آراء

الكويت.. بلد المحبة والسلام

يحمل أبناء اليمن على اختلاف توجهاتهم السياسية واتجاهاتهم الفكرية امتنانا خاصا لدولة الكويت الشقيقة؛ اميرا وحكومة وشعبا، فهي الدولة الخليجية الوحيدة التي أعطت بلا مقابل، ودعمت بلا ثمن، وبنت بلا من، ومنحت بلا حساب، وعمرت بلا إعلان وترويج وبربوجندا..

 
بل تعد الدولة الوحيدة التي وقفت إلى جانب اليمن في قضاياه التنموية والسياسية على حد سواء منذ العام 62 وحتى اليوم؛ دون أن يكون لها أجندة خاصة أو أهداف تكتيكية آنية وراء تلك المواقف..

 

الكويت، ذلك البلد الخليجي الصغير جغرافيا؛ كان سباقا إلى بناء الإنسان اليمني وليس إلى شراء ولائه وتوجهه؛ فأنشأت أول جامعة في اليمن وهي جامعة صنعاء، وتكفلت بالصرف عليها وعلى بعثات أخرى؛ تعليمية وطبية وثقافية لوقت طويل..

 

لن أقف كثيرا على نقاط ومرتكزات ومحطات العلاقات اليمنية الكويتية، لأنها تحتاج إلى مجلدات وليس إلى مجرد مقال صحفي (امتناني) من باب قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لايشكر الناس لايشكر الله، وذلك للجهود التي تبذلها الكويت هذه الأيام أميرا وحكومة؛ للاصرار على السلام وتقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع اليمني اليمني، وإنهاء الأزمة وإيقاف الحرب وحقن دماء اليمنيين وحفظ ماتبقى من بلادهم التي دمرت دمارا ممنهجا من الجو ومن الأرض لأكثر من عام، بل سأمر باختصار شديد جدا على أبرز تلك المحطات، تاركا المجال لتفصيلها إلى مقالات قادمة ان شاءالله..

 

كان موقف الكويت من الأحداث التي وقعت داخل اليمن بعد ثورة 26سبتمبر 1962م موقفا متميزا عن الاستقطابات التي حصلت انذاك والاصطفاف السعودي المصري الذي تطور إلى صراع مصالح ونفوذ إقليمي بين مشروعين سياسيين متضادين، حيث برز دورها في دعم المجال التنموي والاقتصادي من خلال المساعدات المالية ودعم مشاريع التنمية، اضافة إلى دعم المجالات التعليمية والثقافية وما قدمته الكويت في هذه المجالات كثير جدا..

 

اما في الشطر الجنوبي سابقا فقد كان للكويت دور كبير في دعم ثورة 14أكتوبر، حيث سعت مع عدد من الدول العربية إلى توحيد القوى الوطنية وفصائل الكفاح المسلح آنذاك ضد الاحتلال البريطاني الذي غادرها قريبا آنذاك..

 

وللكويت مع السلام اليمني قصة طويلة تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث لعبت الكويت دورا كبيرا في المصالحة بين اليمن وسلطنة عمان (1974-1989م)، وكان لها جهود فردية وأخرى بالإشتراك مع بعض الدول العربية في تلك الوساطة التي استطاعت إنهاء الصراع وإحلال السلام بين الدولتين الجارتين..

 

وفي العام 1979 حين اشتعلت الاشتباكات المدمرة بين الشطرين الشمالي والجنوبي آنذاك؛ وأعلنت السعودية وضع قواتها المسلحة في حالة تأهب قصوى واستدعت وحداتها العسكرية التي كانت ضمن قوات حفظ السلام في لبنان، وحركت قوات من الجيش والحرس الوطني إلى حدودها مع اليمن، بينما قامت أمريكا بتوجيه حاملة الطائرات «كونسثيليش» وثلاثة بوارج حربية إلى البحر العربي، وطائرتين تجسس نوع «أوكس» للسعودية شرط عدم استخدامها ضد إسرائيل واستخدامها ضد اليمن الجنوبي في اطار الاصطفاف السياسي القائم انذاك (الشمال مع رأسمالية أميركا والجنوب مع اشتراكية الاتحاد السوفيتي) كان للكويت رأي آخر؛ هو السلام..!!

 

وفي الوقت الذي كانت تحركات الرياض وواشنطن تهدف إلى توسيع الحرب بين أبناء اليمن بشطريه آنذاك لتنفيذ أجندات سياسية خاصة في اطار الحرب القائمة بين المعسكرين الشرقي والغربي والتي كانت ستحرق الأخضر واليابس في اليمن؛ كانت الكويت، الدولة الوحيدة التي سعت واجتهدت لصنع السلام بين اليمنيين وجمعت قيادة الشطرين على طاولة واحدة ونزعت فتيل الحرب، وقربت وجهات النظر بينهما في أول لقاء يجمعهما بعد لقاء طرابلس الغرب بين سالمين والارياني.

 
وللكويت يد بيضاء في تقديم مختلف المساعدات التنموية في مجالات التعليم والصحة والإعمار لشطري الوطن قبل الوحدة اليمنية في 22 مايو 90 ولها دور فاعل وهام في تحقيق الوحدة اليمنية، ودعم اليمن بالعديد من المساعدات الخاصة قبل الوحدة وبعدها؛ سواء تلك المساعدات المباشرة والمجانية أو تلك التي كانت تقدم عبر الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي وقروض الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية..

 
ولست أنسى الدور الفاعل للكويت في مؤتمر المانحين 2006 الذي حضرته شخصيا ضمن وفد إعلامي كبير رافق رئيس الجمهورية آنذاك إلى لندن، حيث تعهدت رسميا بمبلغ 200 مليون دولار، لكنها أبرمت العديد من الاتفاقيات الخاصة بالبناء والإنشاء والتجهيز لمنشآت تعليمية وثقافية ومرافق حيوية وبنى تحتية غير مدرجة في مؤتمر المانحين واوعيته وصناديقه الاستيعابية، الأمر الذي عد فريدا في التعامل الدولي آنذاك..

 
وللكويت مع السلام تاريخ حافل من النجاح، حيث ساهمت في وقف إراقة الدماء وتخفيف آلام العديد من الشعوب العربية والإسلامية في أوقات عصيبة وحرجة، ونجحت في إغلاق العديد من الملفات السياسية والعسكرية كالخلافات الخليجية الخليجية، والخلاف الأردني مع الفلسطينيين الذي كان مرشحا للتصعيد الدامي في أية لحظة، والخلاف العراقي الإيراني، والهندي الباكستاني وغيرها من دول العالم التي كان للكويت يد في نزع فتيل حرب أو إغلاق خلاف أو تسوية ملف أو تخفيف من وجع مصاب على أقل تقدير، والقاسم المشترك في كل ذلك كانت المصداقية التي تعاملت بها الكويت مع تلك الملفات والقضايا؛ وحياديتها وتمسكها بمبادئ السلام وحل النزاعات بالطرق السلمية والودية.
شكرا كويت السلام وأمير السلام وشعب السلام.. املنا فيكم كبير.. لقد تعبنا من الحرب وعبثيته المفرطة وتبعاته المخيفة..

زر الذهاب إلى الأعلى