الذي تم استلامه يُقدر بحو إلى 775 مليون دولار أي ما يعادل 48% من نداء استجابة فقط.
ويقاس حجم المعاناة الإنسانية في اليمن خلال 2015 وفق عاملين أساسيين، هما الكثافة السكانية، وحدّة الصراعات المسلحة، حيث برز دور المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة في الجانب الإنساني خاصة مع تدهور أوضاع الحكومة اليمنية مالياً وإدارياً، في حين أن منظمات المجتمع المدني المحلية لم يكن لها دور قوي بالنظر إلى الاحتياجات الإنسانية الكبيرة، وارتفاع حدة المعاناة في أغلب المحافظات اليمنية.