بدأت الحكومة الشرعية في اليمن حرباً اقتصادية لسحب القطاع المصرفي من الحوثيين، وإيقاف عبثهم بالقطاع المالي في البلاد. وأكدت مصادر حكومية، أن الحكومة قررت وقف الهدنة الاقتصادية مع الحوثيين وبدأت مشاورات مع مؤسسات عربية ودولية لإنهاء سيطرة المليشيا على القطاع المالي والمصرفي اليمني.
وأوضحت المصادر أن القرار الحكومي يأتي على خلفية العبث، الذي تمارسه جماعة في القطاع المصرفي اليمني واستنزافها الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد لتمويل حروبها، وتغطية التزامات إضافية خارج موازنة البلاد.
وبحسب المصادر نفسها، فإن الحكومة تعمل على وضع حلول لمحافظ البنك المركزي لسرعة إيجاد بنوك بديلة وعمل مالي بديل، مع الاستفادة من الأصول الثابتة من الخارج، ونقل الاعتمادات المركزية وصلاحيات الإنفاق إلى مدينة عدن (جنوبي اليمن)، بهدف تضييق الخناق الاقتصادي والتمويلي على تحالف الحوثيين وصالح.
وأوضحت المصادر أن وزير المالية سيمارس مهامه من مدينة عدن، العاصمة المؤقتة لليمن، وسيعمل مع فريق اقتصادي شامل لوضع خطة الموازنة العامة للدولة بالاستفادة من الموارد المحلية للموانئ، وقطاع النفط، والغاز، وقطاع الطيران، بالإضافة إلى الحصول على تمويلات خارجية مباشرة.
وكانت الحكومة، المدعومة من المجتمع الدولي، قد اتفقت مع الحوثيين على استقلالية المصرف المركزي والقطاع المصرفي بشكل عام، وتجنيبه الصراع القائم لمنع انهيار العملة الوطنية والقطاع المالي.
وحتى نهاية العام الماضي، كانت إيرادات بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية تورد إلى حساب البنك المركزي اليمني الخاضع لسيطرة الحوثيين، بحسب اتفاق الهدنة الاقتصادية مع الحوثيين.
وأكد مدير منفذ الوديعة بحضرموت، مبارك الصيعري، الأسبوع الماضي، أن جميع إيرادات المنفذ الخاضع لسيطرة السلطة الشرعية تم توريدها إلى البنك المركزي في صنعاء.
وقال الصيعري، في بيان: "بلغت إيرادات المنفذ خلال العام الماضي 2015 نحو 19.67 مليار ريال يمني، وتم توريد كامل الايرادات إلى البنك المركزي اليمني".
وكان نائب الرئيس اليمني ورئيس الوزراء، خالد بحاح، قد كشف، نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، أن مليشيا الحوثي سحبت ترليوناً ونصف تريليون ريال (نحو 7 مليارات دولار) خلال عام 2015 لتمويل حروبها العبثية التي استهدفت المدنيين، فيما قال وزير الخارجية اليمني إن جماعة الحوثيين نقضت الاتفاق على استقلالية المصرف المركزي والقطاع المالي، وأجرت تعيينات مخالفة في وزارة المالية، وإنها تعطل انعقاد مجلس إدارة المصرف المركزي.
وعين الحوثيون، منتصف يناير/كانون الثاني، محمد اللاعي ،رئيساً لمجلس إدارة بنك التسليف التعاوني الزراعي (حكومي)، ورغم توجيه رئيس الحكومة خالد بحاح بإلغاء القرار، أصر الحوثيون على ممارسة اللاعي لمهامه كرئيس للبنك ومقره بصنعاء التي تخضع لسيطرتهم.
وبدأ اللاعي، الأحد، ممارسة مهامه كرئيس للبنك بموجب قرار صادر عن اللجنة الثورية التابعة لجماعة الحوثيين، وعند ظهر أول من أمس، الأربعاء، أوقفت شركة "ويسترن يونيون" تعاملاتها مع البنك بسبب سيطرة مليشيا مسلحة عليه، حسب مصادر مصرفية أكدت ل "العربي الجديد" أن جميع المؤسسات المالية تتجه لوقف تعاملاتها مع البنك، الذي يعد أكبر بنك حكومي يمتلك شبكة واسعة من الفروع داخليا وخارجيا.
واعتبر الخبير الاقتصادي اليمني، أمين محمد الخرساني، أن الحكومة الشرعية تقاتل بدون سلاح البنك المركزي الذي لا يزال بيد تحالف الحوثيين وصالح.
وقال الخرساني: رئيس الوزراء أعلن عن رصد 20 مليار ريال لإنعاش التنمية المحلية في المحافظات المحررة، ويسعى للحصول على تمويلات خارجية، بينما المليشيا الانقلابية تصرف من البنك المركزي مئات المليارات من الريالات وتمارس العبث بالقطاع المالي والنقدي".
وأكد الخرساني أن على الحكومة الشرعية سرعة نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن، وعليها مخاطبة المؤسسات المالية الدولية بإيقاف التعامل مع المصارف التي تخضع لسيطرة الحوثيين.
ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء ومؤسسات الدولة في سبتمبر/أيلول 2014، تم استنزاف حو إلى 3 مليارات دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي لليمن، فيما ارتفع الدين الداخلي إلى مستويات قياسية.
وأكد مصدر في البنك المركزي اليمني، ل "العربي الجديد"، أن الدين العام الداخلي قفز إلى مستوى قياسي حيث بلغ نحو 25 مليار دولار حتى نهاية 2015، مقابل 17 مليار دولار مطلع العام نفسه.