الغش... بوابة النجاح الأضمن في اليمن
ازدادت وتيرة الغش في الامتحانات وتطورت أساليبه وطرقه في المدارس اليمنية كنتيجة طبيعية لغياب الدولة وتراكم المشاكل التي تعاني منها وزارة التربية والتعليم الناتجة عن الحرب والتراجع الاقتصادي وغياب الخدمات العامة في البلاد.
ولم تعد هذه الظاهرة محط اهتمام المجتمع اليمني كما كانت في السابق، فقد انحسرت جهود مواجهتها وقل النقد الإعلامي لها ليكون ذلك سبباً في لامبالاة المدرسين وإحباط الطلاب المجتهدين وقبول بعض أولياء الأمور بالتعايش معها بل ومساعدة أبنائهم على الغش بحسب ولي الأمر عبدالكريم العودي.
يقول العودي بأنه لم يتخيل قط أن يأتي زمان يرى فيه أولياء الأمور أمام بوابات ونوافذ اللجان الامتحانية يتحينون الفرصة لمساعدة أبنائهم في الامتحانات عن طريق إدخال الإجابات لهم. مشيراً إلى أن هذه الظاهرة ازدادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
الغش والإحباط
وعن ابنه يقول العودي بأن "الإحباط أخذ مأخذه من ابني ماجد الذي بلغ مستوى الثانوية فلقد خفت وتيرة مذاكرته كثيراإ منذ بداية العام بعد أن استمع إلى الكثير من الحالات المحبطة من تجارب من حوله من الجيران والأصدقاء خلال العام الماضي".
مشيراً إلى أن ابنه كان من المجتهدين وحاز على مرتبة متقدمة في مدرسته العام الماضي. لكنه اليوم "لم يعد يثق بمصداقية المدرسة والتعليم بشكل عام بعدما شاهد كثيراً من زملائه يحصلون على درجات مرتفعة بالغش أو عن طريق العلاقات والرشاوى".
من جانبها، تؤكد طالبة الثانوية العامة أسماء الخولاني، بأن زميلاتها أصبحن يتفنن في ابتكار وسائل الغش والاحتيال في الامتحانات. تقول: "إحدى زميلاتي كانت مهملة جداً.
وتزوجت العام الماضي قبل بدء الامتحانات بأسبوع ولم تمتحن معنا. وبعد عرسها بشهر، قام زوجها ببعض الإجراءات المطلوبة ليدخل اسمها ضمن أسماء الطالبات النازحات من المناطق المتضررة من الحرب واللاتي طلبن عقد امتحانات متأخرة لهن".
مؤكدة بأن زميلتها أخبرتها بأن معظم الممتحنات لم يكن نازحات، كما أنهن خضن الامتحان معتمدات على برنامج الواتساب في حل الأسئلة وسط تجاهل متعمد للمراقبين اعتباراً لظروف النازحات اللاتي افترضوا أنهن لم تسمح لهن ظروف الحرب في مناطقهن بالمذاكرة طوال العام".
أشكال الغش
وتتنوع أشكال ومظاهر الغش في الامتحانات المدرسية بين اقتحام مراكز الامتحانات من قبل الأقارب والأصدقاء، وتسرب دفاتر الإجابات إلى خارج قاعات الامتحانات، أو تسرب أسئلة الامتحانات قبل بدئها، ودخول الكتب والأوراق وأجهزة التلفون وتركيب سماعات على الأذن والكتابة في أماكن مختلفة من الجسد وأحياناً الملابس.
ولا يسلم الأمر من الاعتداءات على رؤساء اللجان والمراقبين بقاعات الامتحانات بحسب التربوي محمد الوصابي. فكثير من الطلاب المختبرين أو بعض أهاليهم يقومون بالاعتداء على أي مدرس يرفض السماح لهم بممارسة الغش.
يقول: "تم الاعتداء على أكثر من مدرس خلال السنوات الماضية في العاصمة صنعاء لأنهم رفضوا السماح للطلاب بالغش، بل أن بعض الطلاب تهجم على المراقبين بالأسلحة النارية بعد انتهاء الامتحانات". مشيراً إلى أن الطالب أصبح اليوم يرى بأن الغش حق له ولا يجب مصادرة هذا الحق لأنه يمارس في مختلف المدارس.
ويرى الوصابي أنه بالإمكان التغلب على ظاهرة الغش إذا ما وجدت الدولة واستطاعت الأجهزة الأمنية تعزيز تواجدها وسيطرتها على كل مفاصل الدولة، إلا أنه يحذر من خطورة ما وصفه ب "تماهي" أولياء الأمور مع هذه الظاهرة وقبولهم بها كوسيلة للنجاح.
يضيف: "كل ولي أمر يساعد ابنه على الغش فهو يقضي على مستقبل ابنه تماماً". مطالباً أولياء الأمور أن يحرصوا على عدم اعتماد أبنائهم على الغش في الامتحانات ليكونوا قادرين على تجاوز مرحلة ما بعد الثانوية والنجاح في حياتهم العملية.