أيام حاسمة في المشاورات اليمنية بانتظار خطة دولية
لم يدم توقف جلسات المشاورات اليمنية طويلاً، بعدما عادت أمس الإثنين، استعداداً لتحول هام يتمثل بطرح مشروع اتفاق أعده المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد، بالتشاور مع سفراء الدول الـ18، وفي مقدمتها الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي.
وتوضح مصادر قريبة من أروقة المشاورات، أن الجلسات عادت عصر أمس الاثنين بجلسة على مستوى رؤساء الوفدين، بعدما اقتصرت لقاءات الأيام الماضية على نطاق دبلوماسي بعيداً عن الجلسات والمحادثات مع المشاركين، وذلك لوضع اللمسات النهائية في الخطة الأممية التي ستقدم كحل شامل للأزمة في اليمن. وتعذر توافق الطرفين على أي من القضايا خلال المشاورات التي تقترب من شهرين على انطلاقتها.
وتشير المصادر إلى أن الخطة الأممية ستمثل مبادرة دولية من المتوقع دعمها بقرار من مجلس الأمن، وجاءت بعد مباحثات مكثفة للمبعوث الأممي مع سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ودول الخليج بما في ذلك السعودية التي سيكون لها تأثير محوري على قبول الوفد الحكومي لهذه الخطة، مثلما أنها ستكون مفروضة بالإجماع الدولي على الانقلابيين.
وفي حين لم يكشف حتى اليوم، رسمياً عن تفاصيل الخطة الأممية، توضح مصادر سياسية يمنية قريبة من المشاركين في "العربي الجديد"، أن أبرز نقاطها طُرحت بصيغة أو بأخرى خلال الجلسات التي عقدها المبعوث الأممي مع كل وفد على حدة، على مدى الأسبوعين الماضيين. ووفقاً للمصادر، من أبرز هذه النقاط تشكيل لجنة أمنية وعسكرية عليا، تشرف على مختلف الإجراءات المطلوب تنفيذها لإنهاء الحرب والانسحاب من المدن، وتسليم مؤسسات الدولة.
ويختلف الطرفان، في شكل وأولويات مهام اللجنة العسكرية المتوقع أن تطرحها الخطة، إذ يطالب الانقلابيون بتشكيلها من جميع الأطراف بشكل توافقي، بحيث تضم أعضاء عن جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائها، تحديداً المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وآخرين عن الحكومة وبعض دول التحالف، بالإضافة إلى مشرفين من الأمم المتحدة. في المقابل، يطالب الجانب الحكومي بأن تكون اللجنة مؤلفة بقرار من الرئيس عبدربه منصور هادي وبإشراك دول التحالف والجانب الأممي.
كما تتحدث التسريبات أن الخطة الأممية المرتقبة، تتضمن تشكيل حكومة توافقية، غير أن ذلك يكون بالتزامن أو بعد انسحاب الحوثيين من العاصمة صنعاء وتسليم مؤسسات الدولة فيها، أو ما يسميه المقترح الأممي الأولي بالنقطة "أ".
ومن المتوقع أن يبقي المقترح على الرئيس عبدربه منصور هادي لمرحلة انتقالية مزمنة أو محددة بالانتهاء من الإجراءات، على أن تكون قراراته توافقية، وفقاً لما أفادت به مصادر قريبة من الحوثيين، ما لم يكن هناك مقترحات طارئة في هذا الصدد.
واستبق طرفا المفاوضات طرح الخطة الأممية المدعومة دولياً برفع سقف المطالب، إذ أعلن الحوثيون وحزب المؤتمر المتحالف معهم أن أي حل لا يشمل التوافق على الرئاسة والحكومة وينهي التدخل العسكري للتحالف، لن يكون حلاً مقبولاً.
في المقابل، تحدثت مصادر حكومية عن عودة المشاورات إلى الصفر، وأكدت القيادة اليمنية دعمها للوفد الحكومي ب"النهج المتمسك بالثوابت".
يشار إلى أنه مع اقتراب المفاوضات من شهرين على انطلاقها لم تحقق الجلسات المباشرة وغير المباشرة بين الوفدين أي تقدم، باستثناء الاستماع إلى الرؤى المقدمة من الطرفين، حول الملفين الأمني والسياسي. وهو الأمر الذي ظهر فيه اختلاف جوهري، إذ تطالب الحكومة بالانسحاب من المدن وتسليم مؤسسات الدولة قبل الدخول في أي نقاشات سياسية. في المقابل يعتبر الانقلابيون أن الانسحاب وغيره من الإجراءات مقرون بتشكيل حكومة توافقية يكونون جزءاً منها وتتولى الإشراف على مختلف الإجراءات.
وكان المبعوث الأممي أشار في بيانات سابقة إلى فحوى الخطة الأممية التي قال إنها تمثل إطاراً استراتيجياً لحل الأزمة في البلاد، إذ إنها مستوحاة من رؤيتي الوفدين وتضم مقترحات تقلّص التباعد بينهما، وتتطلب تنازلات من كلا الطرفين.
وفيما كانت الخلافات الأساسية حول تراتبية القضايا، توفق الخطة الأممية بين المقترحات بجعلها غير متسلسلة بالضرورة، ومتزامنة في آنِ.
وعلى الرغم من الاختلافات، يجمع الكثير من السياسيين والمحللين اليمنيين على أن المجتمع الدولي يبقى صاحب القرار الأول، نتيجة الإجماع الذي يحظى به الملف اليمني، على مستوى دول في مجلس الأمن، وكذلك في ظل الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام بما فيها التدخل العسكري العربي بقيادة السعودية. وهو الأمر الذي من المتوقع معه أن تُفرض أي خطة دولية على الأطراف المختلفة رغم الاختلافات العميقة في الرؤى المقدمة منها.