مبادرات إنسانية طموحة في زمن الحرب
دفعت الأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن بمجموعة من الشباب في العاصمة صنعاء إلى إطلاق مبادرة “رواد الإنسانية“، التي تسعى للحد من معاناة المواطنين وتطوير العمل التطوعي.
انطلقت المبادرة في آذار/مارس الماضي، من خلال تعاون 16 طالباً وطالبة من طلاب قسم الخدمة الاجتماعية في جامعة صنعاء. وهدف المبادرة هو “مساعدة الفئات المستضعفة وتطوير العمل الاجتماعي وتعزيز روح الانتماء والولاء في أوساط الناس والشباب تجاه مجتمعاتهم”، حسب قول عصام الأحمدي، نائب مدير المبادرة والمسؤول الإعلامي، لموقع (إرفع صوتك).
مساعدة أكثر من 50 أسرة
نازحون ومرضى معسرون وأسر وأطفال متضررون وفقراء ومعاقون وشباب، تلك أبرز الفئات المستهدفة ضمن أنشطة المبادرة التي يتحدث القائمون عليها عن نجاحات قياسية.
يقول الأحمدي، وهو طالب في السنة الثالثة تخصص خدمة اجتماعية “رغم العراقيل، ساعدنا أكثر من 50 أسرة غالبيتهم نزحوا إلى صنعاء بسبب الحرب. وفرنا لهم مواد غذائية وطبية وإعانات مالية وإيجارات مساكن تكفل بها فاعلو خير، ومعظمهم تجار بعد أن قمنا بمخاطبتهم بشأنها”.
وإلى جانب الدعم النفسي والاجتماعي، وفرت المبادرة مبالغ مالية لأرباب أسر أسسوا مشاريع صغيرة توفر فرص عمل تمكنهم من العيش، وفقاً للمتحدث ذاته.
عدالة اجتماعية
تسعى المبادرة جاهدة للتواصل مع المنظمات المدنية المحلية والدولية، لتفعيل دورها المجتمعي.
“يجب أن تساهم هذه المنظمات في تحقيق عدالة اجتماعية وتنمية مستدامة. لا يزال دورها غائبا أو محدودا في هذا الجانب”، وفقاً للأحمدي الذي يضيف “نبذل جهوداً كبيرة، حتى الآن أقنعنا منظمة أنقذوا الأطفال (Save the Children) بالتعامل معنا”.
ساعدوني وشجعوني
سامية عبدالله نعمان، 37 عاماً، إحدى النساء الأرامل اللواتي نزحن وأطفالهن من مدينة تعز إلى صنعاء قبل أكثر من 10 أشهر بسبب الحرب المستمرة هناك، تقول لموقع (إرفع صوتك) إن “رواد الإنسانية وفروا لنا فرش وبطانيات وملابس للأطفال وأدوات منزلية، وشجعونا نفسياً”.
وتضيف الأم لطفلين، ترعى إلى جانبهم أولاد شقيقتها، من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعددهم أربعة أطفال “قدموا لنا أيضا ثلاثة كراسي متحركة لأطفال أختي المعاقين. وهذا ساعدني كثيراً في رعايتهم”.
صعوبات وطموحات
لم يكن الطريق معبداً بالورود أمام هؤلاء الطموحين لتحويل مبادرتهم إلى منظمة مجتمع مدني رسمية، واسعة الانتشار.
“نغطي نفقات فريق المسح الميداني المشكل من أعضاء المبادرة، وبعض الأعمال الإدارية باشتراك رمزي يدفعه الأعضاء، وغالباً يتكفل كل عضو بمصروفاته. في ظل عدم وجود مصدر تمويل ثابت ونقص الإمكانيات أبرز الصعوبات التي تواجهنا”، يقول عصام الأحمدي.
ويتابع أنهم سيسعون على المدى المتوسط لإقامة ورش تأهيل تُحفز الشباب لنشر ثقافة العمل التطوعي والإنتاج لاستثمار طاقاتهم، بدلاً من أن يصبحوا فريسة سهلة بيد الجماعات المتطرفة.
“الحكومات اليمنية المتعاقبة غائبة عن هذا”، يضيف الشاب.
عشرات المبادرات
ظهرت منذ الأشهر الأولى للحرب الدائرة في اليمن عديد من المبادرات الفردية والجماعية من هذا النوع، لمساعدة ضحايا الصراع المستمر، وأبرزها: تكافل إنسان، الفقراء الجدد، معاً نحيا، كن إيجابياً، وحملة الرأفة، وكسر حصار تعز، وتحالف أمم، ووجوه وسلام وغيرها.
دون السقوط نحو الحضيض
يقول محمد الأسعدي، الذي ساهم في إنشاء ودعم عدد من المبادرات أن مبادرته “الفقراء الجدد” التي أطلقها منتصف أيار/مايو 2015، وفرت مواداً غذائية وملابس ومعونات نقدية لأكثر من 1500 أسرة يمنية تعطلت أعمالهم أو اضطروا للنزوح من مدن تعز وصنعاء وحجة وصعدة، إلى قراهم أو مناطق أكثر أمناً. يتابع “شملت المعونات أسراً في محافظات إب والحديدة وعمران وغيرها”.
“ملايين اليمنيين انضموا للفقراء، لدينا كارثة حقيقية“، قال الأسعدي لموقع (إرفع صوتك) مضيفاً “مئات المتبرعين الفرديين ساهموا في الدعم، وهم يمنيون وخليجيون وآخرون من النرويج وبلدان أخرى. نحن كمتطوعين نستلم المعونات ونوزعها من دون أي أجور”.
ويؤكد أن “هذه المبادرات شكلت رافعة في الاحتياجات الإنسانية، لحفظ الناس -ما أمكن- من السقوط نحو الحضيض، خصوصاً النازحين”.