تقارير ووثائق

مشاورات اليمن بين صراع الإرادات والتقاط الأنفاس

ما زالت مشاورات السلام باليمن التي تستضيفها دولة الكويت متعثرة وتراوح مكانها، رغم مضي أكثر من ثلاثة أسابيع على انطلاقها، ويؤكد مسؤولون ومحللون أن ذلك يعود إلى تكنيك "المراوحة وكسب الوقت والتراجع عن الاتفاقات" الذي يتبعه وفد الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح.

 

ويعتقد مراقبون أن الفشل هو المصير المنتظر لمحادثات الكويت، التي يبدو أنها منحت الحوثيين وصالح وقتا مستقطعا، لالتقاط الأنفاس والدفع بتعزيزات عسكرية إلى جبهات القتال.

 

وقال عبد الملك المخلافي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني -في تغريدة بصفحته الرسمية على تويتر- "إنه بعد ثلاثة أسابيع ليس في يدنا إلا قبض ريح، بسبب تراجع الطرف الآخر عن كل ما يلتزمون فيه".

 

وأضاف المخلافي أنه بسبب سلوك وفد الحوثيين وصالح "العالم يتأكد كل يوم أن الحكومة الشرعية تتصرف بمسؤولية وأنها ساعية للسلام، والحوثيون ليسوا إلا مليشيا غير ملتزمة ولا تتصرف بمسؤولية، وهذا إنجاز مهم".

 

رؤية الحوثيين
ويسعى وفد الحوثيين وصالح لإفراغ قرار مجلس الأمن رقم 2216 من محتواه عبر التركيز على بحث تشكيل حكومة انتقالية جديدة، يكون لهم نصيب مؤثر فيها، على أن تقوم هذه الحكومة بتنفيذ بنود القرار الأممي، مما يعني إلغاء شرعية حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، و"شرعنة" انقلابهم وسيطرتهم على مؤسسات الدولة.

 

ونقلت مصادر يمنية أن الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام جدد الأربعاء الماضي خلال جلسة مشتركة مع مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد رفض الاعتراف بشرعية الرئيس هادي، وعدم قبولهم تسليم السلاح الثقيل والمتوسط إلى الدولة.

 

وكان صالح جدد أيضا في مقابلة متلفزة عدم الاعتراف بشرعية هادي، ورحب بعودة نائبه المقال ورئيس الحكومة السابق خالد بحاح إلى صنعاء، على أن يتولى خلال ثلاثة أشهر بحكومته السابقة التجهيز لانتخابات رئاسية ونيابية، دون أن يتطرق إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن وإنهاء الانقلاب على الشرعية.

 

تكنيك
ويبدو أن مشاورات الكويت تسير نحو طريق مسدود، في ظل ممارسات وفد الحوثيين وصالح، واتباعهم تكنيكا يهدف إلى الإغراق في التفاصيل الهامشية، وكسب مزيد من الوقت من أجل تغيير المعادلات الميدانية على الأرض.

 

ورأى الباحث السياسي اليمني توفيق السامعي أن المماطلة في المباحثات السياسية من قبل المليشيات الحوثية نهج اعتادت عليه منذ نشأتها، وهو أسلوب إيراني يأخذ سياسة النفس الطويل، أرادوا من خلاله كسب الوقت حتى يكسبوا عسكريا بجبهات القتال.

 

وأشار إلى أن المليشيات الحوثية عززت خلال فترة الهدنة مقاتليها وأسلحتها على الأرض، ودفعت بكثير من السلاح والمقاتلين إلى جبهتي نهم (شرق صنعاء) وصرواح (غرب مأرب)، وبكثافة باتجاه مدينة تعز، مستغلة وقف الطلعات الجوية للتحالف العربي.

 

وأكد السامعي في حديث للجزيرة نت أن "اللعب على عامل الوقت من قبل الحوثيين هو صورة مكررة لأحداث الانقلاب عام 2014، وبمباركة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، اللتين تواطأتا مع الانقلابيين، فضغطت على الشرعية بعدم المواجهة وأفسحت المجال للمليشيات الانقلابية للسيطرة على مؤسسات الدولة والمدن اليمنية".

 

من جهته، يؤكد المحلل السياسي محمد شمسان أن الإدارة الأميركية ومعها دول غربية تضغط على الحكومة اليمنية الشرعية لتقديم التنازلات في مشاورات الكويت، بينما لا يلاحظ أي ضغوط على الحوثيين وصالح.

 

ولفت شمسان إلى أنه منذ انطلاق المشاورات في الكويت فإن وفد الحوثيين وصالح لا هم لهم سوى وقف طيران التحالف العربي، وكل هذا يجري أمام سفراء الدول الـ18 الراعية للعملية السياسية باليمن وفي مقدمتها أميركا، التي وجدت في إيران حليفا مهما يحقق لها ما تريد الوصول إليه في المنطقة وبأقل التكاليف.

 

وكانت المشاورات السياسية بين الحكومة الشرعية والحوثيين بدأت في الكويت في 21 أبريل/نيسان الماضي برعاية الأمم المتحدة للبحث في آلية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.

زر الذهاب إلى الأعلى