إدارة الخدمات.. مهمة جديدة لـ"القاعدة" في حضرموت
تنذر الأوضاع في محافظة حضرموت اليمنية، وتحديداً في مدينة المكلا التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة بمواجهة عسكرية بين قوات الشرعية اليمنية من جهة وعناصر التنظيم من جهة ثانية، وهو ما بدأت أولى ملامحه أول من أمس الثلاثاء، عندما لجأت قوات التحالف العربي إلى إنذار جميع السفن المتواجدة في ميناء المكلا بمغادرته على الفور بالتزامن مع أنباء بعدما شهد ميناء المكلا حركة ملاحية غير مسبوقة في استيراد البضائع خلال الأسابيع الماضية، وذلك عقب تسهيلات جمركية وفّرها تنظيم القاعدة.
وكان سكان مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، قد اعتادوا طوال الفترة الماضية على مظاهر التحرك الأمني وتجوّل مسلّحي تنظيم "القاعدة" الذي يسيطر على المدينة، لكن ما لم يألفوه حتى وقت قريب كان إشراف التنظيم على حلحلة بعض المشكلات الخدمية، كالكهرباء والصرف الصحي، بعد أشهر من تركيز التنظيم على ما يسميه "الجهاد" و"صدّ المدّ الحوثي". وتتزامن هذه التحولات التي تشهدها المحافظة مع تعيين أحمد سعيد بن بريك محافظاً جديداً لحضرموت خلفاً لعادل باحميد، الذي استقال من منصبه على خلفية ما سمّاه "تهميش ولامبالاة الحكومة للمحافظة"، وبعد تصريحات لرئيس الحكومة، خالد بحاح، يصرّ من خلالها على "ضرورة تحرير مدينة المكلا، لكن المعطيات الميدانية تشير إلى أن التنظيم ذاهب في تثبيت جذوره في المدينة".
ويأتي هذا التوجه من قبل "القاعدة" كردة فعل يصفها البعض ب"الطبيعية" بعد إغلاق الحسابات المصرفية للمجلس الأهلي، الذي أدار الشؤون الخدمية بالمدينة طيلة الأشهر الماضية. لكن أزمة المجلس الداخلية وتقديم قرابة نصف أعضائه استقالاتهم، فضلاً عن خلافهم مع التنظيم، دفع الأخير لتبنّي تقديم عدد من الخدمات المتعلقة بحياة السكان. واستفاد التنظيم من المليارات التي غنمها من فرع البنك المركزي، إبان سيطرته على مدينة المكلا في أبريل/ نيسان الماضي. وشوهدت خلال الأيام الماضية مجموعة من السيارات والمعدات التي يشرف عليها التنظيم، تعمل على إصلاح شبكة المجاري التي تضرر جزء كبير منها بفعل إعصار تشابالا، فضلاً عن ظهور فرق أخرى تعمل على صيانة منظومة الكهرباء. من جهته، يكشف مصدر مستقيل من المجلس الأهلي، لـ"العربي الجديد"، عن أن "التنظيم تسلّم ملف أزمة الكهرباء والمياه والصرف الصحي، فضلاً عن تشغيل ميناء المكلا وإشرافه على بيع المشتقات النفطية". ويلفت المصدر إلى أن "التنظيم استعاد تحكمه بالملف الأمني في مدينة المكلا، الذي كان قد سلّمه للمجلس الأمني جزئياً بعد اتهامه بالفشل، وعاد ليمارس القضاء من خلال المحكمة الشرعية التي أقامها".
ويشير المصدر إلى أن "التنظيم عمد إلى إغلاق حسابات المجلس الأهلي في المصارف لتجميد عمله"، لافتاً إلى أن "هذا الإجراء مرهون بحل مشكلة المجلس وإعادة هيكلته". وعلى الرغم من أن التنظيم غنم قرابة 27 مليار ريال يمني (قرابة 125 مليون دولار) من فرع البنك، الذي اقتحمه فور سيطرته على المكلا، إلا أنه لم يتدخل في حلّ الأزمة طيلة الأشهر الماضية، معللاً ذلك بأن مهمته إعداد المقاتلين والوقوف ضد الحوثيين.
ويقول سياسيون، تحدثوا ، إن "تنظيم القاعدة يعتقد أن نجاحه في هذه الملفات الحساسة، سيدفع المواطن لدعم موقفه، خصوصاً أن الحكومات المتعاقبة قد أخفقت في هذه الملفات". ويشيرون إلى أن "التنظيم يعتقد أن بقاء هذه الملفات الخطيرة والمهمة لدى المواطن بعيدة عن إشرافه المباشر، سيتيح لخصومه العبث بها وإثارة حفيظة الناس ضده". ويُعيد السياسيون أنفسهم تحوّل تنظيم القاعدة واهتمامه بالخدمات إلى استتباب الأمن بالنسبة إليه، بعد زوال خطر دخول الحوثيين إلى المكلا، فتحوّل من إعداد المقاتلين إلى تقديم هذه الخدمات الأساسية، لتثبيت مركز حكمهم. ويؤكد السياسيون أن "التنظيم استفاد من الوضع الذي آل إليه المجلس الأهلي من ضعف وهشاشة، وعدم القيام بالدور المناط به وحالة السخط عليه من قبل الكثيرين". ويلفتون إلى أن "ما يقوم به عناصر التنظيم لا علاقة له بإمكانية انسحابهم أو بقائهم، فهم يعلمون أنهم ليسوا باقين طويلاً، لذلك يحاولون أن يظهروا للمواطن أن تحسين الخدمات جزء من مهمتهم في المكلا".